أكد موقع (Mondoweiss) الدولي أن خطة المساعدات الإسرائيلية لقطاع غزة في خضم حرب الإبادة الجماعية المستمرة تشكل جزءً أساسياً من استراتيجيتها لطرد الفلسطينيين وتنفيذ التطهير العرقي.
وشدد الموقع أن التهجير القسري للشعب الفلسطيني أصبح الهدف الصريح للحرب الإسرائيلية على غزة في ظل سعي معلن لاستغلال المساعدات الإنسانية كسلاحٍ لتعزيز الحل النهائي ل"مشكلة" غزة.
الخطة بسيطة: تجويع سكان غزة، وإنشاء مساحة أرض واحدة فقط مُسوّاة يُمكنهم الوصول إليها للحصول على حصصهم الغذائية - بتسهيل من الجيش الإسرائيلي، وتديرها شركة مقاولات أمريكية خاصة.
وبحسب الخطة الإسرائيلية سيُجبر سكان غزة على الذهاب إلى نقاط التجميع هذه، حيث سيتم حشرهم داخل ما يُشبه معسكر اعتقال فعليًا، يقع فيما كان يُعرف سابقًا بمدينة رفح، وهي الآن أرض قاحلة مُسوّاة.
وقد أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل هذا في إعلانه الأخير، الذي جاء بعد يوم واحد من إعلان سلطات الاحتلال أنها ستسمح بكميات "ضئيلة" من المساعدات الإنسانية بالدخول إلى غزة "لأسباب دبلوماسية" - لتجنب اتهامات جرائم الحرب وصور المجاعة.
ويوم الاثنين، وافقت الحكومة الإسرائيلية أخيرًا على دخول المساعدات، بعد شهرين من الحصار الإسرائيلي الشامل على القطاع المحاصر. وقد أدى هذا التجويع القسري إلى انتشار الجوع والمرض، حيث أفاد المكتب الإعلامي لحكومة غزة أن ما لا يقل عن 70 ألف طفل فلسطيني نُقلوا إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد.
وفي وقت لاحق قالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن الشاحنات التسع التي سمحت سلطات الاحتلال بدخولها تُمثل "قطرة في بحر" احتياجات السكان المنكوبين. إلا أن كمية المساعدات المسموح بدخولها إلى غزة ليست الشاغل الوحيد المُحيط بهذه القضية. بل يتزايد الخوف من أن تُستخدم المساعدات كأداة لتحقيق هدفها الرئيسي في الحرب، وهو تسهيل طرد الفلسطينيين من غزة.
الهدف التطهير العرقي
عندما أعلنت دولة الاحتلال عن هجومها الأخير الهادف إلى السيطرة على قطاع غزة بالكامل، والمُسمّى عملية "عربة جدعون"، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية اليومية أن إحدى مراحل العملية ستشمل نقل غالبية السكان الفلسطينيين إلى جنوب القطاع، وخاصةً منطقة رفح.
وتزامنت هذه التقارير مع تصريحات نتنياهو لجنود الاحتياط الإسرائيليين الأسبوع الماضي، والتي أفاد فيها بأن دولة الاحتلال تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة، وأن العقبة الرئيسية تكمن في إيجاد دول مستعدة لاستقبالهم.
ويرى معظم المحللين أن تمركز الفلسطينيين في جنوب غزة خطوة تمهيدية لإجبارهم على المغادرة. ويُعتقد أن هذه الخطة الجديدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة قد تكون آخر خطوات هذه الاستراتيجية.
إقصاء منظمات الإغاثة
لطالما كانت المنظمات الدولية، بما فيها هيئات الأمم المتحدة مثل الأونروا وبرنامج الغذاء العالمي، جهات فاعلة رئيسية في توزيع المساعدات في غزة. لكن بعد دقائق من قرار مجلس الوزراء هذا الأسبوع، أفادت تقارير إسرائيلية بأن الحكومة الإسرائيلية ستعتمد آلية جديدة لتوزيع المساعدات عبر الجيش الإسرائيلي، متجاوزةً المنظمات الدولية.
إذ أن العنصر الأهم في هذه الآلية الجديدة هو أن المساعدات لن يتم توزيعها على جميع أنحاء قطاع غزة، ولكن إلى نقاط توزيع محددة حيث سيطلب من الفلسطينيين التحرك لتلقيها.
وقد أُعلن سابقًا عن هذه الخطة الإسرائيلية كخطة أمريكية-إسرائيلية مشتركة، تتضمن توزيع مساعدات تُحدد بحصص محدودة على الأسر.
في الخطة الإسرائيلية الجديدة، ستتولى مؤسسة غزة الإنسانية، التي تأسست حديثًا ومقرها الولايات المتحدة، تنظيم التوزيع، بدلًا من العمل مع منظمات الإغاثة التقليدية.
وقد أعربت المنظمات الدولية المتواجدة في غزة بالإجماع عن رفضها للخطة في بيان مشترك، قائلةً إنها "تتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية، ويبدو أنها تهدف إلى تعزيز السيطرة على المواد الأساسية للحياة كأسلوب ضغط ضمن استراتيجية عسكرية".
وقبل شهر، في الثامن من أبريل/نيسان، رفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السيطرة الإسرائيلية على توزيع المساعدات في غزة، مشيرًا إلى أنها تُخاطر "بمزيد من السيطرة على المساعدات وتقييدها بلا رحمة حتى آخر سعرة حرارية وحبة دقيق".
وأضاف غوتيريش أن الأمم المتحدة "لن تشارك في أي ترتيب لا يحترم المبادئ الإنسانية احترامًا كاملًا: الإنسانية، والنزاهة، والاستقلال، والحياد".
غزة تتضور جوعاً
تروج دولة الاحتلال لقرارها بالسماح بدخول المساعدات على أنه خطوة للأمام في الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة. ومع ذلك، إذا نُفِّذَ وفقًا للخطة الإسرائيلية، فقد يُصبح إيصال المساعدات بحد ذاته خطوة أخرى في الاستراتيجية الإسرائيلية المستمرة لتحقيق هدفها المعلن المتمثل في تهجير سكان القطاع الفلسطينيين.
في هذه الأثناء، يتفاقم الجوع في القطاع كل دقيقة، متسببًا حتى الآن في وفاة ما لا يقل عن 57 فلسطينيًا، معظمهم أطفال، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، وتسبب في إجهاض 300 امرأة حامل بسبب نقص التغذية.
كما أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بوفاة عدد غير محدد من كبار السن بسبب نقص الأدوية، خلال الفترة نفسها.