الساعة 00:00 م
السبت 07 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.74 جنيه إسترليني
4.93 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4 يورو
3.49 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

ذاكرة العيد تحلّ ضيفة في الخيام والمائدة مجرّد حنين

النساء الحوامل في الحرب.. مواجهة يومية مع نقص الغذاء وتهديد مستمر للحياة

بالصور "دباغة الجلود" .. مهنة تاريخية تُحارب الاندثار

حجم الخط
دباغة 1.jpg
يوسف فقيه - سند

دباغة الجلود .. حرفة تاريخية قديمة تُسابق الحداثة، وتحارب الاندثار، تلك المهنة التي تفرّدت بها محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، يحاول أصحابها الحفِاظ عليها، والتمسك بها رغم كل المعيقات التي تحيط بهم.

يحرص الحاج نور الدين الزعتري "66 عاماً" على استمرار العمل بجانب أبناءه، وأحفاده في مهنة "دباغة الجلود"، التي تعد من الصناعات التراثية القديمة في مدينة الخليل.

 ولا زالت تواجه هذه المهنة التحديات والمعيقات، منذ عشرات السنوات من خلال مواكبة التقنيات الحديثة في هذه الصناعة لمنعها من الاندثار في المدينة، التي اشتهرت بحفاظ الأبناء على صناعات الأباء والأجداد.

أجيال

نور الدين يعد من أفراد الجيل الرابع في عائلة الزعتري القاطنة في مدينة الخليل، والتي امتهنت حرفة "دباغة الجلود ".

هذه العائلة بدأت منذ مئة عام، تلك الصناعة البدائية من خلال اعتمادها على استخدام أوراق الأشجار في دباغة الجلود بهدف حفظها، ومنعها من التعفن، ومنحها مرونة لإعادة تكوينها على شكل جلود وحقائب.

واليوم يتم استخدام آليات حديثة ومواد كيمائية لتكوين منتجات جلدية تنافس الأسواق العالمية وأبرزها الأحذية.

ويواجه قطاع الدباغة والصناعات الجلدية اليوم تحديات كبيرة في قدرته على المنافسة للبضائع المستوردة وخاصة الأحذية، وفي ما يفرضه الاحتلال من عقبات على إدخال المواد المستخدمة في الدباغة.

حيث يصف الاحتلال تلك المواد بـ"مزدوجة الاستخدام"، تحت مزاعم استخدامها في تصنيع عبوات ومواد ناسفة، إضافة إلى المعيقات المستمرة لمنع التصدير إلى الخارج، وما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويعمل في قطاع الصناعات الجلدية 4500  فلسطيني، موزعين على 350 منشأة صناعية للأحذية.

هذه المنشآت توجد في مدينة الخليل، إضافة لعدد من المشاغل في شمال الضفة وقطاع غزة. وفقاً لرئيس اتحاد الصناعات الجلدية حسام الزغل.

البدايات

وعن بدايات عائلة الزعتري العمل في الدباغة، يقول نور الدين لـ مراسلنا: "هذه المهنة وُرثّت إلينا من أجدادنا الذين جلبوها من مصر قبل 100 عام".

فلم تكن سوى صناعة يدوية تراثية تقوم على تجميع الجلود بعد ذبحها من خلال تجار مختصين في الضفة الغربية، ليتم حفظها من التعفن من خلال الملح قبل أن تنتقل إلى مرحلة الدباغة.

وفي مرحلة الدباغة يجري إزالة الشعر، وإضافة المواد الدباغية المصنعة من أشجار الكستانيا والماموزا والكبراش، وسبقها بسنوات أوراق أشجار السماق والرمان، كما يُحدثنا الزعتري.

وفي منتصف الستينات انتقل العمل إلى مرحلة ما يصفه – الزعتري- بـ"النصف ألية" عبر استخدام مادة الكروم بدلاً من الأصباغ النباتية.

