سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الضوء على تلاشى أمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل إلى اتفاق بشأن غزة قبيل زيارته المرتقبة إلى ثلاث دول خليجية هذا الشهر، وذلك بفعل التصعيد الإسرائيلي المستمر والتلويح بتوسيع العدوان على القطاع.
وأوردت الصحيفة أنه عندما استضاف ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 7 نيسان/أبريل الماضي، ذكّره أحد المراسلين بأن وعده الانتخابي لعام 2024 بإنهاء الحرب في غزة لم يتحقق.
وكانت دولة الاحتلال قد انتهكت مؤخرًا (يوم 18آذار/مارس) وقف إطلاق نار هشًا في حربها المستمرة منذ 18 شهرًا على قطاع غزة المحاصر، واستأنف تقصفها الشرس، ولكن ترمب أبدى تفاؤله، وأجاب: "أود أن أرى هذه الحرب تتوقف. وأعتقد أنها ستتوقف في وقت ما، لن يكون في المستقبل البعيد".
لكن بعد شهر، يظهر أن احتمالات وقف دولة الاحتلال حربها على غزة تضاءلت بشكل كبير بحسب نيويورك تايمز.
وأشارت الصحيفة إلى تهديد نتنياهو يوم الاثنين بأن العالم سيرى تصعيد إسرائيلي "مكثف" على القطاع المدمر والمجوع بعد أن وافقت حكومته الأمنية على خطط لاستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لهجوم جديد هناك.
ويصرّ المتشددون الإسرائيليون على أن القوة وحدها كفيلة بالدفع لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين لا يزالون في غزة، فيما يعتقد المحللون إن تصعيدًا إسرائيليًا كبيرًا قد يقضي على أي أمل متبقٍ في وقف إطلاق النار.
وفيما يتساءل البعض الآن عن كيف سيتفاعل ترامب مع هذا الواقع الجديد، يقول المحللون إنه بعد موجة مبكرة من الدبلوماسية لتحرير الأسرى والتوصل إلى تسوية طويلة الأمد، انشغل ترامب وكبار مسؤوليه عن الحرب "وقد أدى ذلك إلى نوع من الحرية المطلقة لنتنياهو، الذي يبدو مستعدًا لاستخدامها".
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل
نقلت نيويورك تايمز عن إيلان غولدنبرغ المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في إدارتي أوباما وبايدن: "في بداية الإدارة كانت كل الوعود منصبة على غزة. ولكن عندما انهار وقف إطلاق النار، أعطى ترامب الإسرائيليين الضوء الأخضر لفعل ما يريدون".
وأضاف غولدنبرغ، الذي يشغل الآن منصب نائب الرئيس الأول في منظمة "جيه ستريت"، وهي منظمة يهودية أميركية وسطية تدعو إلى حل الدولتين: "أشعر أنه ليس منخرطا (في أزمة غزة) إلى الحد المطلوب؛ شعر بالملل نوعًا ما".
يشار إلى أن ترامب يعتزم السفر إلى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، في زيارة إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
وقد يكون التصعيد الإسرائيلي العنيف في غزة محبطًا للرئيس ترامب، وهو تذكير صارخ بأنه فشل في تحقيق السلام الذي وعد به.
واتفق مايكل ماكوفسكي، الرئيس والمدير التنفيذي للمعهد اليهودي المتشدد للأمن القومي الأميركي، على أن ترامب كان أقل انخراطًا مع دولة الاحتلال بشأن موضوع غزة من إدارة بايدن.
وأمضى الرئيس جو بايدن وكبار مسؤوليه وقتًا طويلًا في محاولة إدارة الحرب الإسرائيلية على غزة. وقد كان هدفهم الحد من معاناة المدنيين في غزة وإنقاذ دولة الاحتلال من الإدانة الدولية، حتى لو وصفهم النقاد بالمبالغة في التسامح مع استخدام دولة الاحتلال للقوة.
وقد أبدى ترمب لمحات من القلق على سكان غزة، وقال يوم الاثنين إنه سيساعد سكان غزة على "الحصول على بعض الطعام" وسط الحصار الإسرائيلي، لكن اهتمامه بمأساة غزة كان متقطعًا.
وقال ماكوفسكي: "الأمر أشبه بالليل والنهار مع إدارة بايدن، التي كانت تحاول التحكم في تفاصيل العمليات الإسرائيلية".
وأضاف أن المسؤولين الإسرائيليين "لا يتلقون مكالمات هاتفية". "لا أعتقد أنهم يتعرضون لضغوط بشأن عدد شاحنات المساعدات القادمة".
وأفاد موقع أكسيوس يوم الاثنين أن دولة الاحتلال ستشن عملية برية جديدة في غزة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بحلول الوقت الذي يكون قد عاد فيه ترامب من رحلته إلى المنطقة.
وقال ماكوفسكي، إنه عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، كان ترامب أكثر تركيزًا على الدبلوماسية الناشئة التي تهدف إلى منع إيران من تطوير قنبلة نووية.
ومن مؤشرات تحول التركيز، منصب المبعوث الخاص للرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
ففي الأيام الأولى لرئاسة ترمب، انخرط ويتكوف في دبلوماسية سعيًا لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت الذي تم التوصل إليه في 15 كانون الثاني 2025.
لكن ويتكوف أصبح منذ ذلك الحين مبعوثًا متجولًا يتنقل بين العديد من المهام. كما تولى المطور العقاري السابق وصديق ترامب القديم ملف إيران والتقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أربع مرات لمناقشة أوكرانيا. ولكن ليس هناك ما يشير إلى أن وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو قد تدخل في الأمر.
إذ أن روبيو، الذي عينه ترامب الأسبوع الماضي مستشارا للأمن القومي الأمريكي، لم يظهر أي اهتمام في الحرب الإسرائيلية على غزة ، ولم يقم بزيارة دولة الاحتلال بعد.