بالتزامن مع إعلان "كتائب القسام" و"سرايا القدس" عن تبنيهما للعملية الاستشهادية الأخيرة في تل أبيب، التي نفذها الشهيد جعفر منى، يعود التركيز إلى العمليات الاستشهادية كوسيلة رئيسية في الصراع. هذا الإعلان يعكس تطورًا ملحوظًا في استراتيجية المقاومة، ويأتي في سياق تصعيد الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية ،وفقاً لما يراه الكاتب والمختص بالشأن الاسرائيلي محمود مرداوي.
وتؤكد التحذيرات السابقة لأجهزة الأمن الإسرائيلية أن المواجهة في الضفة الغربية تتطور بشكل دراماتيكي، رغم استخدام الاحتلال للعنف المفرط من خلال عمليات الاغتيال الجوية وتغول المستوطنين، لا يزال الوضع يشهد تصاعدًا ملحوظًا في نشاطات المقاومة.
ويُواصل الاحتلال الإسرائيلي استخدام سياسة العصا الغليظة في الضفة الغربية، بما في ذلك تنفيذ عمليات اغتيال من الجو وتوغلات عسكرية في شمال الضفة، هذا النهج يؤدي إلى تحويل عشرات القرى الفلسطينية إلى مناطق محاصرة، مما يتسبب في تدمير المنازل والبنى التحتية وفرض حصار خانق على السكان.
تعزيز القوة العسكرية للمستوطنين..
وبداية من تولي اللواء أفي بلوط منصب قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، وإلى توزيع أكثر من 140 ألف قطعة سلاح على المستوطنين بقرار من بن غفير، تبرز مساعي الاحتلال لتعزيز قوة المستوطنين، وهذه الأسلحة تُستخدم في ممارسة العنف ضد الفلسطينيين، مما يزيد من الضغط على القرى الفلسطينية التي تتحول إلى مناطق سجون كبيرة بفعل الاستيطان والحصار.
وتستمر الحكومة الإسرائيلية في تعزيز الاستيطان من خلال ضخ الأموال في وزارة ستروك، التي تسهم في شرعنة البؤر الاستيطانية وتوسيعها. هذا يعزز من السيطرة على الأراضي الفلسطينية ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية، حيث يفرض الاحتلال قيودًا على الوصول إلى الأراضي الزراعية ويواصل عمليات الهدم والتدمير.
التهديدات والتوقعات..
إعلان "كتائب القسام" و"سرايا القدس" عن مسؤوليتها عن العملية الاستشهادية في تل أبيب يشكل جرس إنذار للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، وهذا التصعيد يعكس قدرة المقاومة على تغيير قواعد الاشتباك ويزيد من قلق الاحتلال من تسرب الأسلحة النوعية إلى الضفة الغربية.
ويتوقع مرداوي أن يزيد الاحتلال قبضته على الضفة الغربية من خلال تكثيف العمليات الهجومية ضد المجموعات المسلحة. سيتضمن ذلك توسيع نطاق الهجمات وتعزيز التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
وستتركز الجهود الاستخبارية بشكل مكثف على الضفة لمنع تطور المواجهة وتضييق الخناق على المقاومة، بما يعكس استراتيجية الاحتلال في محاولة للحد من قدرة المجموعات المسلحة على تنفيذ عمليات جديدة أو التوسع في نشاطاتها.
وبعد التجربة الأخيرة في غزة، من المرجح أن يلجأ الاحتلال إلى استخدام أساليب عسكرية غير تقليدية في الضفة الغربية.
ورغم عدم تنفيذ عمليات برية واسعة، سيواصل الاحتلال استخدام أساليب التدمير الواسع للممتلكات خلال الاقتحامات العسكرية، وهذا التوجه يعكس محاولة الاحتلال لتقويض البنية التحتية الفلسطينية والضغط على السكان المدنيين، على أمل تحقيق تأثير نفسي واستراتيجي يساهم في كبح جماح المقاومة.
ويشير التصعيد في استخدام الوسائل والأدوات العسكرية من قبل الاحتلال إلى استراتيجية تتسم بالقدرة على التكيف والتطور، ورغم محاولات الاحتلال لفرض النزوح كما حدث في عملية بيت وحديقة بمخيم جنين، يظل العمل العسكري الحالي ذا أبعاد عملياتية واستخبارية متقدمة.
وتستهدف هذه الاستراتيجيات - وفقاً لمرداوي- تقويض قدرة المقاومة على التوسع والنمو، من خلال تنفيذ عمليات تهدف إلى تقليص المساحات الجغرافية التي يمكن أن تعمل فيها المقاومة، مع تعزيز الضغط على الحاضنة الشعبية لتقليص دعمها للمجموعات المسلحة.