حذر تقرير أصدرته مجلة (Thelancet) الطبية الدولية، من حصيلة صادمة لضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي بحيث قد تصل إلى 186 ألف بما في ذلك الوفيات غير المباشرة.
وبينما تقدر وزارة الصحة في غزة بأن أكثر من 38 ألف موطنا استشهدوا في حرب الإبادة الإسرائيلية، فإن الباحثين في المجلة الرائدة يعتقدون أن هذا الرقم من المرجح أن يكون أقل من الواقع نظرا لأن جمع البيانات في غزة أصبح صعبا على نحو متزايد.
وبحسب الباحثين فإن ما يصل إلى 186 ألف حالة وفاة أو أكثر يمكن أن تعزى إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك وفقاً لـ"تقدير متحفظ" يأخذ في الاعتبار الوفيات غير المباشرة.
إحصاء الضحايا في غزة: صعب لكنه ضروري
أبرزت المجلة أن وزارة الصحة تقدر بأن عدد شهداء غزة يتجاوز 38 ألف منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية وهي أرقام يدعمها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية
وتدعم هذه البيانات تحليلات مستقلة، تقارن التغيرات في عدد الوفيات بين موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بتلك التي أبلغت عنها الوزارة، والتي وجدت أن الادعاءات الإسرائيلية بتلفيق البيانات غير معقولة.
وذكرت المجلة أن عملية جمع البيانات أصبحت صعبة بشكل متزايد بالنسبة لوزارة الصحة في غزة بسبب تدمير جزء كبير من البنية التحتية في قطاع غزة.
وقد اضطرت وزارة الصحة إلى تعزيز تقاريرها المعتادة، استنادًا إلى الأشخاص الذين يستشهدون في المستشفيات أو يتم نقلهم شهداء، بمعلومات من مصادر إعلامية موثوقة ومن المستجيبين الأوائل.
وبالتالي، تبلغ وزارة الصحة في غزة الآن بشكل منفصل عن عدد الجثث مجهولة الهوية من إجمالي عدد الشهداء. واعتبارًا من 10 مايو 2024، كانت نحو 30٪ من حصيلة الشهداء مجهولة الهوية.
وبينما حاول الاحتلال الإسرائيلي مرارا التشكيك بعدد الشهداء في غزة وبمهنية الجهات الصحية والأممية، أكدت المجلة أن عدد الضحايا المبلغ عنه من المرجح أن يكون أقل بكثير من التقديرات الحقيقية المعلنة.
وتقوم منظمة "أيروورز" غير الحكومية بإجراء تقييمات مفصلة للحوادث في قطاع غزة، وكثيراً ما تجد أن أسماء الضحايا الذين يمكن التعرف عليهم ليست مدرجة في قائمة وزارة الصحة.
بموازاة ذلك يقدر بأن أكثر من 70% من المباني في قطاع غزة، دمرت أو تضررت بشكل بالغ، لذا فإن عدد الجثث التي لا تزال مدفونة تحت الأنقاض من المرجح أن يكون كبيراً، حيث تشير التقديرات إلى أن عددها يتجاوز 10 آلاف.
آثار صحية غير مباشرة
قالت المجلة إن الصراعات المسلحة لها آثار صحية غير مباشرة تتجاوز الضرر المباشر الناجم عن الهجمات العسكرية.
وبحسب المجلة فإنه حتى لو انتهى الصراع على الفور، فسوف يستمر وقوع العديد من الوفيات غير المباشرة في الأشهر والسنوات القادمة لأسباب مثل الأمراض الإنجابية والأمراض المعدية وغير المعدية.
ومن المتوقع أن يكون إجمالي عدد الضحايا كبيرًا نظرًا لشدة هذا الصراع؛ وتدمير البنية الأساسية للرعاية الصحية والنقص الحاد في الغذاء والمياه والمأوى؛ وعدم قدرة السكان على الفرار إلى أماكن آمنة؛ وفقدان التمويل لوكالة الأونروا، وهي واحدة من المنظمات الإنسانية القليلة جدًا التي لا تزال نشطة في قطاع غزة.
وفي الصراعات الأخيرة، تراوحت أعداد الوفيات غير المباشرة بين ثلاثة إلى خمسة عشر ضعفاً من أعداد الوفيات المباشرة.
وإذا طبقنا تقديراً متحفظاً لأربع وفيات غير مباشرة لكل وفاة مباشرة واحدة، فإننا سنجد أن هذا الرقم أعلى كثيراً من عدد الوفيات المباشرة المبلغ عنه في غزة.
وبحسب المجلة فإنه بالنظر إلى عدد الشهداء البالغ أكثر من 38 ألف، فليس من غير المعقول أن نقدر أن ما يصل إلى 186000 أو حتى أكثر من الوفيات يمكن أن تُعزى إلى الحرب الإسرائيلية في غزة.
وباستخدام تقدير عدد سكان قطاع غزة لعام 2022 البالغ 2375259 نسمة، فإن هذا الرقم المذكور من الضحايا من شأنه أن يترجم إلى 7.9٪ من إجمالي عدد السكان في القطاع.
واكدت المجلة أن وقف إطلاق النار الفوري والعاجل في قطاع غزة أمر ضروري، مصحوبًا بتدابير لتمكين توزيع الإمدادات الطبية والغذاء والمياه النظيفة وغيرها من الموارد لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
وشددت على أنه في الوقت نفسه، هناك حاجة لتسجيل حجم وطبيعة المعاناة في هذا الصراع. وإن توثيق النطاق الحقيقي أمر بالغ الأهمية لضمان المساءلة التاريخية والاعتراف بالتكلفة الكاملة للحرب. وهو أيضًا متطلب قانوني.
وتتطلب التدابير المؤقتة التي حددتها محكمة العدل الدولية في يناير 2024 من الحكومة الإسرائيلية "اتخاذ تدابير فعالة لمنع تدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بمزاعم الأفعال التي تندرج في نطاق اتفاقية الإبادة الجماعية".