سلطت شبكة NBC NEW الأمريكية على مأساة أطفال غزة حيث يولدون في الحرب ويموتون في البرد ويجبرون على الكفاح للتكيف مع درجات الحرارة المنخفضة.
ونبهت الشبكة إلى أنه مع حلول فصل الشتاء القارس، لا يتمكن غالبية الفلسطينيين النازحين الذين يعيشون في الخيام من إيجاد سبل للبقاء دافئين في البرد والرياح والأمطار.
ولفتت إلى الى أن الطفلة الرضيعة سيلا الفصيح كانت تبلغ من العمر أسبوعين فقط عندما أخذها والدها محمود الفصيح (31 عاما) من خيمتهم المؤقتة بالقرب من خان يونس إلى قسم الطوارئ للأطفال في مستشفى ناصر يوم الأربعاء، بعد وقت قصير من تحول جسدها إلى اللون الأزرق وتيبسه.
وقال الفصيح: "استيقظنا لنرى الفتاة مثل الخشب". وعندما فحص الأطباء الطفلة، لم يجدوا أي مشاكل صحية أو مشاكل خلقية، بل قالوا إن قلبها توقف عن النبض بسبب انخفاض درجة الحرارة أثناء الليل.
وذكر الفصيح أن طفلته ولدت في ظل الحرب، لكنها ماتت بسبب البرد.
وأكد أحمد الفرا، مدير قسم الأطفال بالمستشفى، أن الرضية سيلا توفيت بسبب انخفاض حرارة الجسم، وهي حالة طبية طارئة تحدث عندما تنخفض درجة حرارة الجسم إلى مستويات منخفضة بشكل خطير. ويمكن أن يستغرق الموت بسبب انخفاض حرارة الجسم ساعات أو أيامًا، مع تعرض الأطفال والرضع بشكل خاص للخطر.
وأضاف أنه يتعامل مع مثل هذه الحالات بشكل يومي، حيث توفي أربعة أطفال على الأقل بسبب البرد القارس في غزة خلال الأسبوع الماضي.
وأضاف "نستقبل يوميا حالتين أو ثلاث حالات انخفاض حرارة الجسم، وهذا أمر كارثي".
انعدام وسائل التدفئة
حتى الآن، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى استشهاد أكثر من 14,500 طفل على مدى 14 شهراً، وإصابة الآلاف بجروح.
وقال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن هذا المعدل يعني استشهاد طفل واحد في غزة كل ساعة.
مع حلول فصل الشتاء القارس في جميع أنحاء الأراضي المحاصرة، انخفضت درجات الحرارة في جنوب غزة بشكل خاص في الليل، حيث لم يتمكن معظم الفلسطينيين في خيام النازحين من إيجاد طرق للتدفئة في البرد والرياح والأمطار.
وقال إدوارد بيجبيدر، المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط، في بيان: "تشكل الإصابات الناجمة عن البرد، مثل قضمة الصقيع وانخفاض حرارة الجسم، مخاطر جسيمة على الأطفال الصغار في الخيام والملاجئ المؤقتة الأخرى غير المجهزة للطقس البارد".
وأضاف أنه "مع توقع انخفاض درجات الحرارة بشكل أكبر في الأيام المقبلة، فمن المتوقع بشكل مأساوي أن يفقد المزيد من الأطفال أرواحهم بسبب الظروف اللاإنسانية التي يعيشون فيها، والتي لا توفر أي حماية من البرد".
وذكر بيجبيدر أن قدرة عمال الإغاثة على توفير الحماية الأساسية لفصل الشتاء مثل البطانيات والملابس الدافئة وغيرها من إمدادات الطوارئ مقيدة بشدة بسبب المساعدات الإنسانية المحدودة التي تسمح السلطات الإسرائيلية بدخولها إلى غزة.
وقال لازاريني إن البطانيات وغيرها من إمدادات الشتاء "عالقة في المنطقة منذ أشهر في انتظار الموافقة على دخولها إلى غزة".
ووصف محمود الفصيح وضع عائلته بأنه "قاس" في رمال المواصي، وهي قرية ساحلية تقع على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط في جنوب غزة، والتي أصبحت منذ ذلك الحين مخيماً مزدحماً لمئات الآلاف من النازحين في القطاع.
وقال "ننام على الرمال بلا أغطية، والخيمة لا تحمينا من البرد والبرد"، يقول. "لا أعرف ماذا أقول، إنها حياة مأساوية للغاية، وإرهاق، والأطفال يمرضون باستمرار بسبب البرد وآثار الحرب".
ومن بين الذين قضوا جراء البرد في الأيام الأخيرة الممرض أحمد الزهراني الذي يعمل في مستشفى شهداء الأقصى.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان لها، إنه تم العثور على جثمانه، الجمعة، داخل خيمة في منطقة المواصي، مؤكدة وفاته نتيجة البرد الشديد الذي يعاني منه سكان قطاع غزة".
وأضافت أن "هذه الحادثة تأتي في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها المواطنون النازحون، في ظل تزايد معاناة سكان غزة بسبب انخفاض درجات الحرارة ونقص وسائل التدفئة في الخيام".
وفي هذا الأسبوع، أصدرت منظمة اليونيسف تحذيرا شديدا من التأثير غير المتناسب للحرب على أطفال غزة، وخاصة خلال فصل الشتاء.
وقالت روزاليا بولين، المتحدثة باسم اليونيسيف، خلال مؤتمر صحفي في جنيف: "لقد حل الشتاء الآن على غزة. الأطفال يشعرون بالبرد والرطوبة وحفاة الأقدام. لا يزال العديد منهم يرتدون ملابس الصيف. ومع نفاد غاز الطهي، يبحث الكثيرون بين الأنقاض عن قطع بلاستيكية لحرقها".