الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.37 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.08 يورو
3.8 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

 ليست مجرد قبور..  

بالصور المقامات الدينية في نابلس إرث حضاري يقاوم الاندثار

حجم الخط
مقامات3.JPG
أحمد البيتاوي- سند  

على رؤوس جبال المدينة وداخل أسوار بلدة نابلس القديمة، تقع عشرات المقامات الدينية التي يعود تاريخ بعضها للعصر الأيوبي وما قبله، تلك الغرف العتيقة التي تتوسطها عادة أضرحة تعلوها أقمشة خضراء، صارت جزءاً من الإرث الحضاري الفلسطيني.

ورغم شغف "الصوفيين" في نابلس بهذه المقامات وتحويل بعضها لزوايا تخص طُرقهم، ورغم لا مبالاة "السلفيين" بها بحجة أن التبرك بها وزيارتها حرام شرعاً، غير أن هذه المقامات التي عاش بها أنبياء وأولياء وعلماء، ظلّت في نظر المختصين جزءاً من الأماكن الأثرية التي يجب الاهتمام بها.

مقامات6.JPG
 

الباحث في وزارة الأوقاف الشيخ موسى الخراز ، تحدث عن أنواع هذه المقامات، فقال:" تأخذ المقامات في نابلس وفلسطين عموماً شكلين، بعضها يقع على رؤوس الجبال والتلال، ولهذه المقامات التي قد تتكون أحياناً من عدة غرف، أهمية عسكرية وأمنية وهي أشبه بأبراج المراقبة المرتفعة التي ترصد تحركات العدو".

ويكمل لمراسل "سند" :"لو نظرنا مثلاً لمقام "طاروجة" الذي يقع في قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس، نجد أنه بُني على سفحة جبل يتوسط مدن سلفيت ورام الله ونابلس، وهذا يدلل على أن العلماء والصالحين قديماً كانوا مجاهدين يرابطون على الثغور مع طلابهم ومُريديهم، حتى إذا توفوا دفنوا في هذه الأماكن التي تحوّلت فيما بعد لمقامات".

مقامات.. أبراج مراقبة
وحسب الخراز فإن "طاروجة" ليس هو المقام الوحيد الذي يقع على أعالي جبال نابلس، فمثله مقام "مجير وعماد الدين" الذي يقع فوف الجبل الشمالي وبجانبه بئر ماء عميق، ومقام "بلال" الذي يقع على سفحة جبل قريب من قرية "عزموط" شرق المدنية، ومقام "الجنيد" القريب من جبال بلدة بيت وزن غرب المدينة.

ويشير الخراز إلى أن النوع الثاني من المقامات بُني بغرض التعبد والاعتكاف، وهذا النوع نراه بشكل واضح داخل أسوار نابلس القديمة كمقام "الشّيخ مسلم" الذي يحوي ضريح الشيخ مسلَّم الصمادي، وهو الجد الأكبر لعائلة الصمادي العريقة التي تعيش في المدينة منذ أكثر من 600 عام.

وأضاف:" هناك أيضاً  مقام "بشر الحافي" وهو عبارة عن غرفة واسعة، فيها ضريح ينسب إلى بشر بن الحارث بن عطاء المعروف ببشر الحافي، المولود سنة 150هـ وهو أحد الأولياء الصالحين".، لافتاً إلى أن غالبية هذه المقامات تعود للعصر الأيوبي والمملوكي الذي شهد تمدد الحركة الصوفية وانتشرها.

مقامات5.JPG
 

المقامات واليهود
ولأهمية هذه المقامات من الناحية الدينية والثقافية والحضارية، وضعت دولة الاحتلال هذه الأماكن نصب أعينها، فعملت على تهويد بعضها وتدمير بعضها الآخر  والسيطرة على قسم آخر، خاصة تلك التي تقع في المناطق المصنفة (ب، ج).

ويؤكد الباحث في وزارة الأوقاف على أن اليهود أرسلوا إلى فلسطين بداية القرن الماضي وقبل قيام دولتهم باحثين وخبراء في التاريخ، وثّقوا أسماء بعض هذه المقامات وأدرجوها في التوراة بعد أن أعطوها صفة يهودية، كما حصل في مقامات بلدة "عورتا "جنوب نابلس، كل ذلك بمساعدة بريطانيا خلال فترة الانتداب.

مقامات4.JPG
 

المقامات والأساطير
وطالب الخراز الباحثين بضرورة الاهتمام بتاريخ هذه المقامات ودراستها، وتفنيد بعض الأساطير والخرافات التي يتناقلها الناس عنها.

وتابع الخراز: "على سبيل المثال يتداول أهالي مدينة نابلس منذ عقود أن الجرافات لم تستطع في ستينات القرن الماضي هدم أحد المقامات التي تقع وسط المدينة، والحقيقة أن هذا المقام الذي يسمى "سفيان البسطامي" يقع فوق سور المدينة القديم الذي بُني قبل أربعة آلف عام، وأن هذا السور من المتانة والصلابة بحث لم تفلح الجرافات بهدمه".

المقامات وأهميتها
الباحث المختص في القضايا التراثية والفرق الإسلامية د. جبر خضير يحدثنا عن هذه المقامات وأهميتها فيقول:" تقوم المقامات والمزارات بدور مهم في إحياء الذّاكرة الجمعيّة من حيث ارتباطها بالمكان والزمان، وهي أيضاً جزء من التّراث الفولكلوريّ للشّعب الفلسطينيّ".

ويشير خضير إلى أن المقامات كانت حتى وقت قريب مكاناً لإقامة المناسبات الاجتماعية المختلفة كختان الأطفال والاحتفال بمولدهم, وعمل حلقات الذكر والتسبيح والاعتكاف والخلوة خاصة في شهر رمضان.

ويكمل لمراسل "سند":" هذه المقامات يجب المحافظة عليها وترميمها وفتحها أمام الناس وزوار المدينة والسواح الأجانب، فهي جزء من صراعنا الحضاري مع الاحتلال ودليل على عروبة وإسلامية فلسطين".

ويلفت خضير إلى أن الجيل الجديد لا يعرف الكثير عن هذه المزارات ولا يعي أهميتها، لذلك من الواجب تضمينها في الكتب المدرسية والجامعية، مطالباً وزارات الأوقاف والآثار والتربية والتعليم والإعلام بوضع خطة للتعريف بهذه المزارات.

ونفى الباحث المختص في القضايا التراثية والفرق الإسلامية أن تكون زيارة هذه المقامات فيها مخالفة شرعية كما يدعي السلفيون، مشدداً على أن زيارة الناس لا تكون بقصد عبادة المكان ولا التبرك بالصالحين وأن زيارة المقابر مشروعة في الإسلام بنصوص نبوية.

مقامات7.jpg