أكد القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان، أن توقيت المجازر الإسرائيلية الأخيرة، ومنها مجزرة خيام النازحين برفح، هو إعلان تحدٍّ من حكومة الاحتلال لقرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة التي أمرت بوقف العملية العسكرية في مدينة رفح.
وقال حمدان، خلال مؤتمر صحفي لحركة "حماس" مساء اليوم الاثنين، لمواكبة تطورات العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد قطاع غزة: دمَّر الاحتلال المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، وكافة المرافق المدنية، ولاحق النَّازحين إلى أماكن نزوحهم، وأحرق خيامهم، ومنع عنهم كل مقوّمات الحياة الإنسانية، وأمعن في حرب التجويع والتهجير والإبادة الجماعية".
وأكد أن المجازر التي ينفذها الاحتلال ضدَّ المدنيين والأبرياء هي في مناطق صنّفها الاحتلال نفسه بأنها آمنة، "ما يدلّل على إصراره وتعمّده ارتكاب هذه المجازر، ومحاولاته اليائسة تهجير أبناء شعبنا، عبر سوق الأكاذيب والادّعاءات من أجل تبرير جرائمه المروّعة بحق المدنيين".
وقال إن المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية "لوضع حدّ لهذه الغطرسة الصهيونية"، ووقف عدوان هذا "الكيان المارق" الذي يحاول فرض نفسه قوةً فوق القانون الدولي، وفوق المحاسبة على جرائمه ومجازره، برعاية من الإدارة الأمريكية الشريكة في كلّ هذه الجرائم.
وأشار إلى أن "محرقة الخيام" في رفح تأتي للتغطية على الفشل الاستراتيجي والميداني لجيش الاحتلال "المهزوم منذ السَّابع من أكتوبر، وتلقّيهم الضَّربات الموجعة والمتتالية".
وشدد على أن هذه المجزرة "محاولة انتقامية من العدو الصهيوني وجيشه المهزوم والمدحور بإذن الله قريباً، بعد عجزهم عن مجابهة رجال الله أولي البأس الشديد الرّجال الرّجال.. من أبطال كتائب القسَّام وفصائل المقاومة الفلسطينية مقاومي شعبنا الأبطال في ميادين المعركة".
وفند حمدان ادّعاء الاحتلال بوجود مسلّحين في مكان المجزرة أثناء تنفيذها، مبينا أنه "ادّعاء وقح وكاذب"، تدحضه صور جثامين المدنيين الشهداء من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أنَّ المنطقة تقع غرب رفح وهي بعيدة عن منطقة عمليات الاحتلال وتوغله في رفح.
ورفض ادّعاء الاحتلال بأنَّ هذا العدوان جاء وفق "القانون الدولي"، معتبرا ذلك افتراء على القانون الدولي واستخفاف به.
وقال أن هذه الجريمة تؤكد للعالم وبشكل قاطع "حقيقة سلوك الكيان الصهيوني الذي تمرّس على الاستهتار بالقوانين وانتهاك كل المواثيق والأعراف الدولية، والتهرّب من المساءلة القانونية بدعم من الإدارة الأمريكية".
وحمّل حمدان الإدارة الأمريكية ورئيسها بايدن شخصياً، المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة البشعة بحقّ النازحين في رفح، وعن كافة جرائم الاحتلال في قطاع غزَّة، وذلك باستمرارها بتوفير الغطاء السياسي والعسكري للاحتلال، ومواصلة إمداده بالعتاد العسكري، والقنابل التي تقتل يومياً العشرات من الأطفال والنساء والمدنيين.
ولفت إلى أنه وعلى مدار 234 يوماً من العدوان لم يحقّق الاحتلال وأركان حربه، أيًّا من أهدافهم العدوانية، سوى ارتكاب كلّ أصناف الإبادة الجماعية بحق أكثر من مليوني مواطن فلسطيني.
وقال إن الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة لا يزال ثابتاً على أرضه "صابراً محتسباً مرابطاً رغم الآلام والجراح والقهر والظلم، ملتحماً مع مقاومته الباسلة".
