بعد ثمانية أيام على اختتام الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة، أفادت الأمم المتحدة بأنّ الفلسطينيين الصغار سوف يحصلون على خدمات صحية إضافية في الجولة الثانية من الحملة، وذلك في ظلّ تدهور الوضع الصحي بسبب الحرب المتواصلة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 11 شهراً على القطاع.
وأوضح نائب المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الموكل بالعمل الإنساني وعمليات الإمداد في القطاع، تيد شيبان، في تصريحات له، الخميس، اطلعت "وكالة سند للأنباء" عليها، أنّ الجولة الثانية من حملة التطعيم سوف تشتمل كذلك، إلى جانب تزويد الصغار بالجرعة الثانية من اللقاح المضاد لشلل الأطفال، على مدّ هؤلاء بـ"مغذيات دقيقة تشمل الفيتامينات والمعادن الأساسية" بالإضافة إلى إخضاعهم لـ"فحص غذائي".
وأشار "شيبان"، إلى أنّ ثمّة مناقشات تجري بشأن جدوى إضافة مزيد من اللقاحات إلى حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال التي اختُتمت جولتها الأولى في 12 سبتمبر/أيلول الجاري، من بينها اللقاح المضاد للحصبة.
وأضاف أنّ ذلك يأتي على خلفيّة أنّ "أكثر من 44 ألف طفل ولدوا في العام الماضي (2023) ولم يتلقّوا اللقاحات الأساسية الخاصة بهم".
ويُذكر أنّ السبب يعود إلى اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وما رافقها من استهداف إسرائيلي ممنهج للمنظومة الصحية في غزة، إلى جانب تشديد الحصار المفروض أساساً على القطاع وبالتالي منع إمدادات أساسية كثيرة من الدخول إليه، بما في ذلك الأدوية واللقاحات وغيرها من المستلزمات الطبية، بالإضافة إلى المواد الغذائية والوقود ومستلزمات النظافة وغيرها.
وشدّد "شيبان"، بعد جولة زار خلالها قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، على الحاجة إلى التحرّك ومدّ الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة بلقاحاتهم الأساسية، إلى جانب توفير بعض التدخّلات الضرورية على صعيدَي التغذية والنظافة من أجل إنقاذ حياتهم. وأشار إلى أنّ ذلك أمر ممكن، باعتماد "الطريقة نفسها التي تمكنّا عبرها من الوصول إلى جميع الصغار (في قطاع غزة) باللقاحات المضادة لشلل الأطفال".
ووصف "شيبان"، تلك التدخّلات بأنّها "منقذة للحياة"، قال إنّ الأطراف كلها برهنت أنّها "قادرة على التعاون عندما يكون ذلك ضرورياً"، وبالتالي "لا بدّ من أن يتكرّر ذلك مرّة أخرى". يُذكر هنا أنّ حياة أطفال غزة مهدّدة، ليس فقط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبالتالي فإنّ كلّ تدخّل "منقذ للحياة" مرحّب به، لا سيّما مع تدهور المنظومة الصحية وتفشّي أمراض عديدة معدية والجوع المسيطر والتهديد بالمجاعة.
وكانت مجموعة مستقلة من الخبراء قد حذّرت، في أوائل يونيو/حزيران الماضي، من أنّ المجاعة في قطاع غزة ربّما تكون قد بدأت بالفعل في الشمال، لكنّ الحرب والقيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية أعاقت جمع البيانات لإثبات ذلك. وشرحت المجموعة المعروفة باسم "شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة"، أنّ حصول مجاعة في قطاع غزة "أمر ممكن، إن لم يكن مرجّحاً".
وبحسب المجموعة، فإنّ من بين أهل القطاع، بمن فيهم الأطفال، مَن يقضي نتيجة أسباب تتعلّق بالجوع في مختلف أنحاء القطاع، وليس فقط في الشمال.
وكان المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، قد أكد، يوم الاثنين الماضي، أنّ حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة غطّت، في جولتها الأولى التي امتدّت منذ الأوّل من سبتمبر الجاري إلى 12 منه، 90% من الشريحة المستهدفة المقدّرة بنحو 640 ألف طفل فلسطيني دون العاشرة.
يُذكر أنّ منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت، على لسان ممثّلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة ريك بيبركورن، في ختام الجولة الأولى، أنّها حقّقت الهدف المأمول من الحملة إذ حصّنت أكثر من 560 ألف طفل، أي ما يوازي نحو 90% من أطفال غزة المستهدفين، وهي النسبة المطلوبة لتطويق هذا المرض الفيروسي بعدما بدأ يتفشّى في القطاع.
ولفت "لازاريني"، في الإفادة نفسها يوم الاثنين الماضي، إلى أنّ الخطوة المقبلة هي ضمان حصول مئات آلاف الفلسطينيين الصغار على جرعة ثانية من اللقاح المضاد لشلل الأطفال بنهاية شهر سبتمبر الجاري. يُذكر أنّ بيبركورن كان قد رأى في تزويد الأطفال بجرعة ثانية من اللقاح بعدما تلقّوا جرعتهم الأولى "تحدياً".
وأضاف "يبدو هذا الوصف مبرّراً، لا سيّما أنّ إسرائيل عمدت إلى عرقلة تنفيذ حملة التطعيم، بدءاً بتأخير إدخال جرعات اللقاح إلى القطاع المحاصر وصولاً إلى عدم الموافقة على وقف إنساني لإطلاق النار لتصدّق بعدها على اعتماد هدن متقطّعة في مناطق بحدّ ذاتها".
وتجدر الإشارة إلى أنّ فيروس شلل الأطفال من النمط 2 اكتُشف في عيّنات مياه صرف صحي أُخذت من دير البلح في وسط قطاع غزة، وخانيونس جنوبه، في يونيو/حزيران الماضي، بحسب ما أفادت النتائج الصادرة في يوليو/تموز الذي تلاه.
وبعدما نجحت منظمة يونيسف بإدخال 1.26 مليون جرعة من اللقاح المضاد لشلل الأطفال إلى القطاع المحاصر، في أغسطس/آب الماضي، بعد عرقلة طالت من قبل سلطات الاحتلال، حُدّد موعد الجولة الأولى من الحملة التي اختُتمت قبل ثمانية أيام.
وقد أتت الجولة الأولى من حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة على ثلاث مراحل؛ الأولى في وسط القطاع (محافظة دير البلح)، والثانية في جنوبه (محافظة خانيونس ومحافظة رفح)، أمّا المرحلة الثالثة والأخيرة ففي شمال القطاع (محافظة غزة ومحافظة شمال غزة) الذي سبق أن عزله الاحتلال عن باقي أنحاء القطاع في بدايات الحرب.