الساعة 00:00 م
الجمعة 02 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.8 جنيه إسترليني
5.1 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.08 يورو
3.62 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بالفيديو والصور مساجد الضفة في قلب العدوان.. ماذا يعني ذلك في سلوك الاحتلال؟

حجم الخط
مساجد الضفة في قلب العدوان
نابلس – وكالة سند للأنباء

ينتصب مسجد النصر شامخا وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، رغم ما أصابه من خراب بفعل حريق افتعله جيش الاحتلال فجر الجمعة الأولى من شهر رمضان، ليلخص هذا المسجد تاريخ هذه البلاد مع الغزاة والمحتلين عبر ألف عام مضت، ابتداء بالصليبيين وانتهاء بالإسرائيليين.  

وبالتوازي مع حرب الإبادة التي شنها جيش الاحتلال في قطاع غزة، كانت مساجد الضفة والقطاع في قلب العدوان، ونالها نصيب كبير من الاستهداف، تارة على يد جيش الاحتلال، وتارة أخرى على يد عصابات المستوطنين.

وخلال عدوانها المستمر على مدن ومخيمات شمال الضفة، لم تسلم المساجد من الاقتحام والتدمير والتخريب، وهدمت قوات الاحتلال أواخر فبراير/ شباط الماضي مسجد حمزة في مخيم جنين.

أما في قطاع غزة، فاستهدفت صواريخ وقنابل الاحتلال 1109 مساجد، ودمرت 834 مسجدًا تدميرا كليًا و275 مسجدًا بشكل جزئي لكنها غير صالحة للاستخدام، من أصل 1244 مسجدًا في القطاع، بما نسبته 89%، وفق معطيات وزارة الأوقاف في القطاع.

حرق متعمد..

وفي فجر السابع من رمضان هذا العام، شنت قوات الاحتلال حملة مداهمات واسعة في البلدة القديمة بمدينة نابلس، طالت -إلى جانب منازل ومحال تجارية-6 من مساجد المدينة التاريخية، وعاثت فيها خربا، وتوجت عدوانها بإحراق أبرز تلك المساجد؛ مسجد النصر.

اقتحام مسجد النصر.jpg
 

وأوضح مدير إطفائية بلدية نابلس سلطان الميناوي لـ "وكالة سند للأنباء" أن طواقم الإطفاء لم تتمكن من الوصول إلى مسجد النصر إلا بعد ساعة من ورود بلاغ بوقوع الحريق داخله، إذ كانت قوات الاحتلال تحاصر البلدة القديمة وتغلق جميع مداخلها.

وقال الميناوي إنهم عندما وصلوا للمسجد كانت النيران لا تزال مشتعلة، لكنها أتت على محتويات غرفة الإمام بالكامل بما فيها من أجهزة التحكم بالصوت وجهاز تسجيل كاميرات المراقبة.


 

ورغم أن الحريق تركز في غرفة الإمام، إلا أن أضرارا جسيمة لحقت بكامل أنحاء المسجد بفعل الحرارة العالية والدخان، واحترقت مئات المصاحف.

ويُظهر مقطع فيديو التقطته إحدى كاميرات المراقبة لحظة اقتحام جنود الاحتلال للمسجد بأحذيتهم، إذ يظهر عدد من الجنود وهم يتوجهون نحو غرفة الإمام، فيما يتوجه جنود آخرون صوب المنبر ويعبثون بمحتوياته.

ec7bbadf-2ca2-4425-a29d-46b01f969901.jpg
 

ويعدّ مسجد النصر -بقبّته الخضراء الكبيرة- أحد أبرز معالم مدينة نابلس، ويعود تاريخ بنائه إلى بداية الفتح الإسلامي لفلسطين، وخلال الاحتلال الصليبي تم تحويله إلى كنيسة، قبل أن يعود مسجدا بعد تحرير نابلس على يد صلاح الدين الأيوبي، واكتسب اسمه تيمنا بالنصر على الصليبيين.

