الساعة 00:00 م
الإثنين 26 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.09 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.11 يورو
3.61 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

الطبيبة آلاء النجار.. أم الشهداء التسعة تقف "محتسبة" في حضرة الفقد

تحرك قانوني في جنيف ضد مؤسسة "إغاثة غزة" الأمريكية

عبر سياسة التطهير العرقي.. الاحتلال يسيطر على 77% من مساحة قطاع غزة

ترجمة خاصة.. واشنطن بوست: حرب الإبادة الإسرائيلية شتت عائلات غزة

حجم الخط
عائلات.webp
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

لم يلتق المواطن محمد الوحيدي بطفله مطلقًا. إذ يعيش الرجل البالغ من العمر 40 عامًا في جنوب غزة، بينما تعيش زوجته رؤى السقا (32 عامًا) في الشمال المحاصر.

وصادف الثالث عشر من أكتوبر/تشرين الأول مرور عام على ولادة طفلا للزوجين؛ وكان من المفترض أن يحتفل ابنهما نوح بعيد ميلاده الأول في الثامن عشر من أكتوبر/تشرين الأول. وقال والداه إنه توفي في أغسطس/آب بسبب عيب خلقي في القلب.

"لم أشهد ميلادك ولم أتمكن من حضور وداعك الأخير، فكل لحظة معك كانت بمثابة حلم لم يتحقق"، هذا ما كتبه الوحيدي في رسالة أخيرة إلى طفله نوح شاركها مع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

انقسام العائلات

بعد مرور أكثر من عام على حرب الإبادة الإسرائيلية، لا تزال العديد من الأسر الفلسطينية منقسمة بسبب ممر "نتساريم" الذي يقسم قطاع غزة إلى نصفين.

في الأيام الأولى من الحرب، كان الآباء والأزواج والزوجات يتخذون قرارات سريعة حول المكان الذي سينزحون إليه هربا من الهجمات العسكرية الإسرائيلية، الآن يخشى البعض أن يصبح الانفصال دائمًا.

وتسيطر قوات الاحتلال الإسرائيلي على كل حركة الدخول والخروج من غزة، وكذلك داخل القطا.

في العام الماضي بعد أيام من بدء حرب الإبادة، أجبر جيش الاحتلال أكثر من مليون فلسطيني يعيشون في الشمال على الانتقال جنوبًا، حيث احتشدوا في مدن خيام على طول الحدود المصرية.

وعندما اقتحمت قوات الاحتلال مدينة رفح، فرت الأسر مرة أخرى، وكثير منهم إلى منطقة المواصي الساحلية، أو إلى مناطق أكثر مركزية، لكن سلطات الاحتلال منعتهم من العودة إلى الشمال.

وبالنسبة لأولئك الذين لم يغادروا قط، فقد ازداد الوضع يأساً. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 400 ألف شخص ما زالوا يعيشون في المدن والمخيمات التي تعرضت للقصف في الشمال. ويعتقد أن نصف هؤلاء من الأطفال.

وتشكل عودة الأسر الفلسطينية إلى هذه المجتمعات مطلباً رئيسياً لحركة حماس والمقاومة في مفاوضات وقف إطلاق النار غير المباشرة.

لكن يبدو أن هذا الاحتمال أصبح بعيداً بشكل متزايد، وخاصة بعد أن شنت قوات الاحتلال الإسرائيلية هجوماً آخر أكثر دموية على مناطق شمال قطاع غزة.

وتزعم قوات الاحتلال أن "عدداً كبيراً من الفلسطينيين تم إجلاؤهم إلى مناطق أكثر أمناً"، على الرغم من أن شهود العيان وعمال الإنقاذ يقولون إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على الناس الذين حاولوا الفرار.

وقد أدى الهجوم إلى تفاقم المخاوف بشأن إمكانية تنفيذ اقتراح إسرائيلي مثير للجدل ـ والمعروف باسم "خطة الجنرالات" ـ لإخلاء شمال قطاع غزة من المدنيين وتجويع أو إطلاق النار على أولئك الذين يرفضون المغادرة.

وقال جورجيوس بيتروبولوس، المسؤول الأممي، إن الظروف في شمال قطاع غزة "أكثر من كارثية".

