وسط تردي حالة الاقتصاد وتآكل الرواتب في الضفة الغربية، جاء قرار الحكومة الفلسطينية رفع التعرفة الكهربائية لعام 2025 بنسبة 19% قياسًا إلى التسعيرة الحالية.
بموجب قرار مجلس الوزراء فإن المواطن يتحمل 8% من الزيادة الجديدة، فيما تتحمل الحكومة نسبة 11% منها، أي أنَّ كمية الكهرباء التي كان ثمنها 100 شيقل، أصبح سعرها وفق التسعيرة الجديدة 108 شواقل.
ووفقًا لتصريح القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة أيمن إسماعيل، فإنّ سبب الزيادة يعود إلى أن شركات الكهرباء لم تعد تحقق الإيرادات الكافية، ما أثر على قدرتها على دفع الفواتير المستحقة عليها، بالإضافة إلى أن 86% من الكهرباء في فلسطين مستوردة من "إسرائيل"، ما يجعل الأسعار عرضة للتغير وفق التكاليف التي تفرضها.
ونبّه إسماعيل في تصريحاتٍ صحفية، أن أسعار الكهرباء قد تنخفض في حال توفرت إمكانياتٌ إضافيةٌ لدى الحكومة لزيادة دعم الكهرباء، أو في حال انخفاض أسعارها من المصدر.
وأثار القرار حالة استياء واسعة في الأوساط الشعبية، عبر عنها مواطنون في أحداث متفرقة لمراسلنا، معتبرين أن رفع تعرفة الكهرباء ستضيف عليهم أعباء جديدة، وستؤدي إلى رفع أسعار مختلف السلع.
وقال أبو أحمد الخليلي وهو صاحب ملحمة برام الله، إن من اتخذ قرار رفع سعر الكهرباء لم يفكر أن كل شيء تقريبًا لا يعمل إلا بالكهرباء، من ثلاجات وماكينات وغيرها، ورفع سعرها سيزيد من التكاليف علينا وسنضطر لرفع الأسعار على المواطن.
من جهته، اعتبر زيد سالم، من سكان بلدة صردا شمال رام الله، أن رفع التعرفة سيكون مضاعفًا على المواطن نفسه قبل أصحاب المحال والتجار، لأن المواطن سيتكلف الأسعار الجديدة للحصول على الكهرباء، وسيواجه زيادة في أسعار مختلف السلع والمنتجات التي حتمًا ستتأثر برفع التعرفة.
فيما قال ياسر دحنون وهو صاحب محل لتنظيف الملابس، إن كل الماكينات التي يستعملها تحتاج الكهرباء وتكلف كثيرًا، مثل آلات الغسل والتجفيف والكي، وأن القرار سيزيد من الأعباء المالية، وربما يضطرهم لرفع السعر على المواطن.
وأكد الباحث في مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية إياد الرياحي، أن ربط الحكومة قرار رفع التعرفة الكهربائية بارتفاعها في "إسرائيل"، غير حقيقي وغير صحيح.
وبين رياحي لـ "وكالة سند للأنباء" أن آثار وانعكاسات رفع تعرفة الكهرباء سيعود بضرر فاحش على المواطن، الذي يواجه أصلا ظروفا اقتصادية صعبة، وتدنيا في الرواتب وعدم التزام في تسديدها.
واعتبر أن على الحكومة عدم المساهمة بمزيد من الإفقار للمواطنين، ودعم الفئات المهمشة بدل رفع الحماية الاجتماعية عنها، كما جرى مع عائلات الأسرى والشهداء والجرحى وغيرها.
وأردف "هذا مسار خطير ومكلف على المواطنين ومكلف على النظام السياسي لاحقًا".
ولفت الرياحي أن "حل المشكلة يجب أن يتم في قطاع الكهرباء، وداخل الشركات، دون الحاجة لرفع الأسعار على المواطنين، خاصة أن سعر الكهرباء في فلسطين هو الأغلى بالمنطقة".
من جهتها، طالبت جمعية حماية المستهلك الحكومة بوقف تعديل تعرفة الكهرباء، في ضوء الوضع المعيشي المتردي ونسبة بطالة مرتفعة بلغت 70% وتراجع القدرة الشرائية.
وقالت الجمعية في بيان لها، "بدلا من إيجاد حلول خلاقة للوضع المعيشي وارتفاع الاسعار لغالبية السلع الاساسية، فإن رفع فاتورة الكهرباء على كل المواطنين أمر بالغ الخطورة".
وحمل رئيس الجمعية صلاح هنية مزودي الكهرباء مسؤولية أزمة هذا القطاع.
وقال "المواطن يدفع فاتورته تجنباً لقطع الخدمة، ويدفع مبلغ إعادة ربط رغم عوزه، وجزء كبير من المشتركين يدفعون ثمن الخدمة مسبقًا".
واعتبر هنية أن مزودي الخدمة هم سبب الأزمة، كونهم لا يسددون فاتورتهم، ويرمون الكرة في ملعب الحكومة لكي تدفع نيابة عنهم، وهم يصرفون ما يحصّلونه من المواطنين في مشاريع لا علاقة لها بقطاع الكهرباء.
وتابع "اليوم، بدلا من معالجة المشكلة بشكل جذري، ذهبوا الى الحل الأسهل هو جيب المواطن الخالية والمثقلة بالديون، وذلك برفع التعرفة".
وأشار إلى أن مجلس إدارة الجمعية وضع خطة لخطوات احتجاجية لوقف تنفيذ قرار زيادة التعرفة ومراجعتها، وأن تكون جمعية حماية المستهلك جزءًا من النقاش، إضافة إلى خيارات قانونية تمتلكها الجمعية الى جانب الخطوات الاحتجاجية.
وتقول سلطة الطاقة إنها تعمل على زيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية بنسبة 30% بحلول 2030، من خلال مشاريع جديدة مثل محطتي توليد الكهرباء في جنين والخليل، وزيادة استيراد الطاقة من الأردن، مما قد يساعد على استقرار الأسعار مستقبلًا.