وبعد زلزال عام 1927 لحق دمار كبير بمسجد النصر، وأعيد بناؤه عام 1935 من قبل المجلس الإسلامي الأعلى، ليأخذ شكله الحالي.

مسجد النصر.jpg
 

رمزية دينية وطنية

ويتمتع مسجد النصر بوجود ساحة كبيرة مجاورة له، وفيها منارة نابلس الشهيرة، ما جعل من هذا المسجد منطلقا للمظاهرات الوطنية والفعاليات الدينية، وأبرزها فعاليات "الفجر العظيم" التي بدأت في عام 2019 وشهدت إقبالا كبيرا.

ويؤكد إمام مسجد النصر الشيخ أحمد زنادة أن جيش الاحتلال تعمد حرق المسجد في أول جمعة من شهر رمضان، لما يحمله هذا المسجد من رمزية دينية واجتماعية لدى أهالي نابلس.

وأشار إلى أن الجيش لم يكتف بإحراق المسجد، بل منع طواقم الإطفاء من الوصول للموقع لإخماد الحريق في وقت مبكر.

94ee8031-aab8-4932-851e-4bb0a9e0339b.jpg
 

وشدد زنادة أن المساجد -كغيرها من دور العبادة- محمية بموجب القانون الدولي، لكن الاحتلال الذي أحرق ودمر مساجد قطاع غزة وجنين وطولكرم لا يحتاج لذريعة لحرق مسجد النصر.

الناشط حسن قمحية كان أحد الذين هبّوا فور انسحاب قوات الاحتلال، لتفقد المسجد وتنظيفه ليكون ملائما لإقامة الصلوات فيه، بعد أن استفزه منشور على مواقع التواصل الاجتماعي يقول إن المسجد لن يكون مفتوحا لاستقبال المصلين بعد ما أصابه من خراب.

e935f636-a5b3-409e-92ad-214fc8771841.jpg
 

وأكد قمحية لـ "وكالة سند للأنباء" أن مسجد النصر له مكانة خاصة في قلوب كل أهالي نابلس؛ مضيفًا: "لذلك دعونا الناس فورا لأن يأتوا لتنظيف المسجد لأداء صلاة التراويح فيه، وهو ما كان فعلا".

ولفت أنهم أقاموا صلاة التراويح فيه، لـ "نوجه رسالة للاحتلال أن هذه المساجد دور عبادة لا يجب المساس بها".

محاولات اقتلاع

وغير بعيد عن مدينة نابلس، كان مسجد "بيت الشيخ" في خربة طانا التابعة لبلدة بيت فوريك شرق نابلس، هدفا لعصابات المستوطنين بعد يومين من حرق مسجد النصر.

منسق اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي خربة طانا الناشط ثائر حنني، روى لـ "وكالة سند للأنباء" تفاصيل الاعتداء الذي كان شاهدا عليه.

وقال حنني: "كنا نصلي التراويح عندما داهَمَنا مستوطن يدعى "كوبي" ومعه مجموعة من المستوطنين، وبدأ بتسليط الكشافات علينا لإخافتنا، لكننا واصلنا الصلاة بينما بقي أحدنا يراقب تحركات المستوطنين".

وغادر المستوطن "كوبي" المكان بعد 20 دقيقة، لكنه عاد بعد دقائق بجيب من نوع "همر" وبرفقته مركبة ثانية محملة بالمستوطنين الذين كانوا ملثمين ويرتدون لباس جيش ومخابرات الاحتلال، وفق حنيني.

وتابع: "بعدها بدأ المستوطنون يصرخون على المصلين ويحاولون طردهم بالقوة، وركلوا أحد المصلين، قبل أن يُخضعوا جميع المصلين للتفتيش الجسدي، وصادروا بطاقات هوياتهم وهواتفهم النقالة، واحتجزوهم بالعراء في ساحة المسجد لأكثر من ساعة"

وأشار إلى أن أحد المستوطنين عمد لإفراغ عبوات المياه والعصير والبُنّ والسكّر التي أحضرها المصلون معهم، على سجاد المسجد والكنب، وتخريب المنبر وقلبه رأسا على عقب، وقطع تمديدات الكهرباء، وتحطيم مصابيح الإنارة، فيما توجه بعض المستوطنين للعبث بمركبات المصلين، وحاولوا تخريبها.

