قالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية، سامانثا باور، إن الوكالة قدمت تقيماً خلص إلى أن "إسرائيل" تعمدت منع تسليم الغذاء والدواء إلى سكان قطاع غزة، إلا أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن "كذب" على الكونغرس بهذا الخصوص.
وكان "بلينكن"، ألقى بيانًا صيغ بعناية إلى الكونغرس جاء فيه "نحن لا نقدر حاليًا أن الحكومة الإسرائيلية تحظر أو تقيد بأي شكل آخر نقل أو تسليم المساعدات الإنسانية الأميركية".
وتشير الوكالة الأمريكية إلى أن القانون الأميركي يلزم الحكومة بقطع شحنات الأسلحة إلى البلدان التي تمنع تسليم المساعدات الإنسانية التي تدعمها الولايات المتحدة، لكن بلينكن وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لم يقبلا ما تم إطلاعهم عليه من تقيمات للوكالة ومكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية.
وقبل صدور تقريرها، أرسلت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى بلينكن مذكرة مفصلة من 17 صفحة حول سلوك "إسرائيل". ووصفت المذكرة حالات تدخل الاحتلال الإسرائيلي في جهود الإغاثة، بما في ذلك قتل عمال الإغاثة، وهدم المنشآت الزراعية، وقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات، والاستيلاء على مستودعات الإمدادات، ورفض دخول الشاحنات المحملة بالطعام والدواء بشكل روتيني.
وبحسب المذكرة، خُزِّنَت المواد الغذائية المنقذة للحياة على بعد أقل من 30 ميلًا عبر الحدود في ميناء إسرائيلي، بما في ذلك ما يكفي من الدقيق لإطعام حوالي 1.5 مليون فلسطيني لمدة خمسة أشهر.
ولكن في شباط/فبراير، حظرت الحكومة الإسرائيلية نقل الدقيق، قائلة إن المتلقي هو فرع الأمم المتحدة في فلسطين، وسط مزاعم بوجود علاقة بين موظفين فيها وحركة حماس.
وبشكل منفصل، قرر رئيس مكتب السكان واللاجئين والهجرة في وزارة الخارجية أيضًا أن "إسرائيل" تعيق المساعدات الإنسانية، وأن قانون المساعدات الخارجية يجب أن يتم تفعيله لتجميد ما يقرب من 830 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب المخصصة للأسلحة والقنابل للاحتلال الإسرائيلي.
وأعلنت الأمم المتحدة عن المجاعة في أجزاء من غزة. ووجدت لجنة خبراء المساعدات المستقلة الرائدة في العالم أن ما يقرب من نصف الفلسطينيين في القطاع يعانون من الجوع. ويقضي كثيرون منهم أياماً دون تناول الطعام.
وكتب مسؤولو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنه بسبب سلوك "إسرائيل" فيما يتعلق بمنع وصول المساعدات لسكان غزة، فإنه يتعين على الولايات المتحدة أن توقف مبيعات الأسلحة الإضافية إلى "تل أبيب".
وقالت الوكالة الأميركية للتنمية الدوليةإن المجاعة الوشيكة في غزة كانت نتيجة "المنع التعسفي والقيود والعقبات التي فرضتها إسرائيل على المساعدات الإنسانية الأميركية".
وخلصت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى أن هذا "يعتبر من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم".
من جانبه، قال المدير المساعد في منظمة أوكسفام، سكوت بول، إن "الإيحاء بأن الوضع الإنساني تحسن بشكل ملحوظ في غزة ليس أكثر من مهزلة. إن ظهور شلل الأطفال في الشهرين الماضيين يخبرك بكل ما تحتاج إلى معرفته".
ولقد حظيت مسألة ما إذا كانت إسرائيل تعوق المساعدات الإنسانية باهتمام واسع النطاق. فقبل بيان بلينكن أمام الكونغرس، أوردت وكالة "رويترز" للأنباء مخاوف الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بشأن حصيلة الضحايا في غزة، والتي بلغت الآن نحو 42 ألف شهيد، وأن بعض المسؤولين داخل وزارة الخارجية، بما في ذلك مكتب اللاجئين، حذروه من أن تأكيدات الإسرائيليين غير جديرة بالثقة. كما سبق أن نشرت تقارير عن وجود مذكرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والاستنتاجات العامة التي توصلوا إليها.
ولم تكن وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن ترحب دائمًا بمثل هذه المعلومات من الخبراء الأميركيين على الأرض، وفقًا لشخص مطلع على عمليات السفارة. وكان هذا صحيحًا بشكل خاص عندما أفاد الخبراء بأن عددًا قليلًا من شاحنات المساعدات سُمح لها بالدخول.
وبحلول أوائل شهر آذار/مارس، كان هناك ما لا يقل عن 930 شاحنة محملة بالأغذية والأدوية وغيرها من الإمدادات عالقة في مصر في انتظار موافقة الإسرائيليين، وفقًا لمذكرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وكتب المسؤولون أن الحكومة الإسرائيلية كثيرًا ما تعرقل المساعدات من خلال فرض تأخيرات بيروقراطية. فقد استغرقت إسرائيل أسابيع أو أشهرًا للرد على المنظمات الإنسانية التي قدمت مواد محددة للموافقة على مرورها عبر نقاط التفتيش الحكومية. ثم كثيرًا ما كانت إسرائيل ترفض هذه المواد صراحة، أو تقبلها في بعض الأيام، ولكن لا تقبلها في أيام أخرى. وجاء في المذكرة أن الحكومة الإسرائيلية "لا تقدم مبررات، أو تصدر رفضًا شاملًا، أو تستشهد بعوامل تعسفية لرفض مواد معينة".
وفي مذكرة وجهتها إلى بلينكن، استشهدت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالعديد من الحوادث المعلنة التي تعرضت فيها مرافق وعمال الإغاثة لضربات جوية إسرائيلية حتى بعد أن شاركوا مواقعهم مع الجيش الإسرائيلي، وحصلوا على الموافقة، وهي العملية المعروفة باسم "فض النزاع".
ووجدت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن الإسرائيليين كثيرًا ما وعدوا باتخاذ التدابير الكافية لمنع مثل هذه الحوادث، ولكنهم فشلوا في الوفاء بوعودهم في كثير من الأحيان. ففي الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر على سبيل المثال، كانت قافلة من عمال الإغاثة تحاول الإخلاء على طول طريق خصصه لهم جيش الاحتلال الإسرائيلي. ولكن القوات الإسرائيلية رفضت السماح للقافلة بعبور نقطة تفتيش عسكرية، على الرغم من تصريح سابق.
وبعد ذلك، في أثناء عودتهم إلى منشآتهم، أطلق الجيش الإسرائيلي النار على عمال الإغاثة، مما أدى إلى مقتل اثنين منهم.
وبدعم أمريكي، يشن الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حرباً على غزة، خلّفت أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تُواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.