وأضاف أن "بطولات كتائب القسَّام وسرايا القدس وفصائل المقاومة المستمرة في التصدّي الأسطوري لجيش الاحتلال في كافة المحاور من قطاع غزة، تكذب مزاعم الصهاينة بضرب المقاومة في غزَّة أو ردعها، وتؤكّد مجدّداً أنَّ رجالها الأبطال يديرون معركة طوفان الأقصى بكل قوَّة وبسالة وحكمة واقتدار".
وشدد على أن التصعيد العسكري للاحتلال عبر ارتكاب المزيد من المجازر لن تفلح في ممارسة الضغط من أجل تحقيق أيّ نصر، "وليس لهذا العدو الصهيو-نازي إلا الرّضوخ والاستجابة لشروط المقاومة".
وأضاف أن الاحتلال لن يستعيد أسراه لدى المقاومة إلاَّ وفق شروط المقاومة التي قُدّمت للوسطاء في مصر وقطر، عبر صفقة حقيقية وجادة، وكلّما تأخّر الاحتلال وداعموه عن هذا الاستحقاق، فقد المزيد من أسراه حياته على يد جيشهم وبالقصف الإسرائيلي وبالصواريخ الأمريكية.
وقال: "استمرار التهرّب والمماطلة واستمرار القصف والعدوان، يعني أنَّ أسراهم قد لا يعودون إلاّ جثثاً، وربَّما لا يعودون".
وحول ما يتم تداوله بخصوص المفاوضات، أكّد حمدان أنَّه "لم يصلنا شيء من الوسطاء"، و"المطلوب بشكل واضح هو وقف العدوان بشكل دائم وكامل في كلّ قطاع غزَّة، وليس في رفح وحدها، وهذه نقطة الارتكاز، ونقطة البداية".
وقال إنَّ المجتمع الدولي، مطالبٌ اليوم باتخاذ موقف واضحٍ بإدانة جرائم الاحتلال ورفضها، وبإنهاء هذا العدوان، وتجاوُز الإرادة الأمريكية وضغوطها، وإنَّ على مجلس الأمن الدولي إصدارُ قرارٍ بإنفاذ أوامر محكمة العدل الدولية، بوقف العدوان فوراً، وإدخال كافة المساعدات الإنسانية والوقود والمستلزمات الطبية، "وإنهاء هذه المأساة الإنسانية التي صنعتها آلة الاحتلال الحربية الفاشية".
كما دعا المجتمع الدولي إلى ترجمة قرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية إلى عقوبات ضدَّ إسرائيل، وعلى رأسها وقف التّمويل بالسّلاح والعتاد العسكري.
وقال: "لقد باتت الصهيونية مرادفاً للنَّازية، ومكافئاً لها، ولا بدَّ من وضعها قانونياً وسياسياً في ذات الخانة والمرتبة".
وأكد أن معبر رفح هو معبر مصري - فلسطيني خالص، وإنَّ الاعتداء عليه أو احتلاله من جيش الاحتلال "هو انتهاك لسيادة وأمن واستقرار مصر الشقيقة، ويعمّق المأساة الإنسانية لأهلنا في قطاع غزَّة".
وجدّد حمدان الدعوة إلى مصر للعمل على إلزام الاحتلال بالانسحاب من معبر رفح، وإعادة فتحه أمام حركة المواطنين والمساعدات دون قيد أو شرط، والعمل بشكل عاجل على إخراج الجرحى للعلاج، لأن المنظومة الصحية في قطاع غزة في حالة انهيار كامل.
ودعا الجماهير الفلسطينية في الضفة والقدس والداخل المحتل، إلى "الانتفاض نصرة لأبناء شعبنا في غزة، والاشتباك مع قوات الاحتلال، وتفعيل وسائل المقاومة كافة".
وختم حمدان بتوجيه التحيَّة للمقاومين على جبهات الإسناد كافة، في لبنان واليمن والعراق، مؤكَّدا "أنَّ ملحمة البطولة التي يخوضونها دعماً لأهلهم وإخوانهم في غزَّة، تُشكّل محطة تحوّل نوعية لصالح قضيتنا ومقاومتنا وصمود شعبنا، بل ونهضة أمَّتنا على طريق تحرير القدس وفلسطين بإذن الله".
ودعا الجماهير العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى تكثيف الحراك والفعاليات المنددة بحرب الإبادة، والضغط لقطع كافة العلاقات مع إسرائيل.