الساعة 00:00 م
السبت 14 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.83 جنيه إسترليني
5.02 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.12 يورو
3.56 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قافلة "صمود" المغاربية تسير نحو غزة تضامنًا معها.. هذه آخر تفاصيلها

ترجمة خاصة.. Middle East Eye: الإبادة في غزة ليست "استثناء" بل منطق النظام الإسرائيلي

حجم الخط
الإبادة.webp
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

أكد موقع Middle East Eye البريطاني، أن حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة ليست "استثناء" بل هي تعبير عن منطق النظام الإسرائيلي وأن أي شخص يعارض الإبادة الجماعية حقًا يجب عليه أيضًا معارضة هياكل السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين في كل مكان.

وقال الموقع إن أي شخص يدّعي معارضة الإبادة الجماعية الحاصلة في غزة، عليه أيضًا أن يعارض البُنى التي تُكرّس السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين في كل مكان.

وأبرز أنه رغم أن العدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكثر من 600 يوم يُوصف اليوم على نطاق واسع بأنه "حرب إبادة جماعية"، إلا أن التركيز المفرط على القطاع يُغفل الصورة الأوسع: ما يجري في غزة ليس معزولًا، بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد تستهدف كل تجمع فلسطيني، من الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى الداخل المحتل عام 1948.

وشدد على أن مناهضة الإبادة الجماعية لا تكتمل ما لم تُقرَن برفض التهجير الممنهج، والتطهير العرقي، والتمييز القانوني الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين أينما كانوا.

عنصرية ممنهجة: الرواية الغربية المنحازة

حتى اللحظة، لا يزال الخطاب الغربي الرسمي والإعلامي يُعامل الفلسطينيين كمذنبين حتى تثبت براءتهم، مقابل افتراض دائم بحُسن نية دولة الاحتلال.

وقد ساهم معلّقون غربيون أمثال بيرس مورغان وماثيو ميلر في تبرير المجازر طيلة شهور، قبل أن يتراجعوا جزئيًا حين فاضت صور الجثث والدمار.

هذه المفارقة الأخلاقية لا تنفصل عن الامتيازات الاستعمارية وهيمنة دولة الاحتلال على حياة الفلسطينيين، من الماء والكهرباء إلى الحركة والسكن والسياسة.

النكبة والولادة العنيفة لقطاع غزة

قبل نكبة 1948، كان "قطاع غزة" يشمل مساحة تتجاوز 1100 كم². بعد النكبة، تقلّصت المساحة إلى 365 كم²، فيما تضاعف عدد السكان إلى نحو 280 ألفًا، بينهم 200 ألف لاجئ طُردوا من مناطقهم.

منذ تلك اللحظة، بدأت دولة الاحتلال في التعامل مع غزة كمنطقة مكتظّة بالعرب، يتم تطويقها لحماية "الحد الأقصى من الأرض مع الحد الأدنى من العرب".

ومنذ انسحابها العسكري عام 2005، فرضت دولة الاحتلال نظامًا مشددًا من الحصار، تحكم فيه بالحد الأدنى من السعرات الغذائية، وتقطع الكهرباء والماء، وتمنع الحركة.

وبين عامي 2008 و2023، شنت دولة الاحتلال أربع حروب على القطاع، خلّفت أكثر من 6300 شهيد. ولم يُحاسب أي مسؤول سياسي أو عسكري إسرائيلي على جرائم الحرب.

الهجمات لم تكن عشوائية، بل جزء من استراتيجية "الضغط الدوري"، صمّمها أرييل شارون، ووافق الأميركيون على تطبيقها مقابل توسيع الاستيطان في الضفة.

صفقة الديموغرافيا

الانسحاب من غزة جاء مقابل توسيع الاستيطان بالضفة الغربية، حيث تضاعف عدد المستوطنين من 250 ألفًا إلى أكثر من نصف مليون. كانت المعادلة واضحة: تخلٍ عن غزة مقابل ترسيخ المشروع الاستيطاني في قلب الضفة.

بموازاة ذلك في الداخل الفلسطيني، شَرّعت حكومات إسرائيل المتعاقبة قوانين تُقوّض الحقوق المدنية للفلسطينيين: مثل قانون النكبة (2011): يُعاقب المؤسسات التي تحيي ذكرى النكبة، وقانون كامينيتس (2017): يُسهّل هدم المنازل بحجج الترخيص.

كذلك قانون القومية (2018): يمنح العبرية وحدها صفة اللغة الرسمية، ويُلغي الاعتراف بالعربية، وقوانين إضافية تُجيز الترحيل والسجن استنادًا إلى "التعاطف مع المقاومة".

والهدف من كل هذه التشريعات هو ترسيخ بنية قانونية عنصرية تُفضّل اليهودي على الفلسطيني.

حرب مفتوحة على الأرض والشعب

منذ أواخر 2024، وسّعت دولة الاحتلال عمليات الاستيطان والتهجير في الضفة الغربية، لا سيما في الخليل، حيث اقتُلعت آلاف الأشجار ودُمّرت مخيمات اللاجئين.

وفي القدس ومناطق الداخل، هُدّمت مئات المنازل تحت ذريعة "مخالفات بناء".

أما في النقب، فأعادت دولة الاحتلال تفعيل "خطة موكيديم"، ما يهدد بترحيل عشرات آلاف البدو وتجميعهم قسرًا في بلدات معترف بها، بينما تُهدم قرى كاملة مصنّفة "غير معترف بها".

الإبادة امتداد لمنظومة استعمارية

ما يحدث في غزة اليوم ليس "ردّ فعل" على السابع من أكتوبر. إنه امتداد طبيعي لمنظومة استعمارية عمرها قرن، تسعى إلى تجريد الفلسطيني من إنسانيته وتجريمه، وتستند إلى دعم سياسي وإعلامي غربي واسع.

استغرق الأمر نحو عامين حتى تبدأ بعض الأصوات الغربية بالتحوّل، لكن غزة لم تكن عطبًا في النظام الإسرائيلي، بل دليلًا على طبيعته الجوهرية.

الإبادة ليست خطأً، بل نتيجة طبيعية لنظام قائم على تشويه الواقع، وإخضاع الفلسطينيين بكل الوسائل. أي رفض لهذه الجريمة يجب أن يُوجَّه ضد بنية السيطرة ذاتها، لا ضد مظاهرها المؤقتة فقط.

فبينما تتظاهر بعض الأطراف الإسرائيلية بالاعتدال لأسباب سياسية أو دعائية، يبقى هدف النظام كما هو: إعادة هندسة الوعي والسيطرة.

ومع تزايد العزلة الدولية، ستسعى دولة الاحتلال إلى صياغة "عملية سلام" جديدة، شبيهة بأوسلو، تهدف إلى تكريس واقع ما بعد المجازر، وليس إصلاحه.

وقد تُقدَّم هذه الخطوة كـ"حل"، لكنها في الحقيقة غطاء لإدامة الاحتلال، وتحويل الكارثة القادمة إلى مسألة وقت لا أكثر.

الخلاصة من يريد وقف الإبادة فعليًا، عليه أن يُهاجم جذور النظام الإسرائيلي الاستعماري، لا فقط أعراضه. فغزة ليست "خطأً"، بل هي نتيجة منطقية لنظام يُعيد إنتاج الفوضى والدمار لفرض الهيمنة.

وما لم يتم تفكيك هذه البنية جذريًا، ستبقى كل "عملية سلام" خدعة، وكل هدنة فرصة لجولة جديدة من الوحشية المخططة.