ارتفعت أسعار المواد الغذائية في غزة بعد نهب عصابات ما يقرب من 100 شاحنة مساعدات وسط أزمة غذائية حادة بالفعل ناجمة عن أكثر من عام من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على القطاع.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن نهب 98 شاحنة من قافلة تضم 109 أشخاص على يد مسلحين مدعومين من جيش الاحتلال الإسرائيلي نهاية هذا الأسبوع ـ وهو الهجوم الأكبر من نوعه حتى الآن ـ إلى تفاقم أزمة نقص الغذاء والدواء وغير ذلك من المساعدات.
وصرحت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس: "لقد أصبح من الصعب على نحو متزايد إدخال المساعدات".
وتشير بيانات إسرائيلية رسمية إلى أن كمية المساعدات التي تدخل قطاع غزة المحاصر انخفضت إلى أدنى مستوى لها في 11 شهرا، على الرغم من الإنذار الأميركي الشهر الماضي بضرورة وصول المزيد من الإمدادات الإنسانية إلى سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، والذين نزح جميعهم تقريبا من منازلهم.
قيود إسرائيلية واسعة
تزعم "إسرائيل" أنها سمحت حتى الآن في نوفمبر/تشرين الثاني بدخول 88 شاحنة في المتوسط يوميا، وهو جزء ضئيل من 600 شاحنة تقول وكالات الإغاثة إنها ضرورية لتلبية الاحتياجات الأساسية.
ويقول الخبراء إن ظروف المجاعة ربما بدأت بالفعل في الثلث الشمالي من غزة، حيث تشن القوات الإسرائيلية هجوما بهدف التطهير العرقي منذ أسابيع أسفر عن قتل المئات من المدنيين وتشريد عشرات الآلاف.
وتواجه وكالات الإغاثة العاملة في القطاع صعوبات في جمع وتوزيع الإمدادات وسط الهجمات العسكرية الإسرائيلية، وحصار الحركة، والهجمات الإسرائيلية التي تستهدف الموظفين. ويُعتقد أيضاً أن نحو ثلث المساعدات تُسرق من قبل عصابات مسلحة تعيد بيعها بأسعار باهظة، وفقاً للأمم المتحدة.
وتتقلب أسعار السلع في السوق، إذ قبل الحرب كان سعر كيس الدقيق 40 شيكلاً وسعر مسحوق الحليب 30 شيكلاً. أما الآن، فقد وصلت الأسعار في وسط وجنوب القطاع، حيث فر معظم السكان، إلى 375 شيكلاً و300 شيكل على التوالي ـ إذا ما توافرت الإمدادات.
وأكدت مذكرة للأمم المتحدة فرض الاحتلال قيودا متعمدة على المساعدات المقدمة إلى غزة وغض الطرف عن انتشار العصابات والجريمة المنظمة في خضم حرب الإبادة.
وعمد الاحتلال الإسرائيلي بشكل ممنهج على إثارة الفوضى من خلال استهداف عناصر الشرطة الذين يحرسون قوافل المساعدات.
وتم الإعلان قبل يومين أن حركة حماس شكلت قوة مسلحة جديدة لمكافحة النهب، وسط مخاوف متجددة من المجاعة في أجزاء واسعة من قطاع غزة.
وقال مسؤول في حماس تحدث لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويته إن "اللجان الشعبية والثورية" التي تأسست في وقت سابق من هذا الشهر تتكون من مقاومين مجهزين تجهيزا جيدا ومجموعات متحالفة معها وعشائر محلية وقد نفذت بالفعل 15 مهمة ضد اللصوص.
وبعد اختطاف قافلة الأمم المتحدة يوم السبت، قالت مصادر وزارة الداخلية في غزة في وقت متأخر من يوم الاثنين إن 20 شخصا قتلوا في عملية لاستعادة الإمدادات.
وقالت حماس في بيان لها إن السرقات "أثرت بشدة على المجتمع وأدت إلى ظهور بوادر مجاعة في جنوب غزة"، وأكدت أن العملية الجارية هي بداية لحملة أوسع لمعالجة المشكلة.
وقال زعماء محليون في وسط غزة إن السكان المحليين قاوموا اللصوص وتمكنوا من استعادة بعض الشاحنات المسروقة، والتي أعيدت بعد ذلك إلى برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
التفاف شعبي
بحسب الغارديان وصف شهود عيان معركة أخرى بالأسلحة النارية خلال عطلة نهاية الأسبوع، عندما طارد مقاومون في سيارتين رجالاً يشتبه في ارتكابهم أعمال نهب وكانوا يقودون سيارة أخرى، مما أسفر عن مقتل المشتبه بهم.
وقال شعبان وهو مهندس من مدينة غزة نازح إلى دير البلح لرويترز "هناك حملة ضد اللصوص ونحن نرى ذلك وإذا استمرت الحملة وتدفقت المساعدات فإن الأسعار ستنخفض لأن المساعدات المسروقة تظهر في الأسواق بأسعار مرتفعة".
وأبرزت صحيفة الغارديان أن الحملة الأمنية ضد عصابات نهب المساعدات تحظى بدعم شعبي واسع.
ونقلت الصحيفة عن جمعية الدفاع عن حقوق النازحين في غزة، أن السلطات الإسرائيلية تلقت تحذيرات متكررة من أن العصابات المسلحة تعمل على طول الطرق المؤدية إلى غزة من نقاط دخول محددة.
وقال متحدث باسم الجمعية "لقد تم اقتراح طريق أفضل للمساعدات مرارا وتكرارا، لكن [الإسرائيليين] رفضوا كل هذه الطلبات".
وعمد الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة إلى محاولة دفع غزة لحالة من الفوضى المتفاقمة والقضاء على النظام المدني، مما يترك فراغاً يملأه بشكل متزايد العصابات المسلحة والعشائر والعائلات القوية والمجرمين.