انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، قبيل ظهر اليوم السبت، بعد حصاره يومين متتالين، وإخراجه عن الخدمة، بالإضافة إلى عمليات حفر وتجريف محيط المستشفى، عدا عن اعتقال جميع الطواقم الطبية بالمستشفى.
وفي إطار رصد "وكالة سند للأنباء" للأحداث المتلاحقة في شمال قطاع غزة، تابعت في هذه المادة الإخبارية أبرز التطورات المتعلقة بمستشفى كمال عدوان، إثر اقتحام الاحتلال لها وحصارها يومين متتاليين، مرورا بانسحاب الاحتلال منها، وما خلفه من دمار واسع.
انسحاب ودمار
وأفادت مصادر محلية بانسحاب آليات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان بعد إحراق عدد من المنازل، وتنفيذها عمليات هدم وتجريف واسعة بمحيط المستشفى، بعد حصارها يومين متتاليين، وسط مشاهد من الدمار الواسع.
وأشارت المصادر إلى إعادة الآليات الإسرائيلية تموضعها إلى منطقة "البراوي" بالقرب من شارع حبوب، في بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
ونوهت إلى وصول عدد من الأطباء والممرضين لعيادة الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة، بعدما أفرج الجيش الإسرائيلي عنهم، عقب اعتقالهم في مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة.
اعتقال جميع الطواقم الطبية
وفي وقت سابق من صباح اليوم السبت، أفادت وزارة الصحة بتصريح مقتضب، وصل "وكالة سند للأنباء"، باعتقال الاحتلال كل الكادر الطبي من الرجال في مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، بالإضافة لعدد من الجرحى والمرضى.
وأشارت "الصحة" لاحتجاز الطواقم الطبية من النساء في أحد الغرف داخل المستشفى دون ماء أو طعام، مجددة مناشدتها لجميع المؤسسات الدولية والأممية، بالتدخل العاجل لحماية المرضى والكوادر الطبية.
وانتشرت مشاهد لاعتقال الطواقم الصحية من مستشفى كمال عدوان، في حالة من الإذلال للأطباء والممرضين، وعلى رأسهم مدير المستشفى، حسام أبو صفية، وفي انتهاك واضح للحقوق والكرامة الإنسانية، والأعراف الدولية.
وأمس الجمعة، قالت وزارة الصحة إن قوات الاحتلال المقتحمة لمستشفى كمال عدوان، نكلت بالمعتقلين من الأهالي النازحين والكوادر الطبية وطواقم الإسعاف أثناء اعتقالهم، وتم اقتياد بعضهم لشرق مدينة غزة.
وأكدت "الصحة" في بيان تلقته "وكالة سند للأنباء" أن قوات الاحتلال أجبرت النازحين الذكور المتواجدين في المستشفى على خلع ملابسهم وتم تجميعهم في ساحة أمام المستشفى.
وأضافت أنه تم احتجاز الكوادر الطبية في غرفة واحدة في بداية الاقتحام، ثم تم اقتيادهم وعلى رأسهم مدير المستشفى، الطبيب حسام أبو صفية، إلى مكان غير معروف، لافتة أن مصيرهم ما يزال مجهولا حتى الآن بعد انقطاع التواصل معهم .
عمليات تجريف واسعة وإخراج عن الخدمة
وأجرى الاحتلال عمليات تجريف واسعة في محيط مستشفى كمال عدوان بعد اقتحامه ومحاصرته وتنفيذه عمليات الاعتقال الواسعة فيه، وأخرجه عن الخدمة، ما يفاقم الكارثة الصحية والإنسانية بشمال القطاع المحاصر منذ 22 يوما.
وعاثت قوات الاحتلال في المستشفى خرابا كبيرا، كما أطلقت النار باتجاهه ما أدى إلى اشتعال النيران بغرف المرضى. كما عمد الاحتلال إلى هدم السور الخارجي للمستشفى الذي تحوّل لثكنة عسكرية.
وتوقفت المستشفى عن العمل منذ اللحظة الأولى لاقتحامه فجر أمس الجمعة، كما توقفت محطة الأوكسجين ما أدى إلى استشهاد الأطفال الذين كانوا بغرف العناية المركزة.
وفي السياق، أعلنت وزارة الصحة، مساء أمس الجمعة، بتصريح مقتضب وصل "وكالة سند للأنباء" استشهاد طفلين داخل قسم العناية المركزة بمستشفى كمال عدوان، بعد توقف مولدات المستشفى، واستهداف محطة الأكسجين نتيجة العدوان الإسرائيلي.
وبينت أن العدد الإجمالي للأشخاص داخل المستشفى يبلغ 600 شخص، بما يشمل المرضى والجرحى والطاقم الطبي والمرافقين، وأن عدد المرضى والجرحى هو 195، بينما يبلغ عدد الطاقم الطبي 70، وقد أصيب 3 ممرضين وعامل نظافة خلال الأحداث الجارية.
