يومٌ بعد يوم، يحاول الفلسطينيون بشتى الوسائل التغلب على حرب الإبادة الإسرائيلية والتي دخلت شهرها العاشر على التوالي، وخوض غمار الصراع من أجل البقاء باستغلال الوسائل المحلية الموجودة، ومن ضمنها التغلب على حرب التعطيش الإسرائيلية.

وتمكنت المهندسة ايناس الغول، من الوصول لمشروع لإيجاد حلول بديلة لحل مشكلة انقطاع مياه الشرب، عن طريق صناعة جهاز يعمل على تحلية مياه البحر عن طريق الطاقة الشمسية.

ويشهد القطاع حرب تعطيش حقيقية في ظل انعدام القدرة على تشغيل محطات التحلية، وخروج العديد من آبار البلديات عن الخدمة بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر الوقود، مع نزوح أعداد كبيرة من مدينة غزة وشمال القطاع، نحو الجنوب وتكدس أعداد كبيرة من الناس في المدارس ومراكز الإيواء.

فكرة المشروع

وتقول المهندسة الغول، إن المشروع عبارة عن فكرة قديمة منذ حوالي 40 عاماً، وقد بدأت على العمل به للحاجة الملحة للمياه في منطقة سكناها في "قيزان النجار" بمدينة خانيونس جنوب القطاع، من حيث عدم توفر مياه حلوة قريبة، وظهور مشكلة تملح الآبار وتملح المياه، وعدم وجود حل لمشكلة تملح المياه في قطاع غزة نهائياً.

وتضيف الغول في حديثها لـ"وكالة سند للأنباء"، أنها بدأت تظهر علامات موت بعض الأشجار بسبب ملوحة المياه أيضاً، مشيرة إلى أنه كانت لديها فكرة لإقامة حديقة فوق سطح منزلها والتي تحتاج لمياه حلوة نظيفة، وكذلك توفير مياه حلوة لها ولعائلتها أيضاً.

ولفتت، إلى أنه في الآونة الأخيرة بدأت تظهر في المياه الحلوة والتي يتم شرائها ظهور بعض الطحالب بمعنى أنها ملوثة، ما دفعها للتفكير بحل للخروج من هذه الأزمة.

وتبين الغول، أن مشروعها الجديد جرى تنفيذه أيضاً في مخيم إيواء للأيتام في مدينة خانيونس، وكانت تستفيد منه شريحة كبيرة من المواطنين، وكذلك العديد من الجيران.

آلية عمل المشروع

وتوضح، أن آلية عمل المشروع عبارة عن جهاز طاقة شمسية وعمليات تبخير خفيفة للمياه عن طريق بعض المعالجات الكيميائية، لافتةً إلى أن مشروعها أيضاً يعمل على تحلية مياه البحر، ويزيل منها أي ترسبات أو أملاح بشكل كامل.

واستطردت: "عملت أيضاً على إنشاء مشروع الطباخ الشمسي في ظل ارتفاع أسعار الغاز، ولجوء المواطنين لاستعمال الحطب والذي يعد من ملوثات البيئة، حيث تقوم فكرة المشروع على تصويب المرايا على صواني الطعام التي بداخل الطباخ الشمسي وتحدث عملية استواء الطعام.

وتلفت إلى مشكلة عدم قدرة نقل مشروع تحلية المياه لأي مكان آخر لطول حجمه والذي يبلغ تقريباً 4 متر، وهو ما واجهه بعض المواطنين خلال النزوح الأخير من مدينة خانيونس.

وتطمح الغول، بأن يتم تطبيق هذا المشروع في جميع مناطق القطاع، وليس فقط في مراكز الإيواء للعمل على حل مشكلة تملح المياه المنتشرة بشكل كبير، والتي ستكون أزمة كبيرة مستقبلية في القطاع.

واقع المياه بغزة.. أرقام خطيرة

وتراجعت حصة الفرد في قطاع غزة من المياه بنسبة 97% إثر الحرب الإسرائيلية على القطاع، وسط دمار كبير حل ببنية المياه التحتية وأثر على الإمدادات.

وذكر تقرير مشترك صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة المياه بمناسبة يوم المياه العالمي، في شهر مارس/آذار من العام الجاريإلى أن الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي أدت إلى انخفاض حصة الفرد الواحد من المياه في غزة إلى ما بين 3-15 لترا يوميا في ظل الحرب، مقابل معدل استهلاك بنحو 84.6 لترا للفرد يوميا خلال العام 2022.

ويقدر إجمالي المياه المتوفرة حاليا في قطاع غزة بنحو 10 إلى 20% من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان، وهذه الكمية غير ثابتة وتخضع لتوفر الوقود، فيما جرى تدمير نحو 40% من شبكات المياه، مما ترك السكان غير قادرين على الحصول على المياه النظيفة.

ويشير التقرير إلى أن الظروف قبل الحرب لم تكن أفضل بكثير، حيث قدرت سلطة المياه الفلسطينية أن نحو 4% فقط من سكان القطاع كانوا يحصلون على مياه غير ملوثة، أما اليوم -ومع نقص الوقود الذي يعيق تشغيل مرافق المياه الأساسية- فإن أغلبية سكان غزة باتوا عاجزين عن الحصول على مياه الشرب الآمنة.