الساعة 00:00 م
الأربعاء 26 يونيو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.74 جنيه إسترليني
5.27 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.74 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

50097 طالبا يبدؤون اليوم "امتحان الثانوية العامة"

بالصور "بين الغربة والحرب".. أضواء عيد الأضحى تتلاشى في عيون مغتربي غزة

حجم الخط
عيد الأضحى في غزة
بروكسل/غزة - إيمان شبير - وكالة سند للأنباء

في كل عيد أضحى، كانت تتجلى الفرحة في عيون المغتربين عندما يتلقون صور الأضاحي وزيارات الأقارب من أهاليهم في غزة، كانوا يتشبثون بكل لحظة يمكنهم من خلالها العيش في تلك الأجواء المفعمة بالبهجة والدفء العائلي، حتى ولو كانوا على بعد آلاف الأميال، كانوا يشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من تلك اللحظات، يتنفسون عبق الأرض ويستشعرون تفاصيل الأعياد، وكأنهم لا يزالون يعيشون في قلب الوطن.

لكن هذا العيد، فإن الحال مختلف، الحرب القائمة في غزة أطفأت كل ملامح الفرحة التي اعتاد المغتربون عليها، المشاهد التي كانت تُنعش قلوبهم بالحنين لم تعد متاحة، وحلّ محلها صوت القذائف وصور الدمار، باتت الاتصالات معدومة، والقدرة على التواصل مع الأهل أصبحت أمنية بعيدة المنال، يجد المغتربون أنفسهم في حالة من الحيرة والقلق، قلوبهم ممزقة بين الغربة وغياب الأخبار عن أحبائهم. لا يستطيعون أن يعرفوا كيف حال أهلهم، وما إذا كانوا بأمان أم لا.

وفي إطار إعداد هذا التقرير، أجرت "وكالة سند للأنباء" سلسلة من المقابلات مع المغتربين الذين شاركوا مشاعرهم وتجاربهم الخاصة في هذا العيد المختلف، واستمعت إلى حكاياتهم، وعرفت كيف يواجهون تلك التحديات، وما الذي يعنيه لهم عيد الأضحى وهم بعيدون عن أهاليهم في غزة.

عيد 3.jfif

"عيدٌ بلا بهجة"..

الحنين إلى الأجواء العائلية والاحتفالات البسيطة في غزة أصبح أشبه بالحلم الذي يتبدد تحت وطأة الأحداث الراهنة، ففي كل بيت مغترب، هناك قلب يخفق بالحزن والقلق على الأهل الذين يعيشون وسط القصف والدمار.

تقول الشابة المغتربة آية إياد الطيب، "كل شيء في هذا العيد مُختلف ولأكن أكثر دقّة فكل شيء في هذا العام مُختلف تغيرت الكثير من مفاهيمي عن الحياة وعن المبادئ، فالوضع في غزة انعكس على كامل حياتي وأيامي، فلا حياة هانئة ما دام الأهل في غزة تحت النار، سواء في عيد الأضحى أو من قبله عيد الفطر ورمضان المبارك".

وتُكمل "الطيب"، "نحن في الغربة وأخص بكلامي "بلجيكا" البلد التي أعيش فيها، نحن بالعادة وخلال السنوات السابقة كنّا نختلق أجواء العيد ونصنعه بنفسنا لأنه لا مظاهر عامة للعيد في أوروبا في بلد غير إسلامي، ولكن الآن ومع أحداث الحرب التي لا زالت مشتعلة في بلادي فإن أجواء العيد معدومة تمامًا حتى زيارات للأصحاب معدومة، فكل بيت فيه من الحزن ما يكفيه".

وتوضح ضيفتنا أنها من خلال مشاهدتها للعديد من الفيديوهات التي صوّرها الصحفيون أو حتى المواطنون ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ترى شعب غزة الذي يحب الحياة، ينتزع الفرح من وسط الألم. 

وتتابع قائلة: "في كل عيد، كنت أتواصل مع أهلي عبر خاصية الاتصال بالفيديو في واتساب، ويبقى الهاتف مفتوحًا بيني وبينهم حتى أشاركهم أجواء العيد، وأرى من يزورهم من الأقارب والأصدقاء. كنت أستغل هذه الفرصة لأهنئ زوّارهم وكأنني ما زلت معهم في نفس المنزل. واليوم، يمزق قلبي الأسى لأنني بالكاد أتمكن من الاتصال بهم عبر الهاتف العادي دون تقطيع أو تشويش في الصوت. لكن، أحمد الله على الأقل لأنني استطعت سماع صوتهم والحديث معهم."

"أمنيات عالقة"..

أمّا الشابة آية كحيل (26 عامًا) المتواجدة في دولة مصر لا يختلف حالها كثيرًا عن "الطيب"، إذ تسرد: "العيد يعني الفرح، ولكن لا يمكنني أن أشعر بأي فرح في ظل ما يحدث في وطني، الغريب أنني كنت أعلم أن العيد اقترب، ولكنني فوجئت بأنه لم يتبقَ له سوى يومين، بينما كنت أعتقد أنه لا يزال على بعد عشرة أيام أو أكثر".