ويعد مستشفى كمال عدوان أحد المستشفيات الرئيسية الـ 3 في شمال القطاع، إضافة للأندونيسي والعودة.
وكان مستشفى "كمال عدوان" في مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، يتحمل العبء الأكبر والأساسي في استقبال الشهداء والجرحى، وعلاج المرضى خلال العدوان الأخير المتواصل على الشمال.
تحذيرات متلاحقة
وفي وقت سابق من الاقتحام، حذر مدير مستشفى "كمال عدوان"، حسام أبو صفية، من الوضع الكارثي في المستشفى، لافتا إلى أن المستشفى قد تتحول لمقبرة جماعية بأي وقت، وربما وخلال ساعات.
وكان مدير عام وزارة الصحة في غزة، مدحت عباس، قد أشار خلال تصريحات إعلامية، مساء أمس الجمعة، تابعتها "وكالة سند للأنباء": أن "الاحتلال منع دخول الأدوية والمياه إلى مستشفى كمال عدوان".
ولفت "عباس" إلى أن الاحتلال اقتحم مستشفى كمال عدوان بعد زيارة وفد من المنظمات الدولية، مشيرا "فقدنا الاتصال مع مدير مستشفى كمال عدوان بعد احتجازه من قبل الاحتلال".
اقتحام عقب زيارة وفد طبي دولي.. كيف ذلك؟
وكان وفد من منظمة الصحة العالمية قد نظم جولة داخل مستشفى كمال عدوان، وقدّم تطمينات بأن جيش الاحتلال ليس بوارد اقتحامه، لكن ما أن غادر الوفد الأممي حتى تقدمت آليات الاحتلال وداهمت المستشفى مرة جديدة، فجر أمس الجمعة.
وجدد اقتحام مستشفى كمال عدوان وحصاره عقب زيارة الوفد الطبي الدولي، جملة من التساؤلات التي تدلي بإشارات الاتهام للمؤسسات الدولية بتواطئها مع الاحتلال، للتغظية على جرائمه في شمال قطاع غزة.
و ضع كارثي
وكان مدير المستشفيات الميدانية في قطاع غزة، مروان الهمص، قد وصف الوضع في شمال غزة بـ "الأشد من كارثي"، حيث "يتعمد الاحتلال تدمير كل المنظومة الصحية، بعدما كان يحاصر ويمنع دخول الوقود والمستلزمات الطبية والإغاثية".
وأشار "الهمص" خلال تصريحات إعلامية تابعتها "وكالة سند للأنباء" أنه لم يتبق في شمال غزة أي مستشفى أو مؤسسة صحية عاملة، حيث خرجت كل المنظومة الصحية عن العمل بخروج آخر مستشفى وهو "كمال عدوان" الذي يحاصره الاحتلال.
وأشار مدير عام وزارة الصحة في غزة إلى ارتقاء أكثر من 850 شهيدًا شمالي قطاع غزة منذ بدء الاحتلال عمليته الأخيرة.
وفي السياق، صرح الدفاع المدني في قطاع غزة، أمس الجمعة، بأن "الوضع في شمال القطاع صعب جدًا والاحتلال اقتحم مستشفى كمال عدوان وأخلى من فيه".
وأضاف في تصريح مقتضب تابعته "وكالة سند للأنباء": "طواقمنا لا تستطيع العمل شمالي القطاع بسبب استهدافات الاحتلال"، لافتا إلى أن "مناطق شمال القطاع لم تدخل إليها أي مساعدات منذ 28 يومًا".
شمال قطاع غزة.. حصار متواصل منذ 22 يوما
ويواصل جيش الاحتلال الاسرائيلي حصاره المطبق على شمال قطاع غزة، لليوم الـ 22 تواليا، تزامنا مع ارتكابه أبشع المجازر ضد المدنيين لا سيما في معسكر جباليا وبيت لاهيا بشمالي القطاع؛ والتي تتعرض لإبادة جماعية وتهجير قسري للمواطنين، ضمن محاولات إسرائيلية حثيثة لإفراغ المنطقة من ساكنيها عبر الإخلاء والتهجير القسري تنفيذًا لما يُعرف بـ "خطة الجنرالات".
وارتقى أكثر من 850 شهيدًا شمالي قطاع غزة منذ بدء الاحتلال عمليته الأخيرة، وفقا لمعطيات وازرة الصحة، فيما شن الاحتلال مئات عمليات الاعتقال بحق المواطنينين في شمال القطاع بحسب مؤسسات الأسرى.
ويعاني شمال القطاع أوضاعًا صعبة، في ظل نقص المياه الصالحة للشرب والأدوية والمواد الغذائية، ومنع إدخال المساعدات، وسط استمرار القصف الجوي والمدفعي وعمليات التجريف والنسف في المنطقة، مما فاقم الأزمة الإنسانية.