الساعة 00:00 م
السبت 14 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.83 جنيه إسترليني
5.02 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.12 يورو
3.56 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قافلة "صمود" المغاربية تسير نحو غزة تضامنًا معها.. هذه آخر تفاصيلها

ترجمة خاصة.. الغارديان: حلّ الدولتين هو وهم في ظل سياسات الاحتلال

حجم الخط
الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية.jpg
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

بينما يستعد المجتمع الدولي لحضور مؤتمر رفيع المستوى في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل بشأن ما يُسمى بـ"التسوية السلمية للقضية الفلسطينية"، تتعالى مجددًا الأصوات المطالبة بإحياء حل الدولتين.

وأبرزت صحيفة الغارديان البريطانية أنه خلف هذه المبادرات الدبلوماسية الرتيبة، يرسخ الواقع على الأرض صورة مختلفة تمامًا: واقع الدولة الواحدة القائمة بحكم الأمر الواقع، والتي تخضع فيها حياة ملايين الفلسطينيين لسيطرة إسرائيل دون حقوق متساوية أو تمثيل سياسي.

ففي ظل المجازر المتواصلة والمجاعة المتفاقمة في غزة، يُطرح سؤال جوهري: هل لا يزال حل الدولتين قائمًا كخيار فعلي أم تحوّل إلى أداة تضليل دبلوماسي؟.

حل الدولتين بين التوسع الاستيطاني والمجازر

أشارت الغارديان إلى أنه منذ انطلاق ما يُسمى بـ"عملية السلام" في التسعينيات، لم تتوقف الحكومات الإسرائيية المتعاقبة توسيع مستوطناتها وتعزيز ضمّها الفعلي للأراضي الفلسطينية.

وتضاعفت أعداد المستوطنات، وتكثفت عمليات التهويد والعنف الاستيطاني، كما شهد العام الماضي أكبر عملية استيلاء على أراضي الضفة الغربية منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وفي شهر واحد فقط، وافقت السلطات الإسرائيلية على بناء 22 مستوطنة جديدة، ما يبدّد عمليًا أي إمكانية جغرافية أو سيادية لقيام دولة فلسطينية.

وبالرغم من هذا التدهور المستمر، تواصل الدول الغربية ــ وفي مقدمتها فرنسا والمملكة العربية السعودية كمشاركين في رئاسة المؤتمر الأممي المرتقب ــ التشبث بخطاب حل الدولتين بوصفه "السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم". غير أن فرنسا نفسها تراجعت عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، ما يكشف زيف هذا الطرح.

في الواقع، لم يعد حل الدولتين سوى شعار بروتوكولي يُستخدم لذر الرماد في العيون، وتجنب مواجهة الحقيقة الصارخة: أن الاحتلال الإسرائيلي ليس في طريقه إلى الزوال، بل يتجذر أكثر فأكثر، تحت غطاء التفاوض.

واقع الدولة الواحدة: فصل عنصري وتراتبية قانونية

من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، تتحكم دولة الاحتلال بجميع جوانب حياة الفلسطينيين، سواء كانوا داخل حدودها الرسمية أو تحت احتلالها في الضفة الغربية وغزة.

هذا النظام ليس مجرد احتلال مؤقت، بل نظام فصل عنصري ممنهج، كما أكدت تقارير منظمات حقوقية دولية، وأخيرًا محكمة العدل الدولية التي أشارت إلى أن إسرائيل تنتهك الحظر الدولي على التمييز العنصري.

ما يُسمى بـ"حل الدولتين" لا يفعل سوى التغطية على هذه الحقيقة. إذ يتم استخدامه كأداة لإدامة الوضع القائم، وإيهام العالم بأن المأساة الفلسطينية قابلة للحل عبر مفاوضات، رغم مرور أكثر من ثلاثين عامًا على فشل "عملية السلام".

بل إن هذا الشعار يساهم فعليًا في حماية النظام الإسرائيلي من المحاسبة، من خلال تحويل النقاش بعيدًا عن جوهر المشكلة: نظام استعماري إقصائي يمنح امتيازات قانونية لليهود على حساب السكان الفلسطينيين الأصليين.

الفلسطينيون اليوم يُعاملون وفق تراتبية قانونية عنصرية: من يحملون الجنسية الإسرائيلية من العرب، وسكان القدس، وسكان الضفة الغربية، وسكان غزة، ثم اللاجئون في المنافي.

لكل فئة شكل مختلف من أشكال القمع، لكنها جميعًا جزء من بنية واحدة تُعرف باسم "نظام النكبة المستمر"، الذي يسعى إلى تفتيت المجتمع الفلسطيني وحرمانه من حقوقه الجماعية والفردية.

النكبة المستمرة: الجذر الذي يجب مواجهته

أكدت صحيفة الغارديان أنه لا يمكن الحديث عن تسوية عادلة دون الاعتراف بأن نكبة عام 1948 لم تكن لحظة في التاريخ، بل مشروعًا مستمرًا. لقد شُرّد حينها أكثر من 750 ألف فلسطيني، ودُمّرت أكثر من 530 قرية لإقامة إسرائيل، لكن ذلك لم يكن نهاية القصة.

فالنكبة تجسدت في نظام دائم من التهجير القسري وإعادة تشكيل التركيبة الديمغرافية والسياسية للشعب الفلسطيني. وما نشهده اليوم في غزة والضفة الغربية ما هو إلا استمرار لهذا النهج.

في مواجهة هذا الواقع، لا يكفي الاعتراف الرمزي بدولة فلسطينية، ولا يعوّل الفلسطينيون على مؤتمرات تُعقد في قاعات الأمم المتحدة لتقرير مصيرهم. بل المطلوب، وفقًا للمنطق الأخلاقي والقانوني، هو معالجة الأسئلة الجوهرية التي طالما تم تجاهلها: ما مصير الأراضي المحتلة عام 1948؟ ما هو مصير ملايين اللاجئين؟ ما هو وضع المواطنين الفلسطينيين داخل دولة الاحتلال؟ وما هو مصير الحق في تقرير المصير للفلسطينيين أينما كانوا؟.

وختمت الغارديان "لقد آن الأوان للمجتمع الدولي ليتخلى عن الأوهام، ويتبنى رؤية تستند إلى الحقيقة لا إلى الشعارات. العدالة لا تتحقق عبر "حل الدولتين" كإطار تفاوضي هش، بل من خلال الاعتراف الكامل بالحقوق الجماعية والتاريخية والسياسية للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها الاعتراف بالنكبة بوصفها البنية التأسيسية للواقع القائم، وإلى أن يحدث ذلك، سيبقى حل الدولتين، كما كان دومًا، مجرد وهم".