ماذا عن الاختلاف في أجواء الاحتفال بين هذا العيد والعيد السابق؟، تُجيبنا: "لا يوجد في هذا العيد مجال للاحتفال أو للرقص والابتهاج، فقد امتلأت الساحات بالشهداء. في المقابل، كان عيد الأضحى في العام السابق مزدوجًا، إذ احتفلنا بالعيد وبمجيء شريك حياتي، الذي شاركني فرحتي وهنأني في حفل أخي أما الآن، فقد تم اعتقاله ظلمًا، واختفى هو وصديقه منذ شهر يناير هذا العام، ولا نعلم مصيرهما، هذا العيد مختلف تمامًا، فقد اقتصر على الشعائر الدينية فقط، ولا مجال للفرح فيه كما كان في السابق".

وتستطرد "كحيل"، في الحقيقة، جمال العيد يكمن في وجوه الأطفال وطلتهم البهية التي تملأ القلب فرحًا وتجعل الروح تغني، بهجة العيد تتجسد في رؤيتهم منشغلين بالألعاب والتسابق إلى المراجيح، وفي أن نجتمع حول مائدة الإفطار لنتبادل التهاني ونعجب بثياب العيد الجديدة لكل فرد من أفراد العائلة".

وتُكمل إجابتها "ضيفة سند" حول تفاصيل العيد في غزة قبل الحرب "العيد يعني تحضير الكعك والمعمول أو ذبح الأضاحي في عيد الأضحى، لكن هذا العيد، لا شيء من ذلك موجود. ما أحزنني وزاد قلبي ثقلًا هو عندما تحدثت مع ابن أخي عبر مكالمة فيديو وطلب مني شراء ثياب العيد له. في تلك اللحظة، تمنيت لو تختفي المسافات وينتهي الظلم فورًا على هذا الكوكب، لتعود للأطفال ضحكتهم التي سرقها هذا الكيان القاسي".

وتتابع، "جمال العيد في غزة يتمثل في الوجود بين الأهل والأحباء، في زيارة الأقارب، ومشاهدة الأطفال يلعبون ويركبون المراجيح في كل شارع من شوارع المدينة. أما الآن، فقد أصبحت غزة مكانًا يفتقر إلى الأمان، ويجدون أنفسهم محاصرين بالأمراض والجوع والخوف، وممتلئين بالكثير من الأمنيات العالقة بين "يا ليت" و"آمين".

وفي سؤالنا "العيد للمغترب يعني تواصل مع الأهل والأحباب، ما شعورك الآن في ظل عدم توفر وسيلة اتصال مع اشتداد الحرب؟، تُجيبنا بعد صمت: "بالنسبة للاتصال بالأهل، فهو بالتأكيد أمر صعب للغاية؛ فمعظم الأوقات لا يتوفر الإرسال أو لا يعمل الإنترنت بكفاءة لديهم، فإذا أردنا أن نهنئهم بالعيد، علينا أن نتوقع دقائق معدودة من الحديث المتقطع، الذي بالكاد نتمكن خلاله من فهم ما يقوله أحد أفراد العائلة".

عيد 1.jfif

أما الشابة المغتربة نور جميل أبو سل (29 عامًا) المقيمة في دولة بلجيكا، تقول: "في الأعوام السابقة، كانت فرحة العيد حاضرة في قلوبنا رغم غُربتنا، وحاولنا خلق أجواء لطيفة لأطفالنا، بينما في هذا العيد، نحاول أن نفعل نفس الشيء ونزرع في نفوس أطفالنا أن العيد هو من شرائع الله، خاصةً وأنهم يعيشون في مجتمع أوروبي، ولكن في نفس الوقت، نغرس فيهم حب الوطن ونعلمهم أن هناك أطفالًا يتألمون ويموتون، نحول مشاعر الحزن إلى دعاء لهم".

وفي سؤالنا، "هل هناك أي تحضيرات خاصة أو تقاليد تحافظين عليها للاحتفال بالعيد رغم الظروف الصعبة؟، تُجيبنا: "نعم، نقيم صلاة العيد معًا، وإذا كان لأطفالي مدرسة في هذا اليوم، أطلب الإذن من المدرسة للاحتفال بالعيد، وبالتأكيد لا أنسى فطور العيد، الذي كان له طعم خاص بين العائلة في غزة. فأصبح فطور العيد في الغربة من أجمل طقوسي، وبين كل هذه الأمور تظل غزة وأهلها حاضرون في أذهاننا".

وبعد تنهيدة حُبست في صدرها ودموع تساقطت على وجنتيها، تُعبّر "أبو سل": "غزة هي الروح، هي العشق الأبدي. العيد في غزة لا مثيل له، حيث يعكس وجه أبي الجميل وعطره المميز، وحب أمي الكبير وطبخها الذي تتغلغل رائحته في قلبي قبل أنفي! صباح العيد في غزة يختلف بنكهة القهوة العربية المُرّة التي تعدها أمي، وبأصوات الأطفال في كل مكان يهللون، وبإخوتي الشباب وهم يتزينون".

وتعبر ضيفتنا: "في الوقت الحالي أمسك هاتفي المحمول وأنتظر منهم مكالمة قد تفرح قلبي وتكون أول فرحة لي في العيد. منذ بداية الحرب، لم أرَ أهلي إلا مرتين، وفي كل مرة كانت ملامحهم قد تغيرت بشكل كبير.

كعك.jfif

47f66001-aee2-4ed6-837d-d440dc49fd33.jfiff022506d-42c3-4b26-a10c-20035c7dbbc9.jfif

5715c174-98c3-4c09-b512-3da59f24a187.jfif