يتحسس الخيل بيديه الصغيرتين، يحضنهم إليه، يخاطبهم بحديثٍ خاص، يبهر كل من رآه بحجم التفاهم والانسجام الكبيرين بينهما، اقتربنا منه وسألناه، هل يعرفك الخيل، فأجاب بلهجته البريئة " آه احنا أصحاب كتير، أنا حافظهم وهمّا حافظيني".
بداية الحب
والد الطفل أحمد أبو زمارة يخبرنا عن بداية طفله محمد في حب الخيل:" كنتُ آتي إلى هنا أتدرب على الخيل حتى أصبحتُ مدرباً، وكنتُ اصطحب معي محمد، حتى بدأ حب الخيل يكبر في قلبه، وأصبح لحوحاً في طلبه لتقليدي".
شغف محمد ورغبته في ركوب الخيل، دفع بوالده إلى السماح له وتلبية طموحه في ركوب الخيل، لم يكن محمد عادياً، وكل معلومةً كانت تمر من أمامه يحفظها بسرعة، ليلتحق بدورات تدريبية لركوب الخيل ويُعقد معهم علاقة وثيقة يُلاحظها كُل من يقبل على النادي.
يُمضي محمد جُل وقته برفقته والده الذي يملك النادي، يستمع بإنصاتٍ لكل نصيحةَ أو ملاحظةٍ تقدم له، وبعينيه يرقب كل حركةٍ للخيل، أسئلته الدائمة تكبر عمره الصغير، لكن تطلعه دائماً لأن يكون فارساً متمرساً يدفع بالمدربين من حوله منحه اهتماماً مميزاً، في محاولة لتحقيق حلمه ومشاركته بالبطولات لاحقاً.
علاقة وطيدة
عقد محمد علاقة وطيدة بينه وبين الخيول، فحفظ أسمائهم عن ظهر قلب، فيعرفُ كل مشيةٍ وطعام واسم كل فرسٍ منهم، وتوثقت علاقته بفرسة صغيرة مُسماة بــ "نغم" لكن حبل الود انقطع فجأة حينما استيقظ محمد على خبر وفاتها، الأمر الذي ملأ قلب محمد بالحزن الشديد.
بعد وفاة صديقة محمد الفرسة "نغم" لم يرغب بالذهاب للنادي ثلاث أيام متواصلة وهو الذي لم يُفارقه البتة، إلا أن والده حاول استيعاب حزنه وأقنعه بالعودة للنادي وأنّ لكل شيء وقت محدد سيرحل فيه، وبعد حديث طويل تقبل محمد الأمر على مضض وعاد ليجلس بين الخيول ويتحدث معهم.
هل تعرف أسماء هذه الحصن محمد؟ نعم جارح، بلاك، ألما، الكينج، ومن أقربهم لقلبك؟ جارح إنه صديقي ومطيع، وكيف تقوده؟ هناك لغتين نتعامل فيها مع الحصان، لغة الصوت "الشكشكة"، ولغة الأمر وتتم بضرب القدم على جسد الحصان.
تميزٌ فريد
وعن تمييز محمد بين الحصن يقول لـ "وكالة سند للأنباء"، إن الحصان العربي يختلف شكل فمه ورأسه أصغر، وحينما يركض يرفع ذيله، وهو أسرع بالمسافات القصيرة التي لا تزيد عن كيلو، بينما غير العربي حجمه أكبر.
يتجه قلب محمد لحب الحصان العربي أكثر، ويرى أنه الأجمل عن غيره، وهو الأقرب لروحه، ويحاول محمد أن يكون حاضراً في التفاصيل الصغيرة حين رعاية الخيول، وتنظيفهم وتمشيطهم، ويُصر على المدربين المشاركة بذلك.
ويعرف بأن الحصان العربي يتميز بجماله الفائق الرائع، ما يجعله متميزاً عن كافة الخيول في العالم، ويتميز بعينين واسعتين ووجه صغير جميل.
كما ويتميز بامتلاكه صدر كبير الحجم، ما يدل على امتلاكه رئة كبيرة الحجم تؤهله لكي يؤدي كافة الأعمال الشاقة والصعبة، بالإضافة إلى أنه يتميز بأرجله القوية والمتينة التي تساعده على أداء الأعمال الشاقة في السباق والحرب.
أصغر فارس
ويخضع محمد للعديد من الدورات التدريبية، بعد أن رأى أحد المدربين فيه همةً تناطح الشباب وإصراره على التعلم، عدا عن تمنيه لأن يصبح مدرباً للقفز وأن يعلم من حوله كيفية ركوب الخيل.
ومع قبول محمد للتعلم بشكل سريع، تشبع بتعلم الكثير من الأساسيات والتوجيهات التي أهلته للمشاركة في بعض العروض التي أقامها النادي مؤخراً، ليبدي سعادته الغامرة ويصبح أصغر فارس للخيل في النادي.
