تعاني العديد من فئات المجتمع في قطاع غزة من أوضاع مأساوية صعبة للغاية في ظل حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" للشهر الثامن على التولي، فيما تزداد معاناة الفئات المهمشة والضعيفة كالأطفال الأيتام وزوجات الشهداء الأرامل، حيث يعيش معظمهم في ظروف قاسية لا تتوافر فيها أبسط حقوقهم في الرعاية والأمان والصحة والتعليم، وكل مقومات العيش الكريم التي تنص عليها المواثيق الدولية وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل.
ومن بين الحجارة والركام، ومن بين ثنايا الألم والأمل، وفي منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة يحاول الناشط والأستاذ محمود كلخ جاهداً للتخفيف من معاناة هذه الفئات، بعد أن قرر إنشاء مخيم خاص بهم لإيوائهم.
وتشير تقديرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تقرير لها في 17 ابريل/نيسان الماضي، إلى أن الحرب قتلت أكثر من 10 آلاف امرأة في غزة، من بينهن نحو 6 آلاف من الأمهات تركن وراءهن حوالي 19 ألف طفلاً يتيماً.
مبادرة خيرية
ويقول مدير المخيم محمود كلخ، إن المخيم الأول الذي تم تدشينه ويحمل اسم "مخيم البركة" جاء كمبادرة خيرية في منتصف يناير/كانون ثاني من العام الجاري، ويضم نحو 70 عائلة.
ويبين كلخ في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن فكرة إنشاء المخيم انطلقت من الحاجة الملحة لإيواء ورعاية الأطفال الأيتام وزوجات الشهداء، واللواتي يواجهن صعوبة بالغة في توفير خيمة للإيواء حيث تم إيجاد قطعة الأرض، وشراء كل ما يلزم من قواطع خشبية وشوادر وفرش وإضاءة ودورات مياه، وذلك بمساهمات فردية من فاعلي خير.
كل خيمة قصة وحكاية
ويشير كلخ، إلى أن فئة الأيتام التي يضمها المخيم أغلبهم عبارة عن قصص إنسانية مؤلمة، وكل خيمة قصة وحكاية، حيث أن إحدى السيدات التي تقيم في المخيم كان لها ولدين وسبعة من البنات استشهد زوجها وابنيها الذكور وبقيت وحيدة مع بناتها السبعة، وأخرى فقدت أبويها وأخوتها، وثالثة فقدت ابنها الوحيد والكثير الكثير من القصص والأوجاع التي لا تنتهي.
ويلفت كلخ، إلى أنه جاري العمل على إنشاء مخيم آخر للأيتام أيضاً في منطقة المواصي سيضم حوالي 200 خيمة، تحت اسم "مدينة الأيتام".
ويضيف، أن مخيم البركة يراعي خصوصية كاملة للنساء والأطفال، حيث تم تخطيطه بما يضمن وجود مساحات مفتوحة للهو ولعب الأطفال، ويتم توفير الاحتياجات الأساسية للأسر من طعام وشراب، وكهرباء دائمة وغيرها لضمان توافر معايير الصحة والنظافة.
ويشير، إلى أنه يتم مساعدة المرضى على تلقي الرعاية الصحية والخدمات الدوائية من خلال توفير نقطة طبية في المخيم، وكذلك أنشطة ترفيهية شبه يومية للأطفال ولزوجات الشهداء وحلقات لتحفيظ القرآن وعيادة للدعم النفسي.
ويعرب كلخ، عن طموحه بأن يزداد دعم هذه المبادرات وهذه الفئات الضعيفة والمهمشة على وجه الخصوص وصولاً لمدينة كاملة للأيتام لإيواء كل يتيم أو زوجة شهيد في قطاع غزة، يتوفر فيها كل الاحتياجات الأساسية.