تداعت جهات قانونية وحقوقية دولية لإنشاء مركز متخصص لشؤون المفقودين والمخفيين قسرا، في حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة ضد قطاع غزة منذ 16 شهرا؛ والتي تهدد قيادة الاحتلال باستئنافها بقوة حال فشلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وقد حيّدت الحرب 250 ألف مواطن فلسطيني؛ بين شهيد وجريح وأسير وخارج الوطن، تبعًا لإحصاءات صدرت عن الأمم المتحدة، والتي تتحدث عن خسائر بشرية تقترب من 60 ألف شهيد فلسطيني و150 ألف مصاب.
كما تقدر الجهات الفلسطينية وجود 20 ألف شهيد لا يزالون تحت الأنقاض؛ إضافة لآلاف المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم لهذه اللحظة.
في هذا الحوار؛ تستضيف "وكالة سند للأنباء"، غازي المجدلاوي، الباحث الرئيسي في المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا؛ للحديث عن ماهية هذه الجهود وأهدافها؛ وأفق نجاحها في ظل الإمكانات المتاحة بغزة.
ويؤكد المجدلاوي، أنّ المبادرة تتمثل في إطلاق المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا، ليكون المرجع الوطني الأول لتوثيق قضايا المفقودين الفلسطينيين والمخفيين قسرًا؛ وتهدف إلى كشف مصيرهم وحفظ حقوقهم وحقوق أسرهم، مع تسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية ذات الصلة.
"كما تسعى إلى توفير إطار مؤسسي يقدم الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي لعائلات المفقودين، وتوثيق جرائم الاختفاء القسري، والدفع نحو محاسبة مرتكبي هذه الجرائم محليًا ودوليًا"؛ بحسب "ضيف سند".
وأوضح أن حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة أفرزت "ظاهرة المفقودين والمخفيين قسرًا"، حيث تزايدت أعدادهم بمرور كل شهر، حتى وصلنا إلى الحديث عن أكثر من 14 ألف مفقود.
ويتابع: "هذا الواقع يطرح ضرورة تأسيس مؤسسة مختصة تتابع هذه الحالة، وتكون لها منصة إلكترونية متخصصة لتوثيق وجمع البيانات، وتسليط الضوء على معاناة المفقودين وذويهم، وتقديمها للجهات المعنية والرأي العام بمنهجية منظمة وفعالة".
وبين أنّ العمل في المبادرة يشمل عدة جوانب، منها التوثيق الشامل للمفقودين والمخفيين قسرًا، والسعي لإنشاء قاعدة بيانات رقمية دقيقة تتضمن المعلومات المتعلقة بالمفقودين وأماكن وظروف اختفائهم.
ولفت المجدلاوي النظر إلى أنه يجري العمل للوصول إلى ذوي المفقودين وجمع إفادات شهود العيان وأفراد العائلة، وإعداد قصص إنسانية وتوثيق هذه الحوادث.
واستطرد: "بالإضافة إلى ذلك، نسعى لتقديم الدعم القانوني لذوي المفقودين، وتحديد مسارات التحرك القانوني لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي المسؤول عن هذه الجرائم، والكشف عن مصير المخفيين قسرًا وتعويضهم".
وكشف أن العمل يتم من خلال فريق من الباحثين والقانونيين، والتعاون مع المؤسسات ذات العلاقة لضمان تحقيق الأهداف الموضوعية؛ "كما سنسعى لبناء شراكات مع المنظمات الدولية، كالصليب الأحمر ومنظمات حقوق الإنسان، لتسهيل الوصول إلى المعلومات ودعم الجهود".
ونبه إلى أنّ المبادرة "ذاتية؛ انطلقت بمشاركة عدد من المتطوعين المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوقيون، وهي منفتحة على التعاون مع أي جهة تريد الإسهام في معالجة هذه المأساة".
وأشار مجدلاوي لوجود رؤية لتحريك وتفعيل أدوات المناصرة والتوعية محليًا ودوليًا، وكذلك التواصل مع الجهات الدولية ذات العلاقة، بما فيها اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري ولجان الأمم المتحدة المتخصصة، والمنظمة الدولية للصليب الأحمر.
وعن التحديات؛ يوضح أن من أبرزها الوصول إلى أغلب أو كل حالات المفقودين، خاصة مع صعوبة الوضع في قطاع غزة.
ويُبين: "نحن ما زلنا في البداية وفي مرحلة تشكيل الفرق، والأعباء الكبيرة المترتبة على ذلك. بالإضافة إلى استمرار العدوان الإسرائيلي، مما يزيد من صعوبة التواصل ويزيد من قوائم المفقودين".
واستدرك: "من التحديات أيضًا إلزام الاحتلال بالكشف عن مصير المخفيين قسرًا في سجونه، وكذلك الكشف عن من قتلهم واحتجز جثامينهم أو دفنها في مقابر مجهولة".
وأكدّ المجدلاوي مسؤولية الأطراف المنخرطة في المفاوضات، والوسطاء والمجتمع الدولي، بوضع هذه القضية على الطاولة لإلزام "إسرائيل" بالكشف عن مصير المخفيين قسرًا في سجونها، وكذلك الكشف عن من قتلتهم واحتجزت جثامينهم أو دفنتهم في مقابر مجهولة.
وفي السياق، أشار لوجود اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري التابعة للأمم المتحدة، وهي هيئة تتألف من عدد من الخبراء المستقلين، وترصد إعمال الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري من جانب الدول الأطراف.
وأكد: "لم نلمس تحركًا واضحًا من اللجنة إزاء هذه المأساة، وضمن مسؤولياتنا سنسعى للتواصل معها وتسهيل رفع البلاغات حول المختفيين قسرًا، إلى جانب طرح كل حالات المفقودين لتكون على طاولة اهتمام العالم، وصولًا للكشف عن مصيرهم ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وتعويض الضحايا وذويهم".
وعبر عن أمله أن تسهم هذه المبادرة في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة للمفقودين وعائلاتهم.