قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن قرار دولة الاحتلال الإسرائيلي بمنع المساعدات عن غزة، مع تعثر محادثات وقف إطلاق النار، يشكل ضربة مدمرة لمليوني مدني جائع وضعيف في المنطقة الممزقة.
وشددت الصحيفة على أن "إسرائيل" باعتبارها القوة المحتلة، ملزمة قانونًا بالسماح بدخول الإغاثة إلى غزة بموجب اتفاقية جنيف، وإن إنكار ذلك ليس غير إنساني فحسب - بل إنه جريمة حرب.
ونبهت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" يواجه بالفعل مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة "التجويع كأسلوب من أساليب الحرب" و "الجرائم ضد الإنسانية".
وقالت إن قدرة نتنياهو على انتهاك القانون الدولي تعود إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يظل ثابتًا في زاويته. ويبدو أن واشنطن تقبل الآن المجاعة كورقة مساومة إسرائيلية للضغط على حركة "حماس" والمقاومة الفلسطينية للانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار.
ولفتت إلى أن الحكومة الإسرائيلية تريد فرض اتفاقا جديدا يضمن تبادل الأسرى مع ضمان بقاء القوات الإسرائيلية في غزة في وقت تصر حماس والمقاومة على ضرورة أن تفي "إسرائيل" بالتزامها بمرحلة ثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب وسحب قوات الاحتلال.
حافة الهاوية
حذرت الغارديان من أن الفلسطينيين في غزة على حافة الهاوية، فالطعام ينفد، والمستشفيات عاجزة عن العمل، والأسر تبحث عن المياه النظيفة. وأي قيود أخرى على المساعدات من شأنها أن تحول اليأس إلى كارثة.
وشددت على أنه من الأفضل كثيراً أن يتم التوصل إلى سلام عن طريق التفاوض يسمح للفلسطينيين بالبقاء لإعادة بناء حياتهم وتبادل الأسرى.
وأبرزت أنه بعد خمسة عشر شهراً من الحرب، وبعد تحقيق العديد من أهدافها المعلنة، لم تقترب "إسرائيل" بعد من تحقيق السلام في غزة.
ويتفق سكوت أتران من المركز الوطني للبحوث العلمية في باريس مع هذا الرأي، حيث أجرى استطلاعاً لآراء المدنيين في غزة في يناير/كانون الثاني، قبل وقت قصير من سريان وقف إطلاق النار.
ويزعم البروفيسور أتران بحق أن "إسرائيل" تفتقر إلى استراتيجية سياسية لمستقبل فلسطين وأنها لا تفعل سوى تأجيج الغضب الفلسطيني.
نهج ترامب العدواني
أكدت الغارديان أنه منذ البداية، اتبعت إدارة ترامب نهجًا عدوانيًا أحادي الجانب تجاه غزة، بحيث انحازت بقوة إلى المصالح الإسرائيلية بينما تجاهلت المخاوف الفلسطينية.
ووفقًا لنبيل خوري، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، فإن اتفاقيات إبراهيم - مبادرة ترامب الرائدة في الشرق الأوسط - تظل محورية لاستراتيجية واشنطن المتطورة، والتي تتصور تعزيز الوجود الإقليمي الإسرائيلي والهيمنة الإقليمية بلا منازع.
وأشار خوري إلى أن الأولوية الفورية للولايات المتحدة هي إخلاء غزة بالكامل من الفلسطينيين، ثم الاستيلاء التدريجي على الضفة الغربية المحتلة إذا سمحت الظروف.
وتتزامن هذه الرؤية مع زيارة وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى واشنطن ، وهو مؤيد للضم وحذر نتنياهو من أنه سيتسبب في انهيار الحكومة إذا انسحبت القوات الإسرائيلية من غزة بموجب هدنة.
وقد رفضت الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية خطة عربية لإعادة إعمار غزة بعد الحرب ــ مما يسمح لسكانها البالغ عددهم مليوني نسمة بالبقاء.
ومع ذلك، فقد شكلت هذه الخطة استعراضا مهما للقوة: تحالف عربي يتصدى للجهود الواضحة التي يبذلها نتنياهو وترامب لمحو حق تقرير المصير الفلسطيني. وعلى النقيض من ذلك، تشير التقارير إلى أن إدارة ترامب تجري محادثات مباشرة مع حماس.
وخلصت الصحيفة إلى أن التفاوض الأمريكي مع حماس يمثل انقلابا صارخا في السياسة الأميركية. وإن إشراك حماس كشريك تفاوضي قد يكون واقعيا براجماتيا.