نكبة جديدة

قالت المواطنة السقا: "أخشى أن يكرر التاريخ نفسه، كما حدث مع أسلافنا في عام 1948"، في إشارة إلى نكبة الطرد الجماعي للفلسطينيين من ديارهم أثناء إنشاء دولة الاحتلال.

لكنها لا تزال متمسكة بالأمل، كما قالت، "بأن يتم إزالة هذه الحواجز وأن يتمكن الجميع من العودة".

كانت السقا حاملاً بحيث لم تتمكن من الانتقال بعيدًا عن مدينة غزة عندما بدأت حرب الإبادة.

وفي عجلة من أمرها لنقلها إلى مكان آمن، انفصلت هي وزوجها الوحيدي، بحيث وصل هو إلى رفح، وذهبت هي وشقيقتها إلى مدينة الزوايدة وسط القطاع. وفي أقل من أسبوع عادت إلى مدينة غزة بعد وفاة والدها بالسرطان. وجاء نوح في اليوم التالي، في 18 أكتوبر.

أرادت السقا أن يرافقها الوحيدي. لكن السفر شمالاً كان محفوفاً بالمخاطر بالنسبة له.

وقد حذرت قوات الاحتلال سكان غزة من العودة لمناطق الشمال، وأقامت نقطة تفتيش في نتساريم لفحص العائلات المتجهة جنوباً ومنع الناس من الذهاب شمالاً.

لكن البعض حاولوا رغم ذلك: فقد تطلبت الرحلة ساعات من المشي. وقال شهود عيان إن الجثث كانت مصطفة على طول الطريق. ولم يسمع أحد عن بعضهم مرة أخرى، واعتقلتهم القوات الإسرائيلية أو قتلوا على طول الطريق.

أمضت السقا الأشهر القليلة الأولى من حياتها مع طفلها نوح هربًا من القصف والقوات البرية الإسرائيلية.

وُلد الطفل بعيب في الحاجز البطيني، أو ثقب كبير في قلبه. وقال الأطباء إنه بحاجة إلى إجراء عملية جراحية في الخارج، لكنه توفي قبل أن يتمكنوا من إيجاد طريقة.

يتبادل الزوجان الحزينان العزاء بالقول إنهما سيجتمعان مرة أخرى ذات يوم، لكن حلم الوحيدي في لم شمله مع زوجته قد خفت. وهو يعيش الآن في خيمة مشتركة في مخيم مؤقت على الشاطئ في المواصي.

متى ستنتهي الحرب؟

كانت ماجدة صباح، 32 عاماً، في بداية حملها عندما بدأت الحرب. ومع تكثيف القصف، غادرت جباليا مع ابنتها شام البالغة من العمر خمس سنوات. وبقي زوجها محمد المنيراوي، وهو صحفي محلي، للعمل وحماية منزل الأسرة.

لم يتمكن المنيراوي (35 عاماً) من حضور ولادة ابنته ليلى، التي تبلغ من العمر الآن أربعة أشهر. وقال إن التواصل مع زوجته وابنته الصغيرة عبر الهاتف "يتطلب معجزة".

فقد ألحق القصف الإسرائيلي أضراراً بالغة بشبكات الهاتف الخلوي والرقمي. وهو يمشي مسافات طويلة للعثور على الكهرباء وإشارة الهاتف.

أمضت صباح فترة حملها الثاني هاربة، في سلسلة من الخيام، غالبًا جائعة وبدون رعاية ما قبل الولادة. أرسلت للمنيراوي صورًا لبطنها المتنامي.

قال عن ذلك: "لقد جعلتني الصور أشعر بالضعف والعجز لدرجة أنني لم أستطع حتى مشاركة هذا معها".

لقد تحملت صباح جولات عديدة من النزوح. فهربت أولاً إلى مدينة غزة، ثم إلى وسط النصيرات، حيث تعيش شقيقتها. واستجابت للأوامر الإسرائيلية بالتحرك جنوباً، إلى خان يونس ثم إلى رفح. وعندما اجتاحت القوات الإسرائيلية البلدة الحدودية، عادت هي وشام، منهكتين، إلى النصيرات.

وقال المنيراوي "لدينا مخاوف كثيرة أولها وأهمها أن لا نلتقي مرة أخرى".