تخريب مسجد طانا 2.jpg
تخريب مسجد طانا.jpg
 

ويعتبر مسجد بيت الشيخ من المساجد الأثرية منذ العهد العثماني، ويصل عمره إلى قرابة 250 عاما، ولم يتبق في طانا إلا هذا المسجد والمدرسة بعد عمليات الهدم المتكررة التي ينفذها الاحتلال والتي وصلت إلى 13 مرة، وطالت المساكن والبركسات والخيام والكهوف.

ومنذ تهجير الاحتلال لسكان طانا في يناير/ كانون الثاني الماضي، تحرص اللجنة الشعبية للدفاع عن خربة طانا على استمرار التواجد فيها لمنع مخططات الاحتلال بالاستيلاء على أراضيها.

وفي هذا الإطار يُخبرنا حنني: "نتواجد يوميا في الخربة لمتابعة أعمال الزراعة وأداء الصلاة في مسجد بيت الشيخ، ووصل عددنا إلى 40 مصليا في المسجد".

وأشار إلى أنهم يتعرضون باستمرار لمضايقات المستوطن "كوبي" الذي يقيم بؤرة استيطانية رعوية على أراضي طانا ويمتلك قطيعا كبيرا من الأبقار التي ترعى في أراضيهم وتتلف مزروعاتهم وتلتهمها.

تطرف وحقد دفين

فيما يعزو الكاتب والمؤرخ الفلسطيني ممدوح بري، السبب الرئيسي لتصاعد اعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين على المساجد، إلى انخراط أعداد كبيرة من الجنود غير النظاميين في الجيش.

وأوضح بري لـ "وكالة سند للأنباء" أن جيش الاحتلال سابقا، ورغم إجرامه، إلا أن جزءا كبيرا من آلية التحكم فيه كانت خاضعة لضوابط عسكرية مهنية إلى حد ما، لكن في الفترة الأخيرة أصبحت العناصر المتطرفة التي لا تخضع للضوابط المؤسسية العسكرية تتمتع بدور متقدم في الجيش.

وفيما يتصل بالاعتداء على مساجد نابلس وإحراق مسجد النصر، يرى بري أن سببه هو الحقد الدفين على الوجود الفلسطيني العربي المسلم الأصيل في هذه المدينة التي تمثل العمق الحقيقي للمجتمع الفلسطيني، وترفض الانصهار والتطبيع مع الاحتلال.

كما يُبرز هذا الاعتداء الحقد الكبير تجاه ظاهرة المقاومة التي خرجت من البلدة القديمة بنابلس، خاصة مجموعات "عرين الأسود" والعناصر المقاومة التي برزت في الفترة الأخيرة.

وبيّن أن الاحتلال ينظر إلى البلدة القديمة ومسجد النصر الذي خرجت منه فكرة "الفجر العظيم"، باعتبارهما الحاضنة لهذه المجموعات، فضلا عما يمثلانه في الوعي الجمعي النابلسي.

وقال إن ضباط المناطق في جيش الاحتلال ومخابراته، لا يفوتون أي فرصة للاعتداء على المساجد حينما تتاح لهم الفرصة وبتعليمات من قيادتهم.

67d8214f-cdd3-4922-a616-46b1946da9b7.jpg
1e797bd9-3bc8-409b-8d2d-c4698f88b54a.jpg
6473de03-6c53-437f-8828-11650f51bd81.jpg
7625fbae-b1f9-4dd4-9f0e-3d11396b2238.jpg
566a2bb8-65bb-40f0-b4cc-325d39c070f4.jpg
71362a0b-f790-4497-b4d1-6f9e6d63b909.jpg