انطلقت في محكمة العدل الدولية في لاهاي، اليوم الاثنين، جلسات استماع بشأن منع حكومة الاحتلال الإسرائيلي عمل منظمات دولية عديدة في مقدمتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وتأتي هذه الجلسات التي ستمتد على مدى خمسة أيام متتالية، بمشاركة 42 دولة ومنظمة دولية ومقاطعة "إسرائيل"، بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعدما منعت "إسرائيل" عمل وكالة "أونروا" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وستستمع المحكمة إلى مرافعات شفوية من ممثلي الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية، وأكثر من 40 دولة، بالإضافة إلى العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي.
وستقدم هذه الأطراف خلال المرافعات حججها إلى هيئة القضاة المكونة من 15 قاضياً، وستناقش شرعية وآثار الإجراءات الإسرائيلية ضد "أونروا"، والتزامات "إسرائيل" الأوسع باعتبارها قوة احتلال ودولة عضو في الأمم المتحدة.
وفيما لن تشارك "إسرائيل" في المرافعات الشفوية، لكنها قدمت بياناً مكتوباً إلى المحكمة.
وستركز الجلسات على عدة قضايا تتعلق بالتزامات "إسرائيل" القانونية تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك "أونروا"، ومسؤولية "إسرائيل" عن ضمان الإمداد دون عوائق، بالمواد الأساسية للسكان المدنيين الفلسطينيين، ومدى شرعية الحظر الإسرائيلي لعمليات "أونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ممثل فلسطين: المساعدات تُستخدم سلاحا
وفي مرافعته أمام المحكمة، أكد ممثل دولة فلسطين، سفيرها لدى هولندا عمار حجازي، أن "إسرائيل" تستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب ضد المدنيين في قطاع غزة، لافتا إلى أن مخزون الدواء نفد، وأن آلاف الفلسطينيين، ومنهم أطفال، بحاجة لإخلاء فوري للعلاج، كما أن هناك مئات الآلاف من الأطفال المعرضين للخطر بسبب منع الدواء والغداء.
وأشار إلى أن "إسرائيل" قتلت أكثر من 1400 طبيب وموظف في القطاع الصحي، مضيفا "هناك أطباء من غزة مختطفون من قبل إسرائيل لا نعرف عنهم شيئاً".
وأضاف أن "إسرائيل" تمنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ شهرين، لافتا إلى تواطؤ المحكمة العليا الإسرائيلية بالتجويع من خلال إعطاء الشرعية لمنع المساعدات.
وقال إن "إسرائيل" تقوم بحملات متواصلة ضد الشعب الفلسطيني وتاريخه وتراثه، مضيفا "ما يحصل لم يبدأ منذ 18 شهراً، بل منذ سنوات عدة، لمنعنا من حق تقرير المصير".
وذكّر هيئة المحكمة بأنها أصدرت في ثلاث مناسبات سابقة، قرارات تتعلق بإسرائيل، لكن الأخيرة لم تلتزم بها، وهذه القرارات تتعلق بجدار الفصل العنصري، وإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية، وضرورة إدخال المساعدات لغزة.
وتطرق حجازي إلى قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين، بسبب ممارسات تتعلق بمنع دخول المساعدات الإنسانية وتجويع الفلسطينيين.
واستعرض ممثل فلسطين مجموعة من الصور أمام القضاة توثق استهداف "إسرائيل" لعمال الإغاثة في غزة، مشددا أن ما تقوم به إسرائيل يهدد الأجيال الفلسطينية المقبلة.
ممثلة الأمم المتحدة: منع المساعدات أجج المعاناة بغزة
من ناحيتها، أكدت المتحدثة باسم فريق الأمم المتحدة القانوني إيلنور هاممارسكغولد، أنه لا توجد أي مساعدات إنسانية تدخل غزة منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي، الأمر الذي أجج المعاناة الإنسانية في قطاع غزة.
وشددت على وجوب التزام كل الأطراف في الصراع بالقانونين؛ الدولي، والإنساني الدولي، ولفتت إلى أن "إسرائيل"، باعتبارها قوة احتلال، تقع عليها مسؤوليات عدة، أبرزها إعطاء منظمات الأمم المتحدة إذن العمل وفقاً للمادة 59 من معاهدة جنيف لحقوق الإنسان، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والغذاء والدواء، وعدم مهاجمة أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة.
وأكدت المسؤولة الأممية أن "إسرائيل" تستمر في خرق قرارات الأمم المتحدة باستمرارها باحتلال الأراضي الفلسطينية.
وأوضحت أنه وبحسب القانون الدولي، يُمنع على الدول احتلال أراضٍ بالقوة وضمها، مشيرة إلى قوانين سنها الكنيست الإسرائيلي، تسعى لضم أراضٍ فلسطينية لإسرائيل، من ضمنها القدس الشرقية، خلافاً للقانون الدولي.
وتطرقت المتحدثة إلى ما واجهته وكالة "أونروا" من تحديات خلال عملها في الأراضي الفلسطينية، بسبب القيود الإسرائيلية، من ضمنها منع دخول مناطق محددة وتوزيع مساعدات فيها.
وطالبت كل الأطراف بالامتثال لواجباتها إزاء القانون الدولي، وأكدت أن كل المنظمات الإنسانية في فلسطين تابعة للأمم المتحدة وتقدم خدمات أساسية، ومن واجب "إسرائيل"، بوصفها سلطة احتلال، حماية الطواقم الطبية والإنسانية وموظفي الأمم المتحدة.