 وفي حينها لا زال العمل بدائياً مقارنة بالتطورات اللاحقة في ثمانينات القرن الماضي، حيث تم إدخال مواد صناعية حديثة، ولاحقاً تم استعمال مواد دباغية، ومواد المساعدة والمحسنة الكيمائية.

وأشار الزعتري إلى أن هذه الأدوات والتقنيات الحديثة تضاهي ما يتم في المصانع العالمية.

وفي سؤالنا عن المعيقات التي تواجه عمل مهنة الدباغة اليوم في الخليل، يُجيب: "المعيقات كثيرة، أبرزها عدم توفر إمكانية التوسع، وعدم وجود منطقة صناعية خاصة بالدباغة".

إضافة لنقص في الخدمات التي تتلقاها كالمياه ومنع استخدام بعض المواد من قبل الاحتلال التي يعتبرها مزدوجة الاستخدام.

ووفق الزعتري فإنه ومنذ 12 عام مُنع استخدام حامض الكبرتيك، وهو عنصر أساسي في معالجة الدباغة وبدائله مكلفة مالياً.

 ويوجد في مدينة الخليل  13 مدبغة، ويعمل فيها 120 عامل يقومون بإنتاج جميع الجلود لصناعة الحقائب والأحذية، حسب المواصفات تطلبها مصانع ومشاغل الأحذية، عبر علاقة تكاملية بين الجانبين.

كما أن المنافسة الخارجية في صناعة الأحذية وانخفاض أسعار المنتجات المستوردة مقارنة مع المنتج المحلي لارتفاع أسعار انتاجه يعد من أبرز التحديات أمام تطور عمل قطاع الصناعات الجلدية المحلية.

 وتابع الزعتري: "خلال السنوات الأخيرة ساءت الأوضاع في حرفة الدباغة والصناعات الجلدية بسبب معيقات الاحتلال وعدم القدرة على التصدير للخارج ونقله لقطاع غزة والحصار المفروض عليها".

ولفت إلى أن قطاع غزة كان يستهلك  40% من المنتجات الجلدية في الخليل وخاصة الأحذية.

معيقات الاحتلال

 بدوره قال رئيس اتحاد الصناعات الجلدية حسام الزغل لـ "سند": "الاحتلال يفرض العديد من المعيقات أمام مصانع الدباغة، أبرزها منع إدخال حامض الكبريتيك للمصانع بدوعى أنها مزدوجة الاستعمال".

وأوضج إلى أن اتحاد الصناعات الجلدية وضع استراتيجية جديدة لتطوير قطاع صناعة الأحذية ودباغة الجلود في فلسطين للارتقاء فيها، بمستوى عالي من ناحية الجودة والتصاميم والتكلفة.

ولفت أن ذلك يأتي  من خلال برامج بالتعاون مع مؤسسة أجنبية ترافق التصميم والتكلفة والتسويق والإنتاج.

وأكد على إمكانية التخلص من مشكلة ارتفاع تكلفة المنتج المحلي وعدم قدرته على منافسه المنتج المستورد من خلال صناعة منتج بجودة عالية أفضل من البضاعة المستوردة.

إضافة إلى العمل من أجل تصدير الأحذية إلى الدول العربية والأوروبية.

وكشف عن دراسة يجري العمل عليها للوصول إلى حذاء مدرسي يصنع محلياً، بسعر منافس، وبجودة عالية من خلال التعاون مع وزارة التربية والتعليم لجعله ضمن الزي المدرسي في كافة مدارس الوطن.

فيما أكد رئيس الغرفة التجارية الصناعية في محافظة الخليل، عبده ادريس، متابعتهم لموضوع منع دخول حامض الكبرتيك، مع الارتباط الفلسطيني، وهيئة الشؤون المدينة للتواصل مع الجانب الاسرائيلي لإنهاء هذه الأزمة المستمرة منذ سنوات.

انتكاسة

وأوضح لـ "سند" أن قطاع الصناعات الجلدية والأحذية تتعرض لانتكاسة بسبب الإستيراد غير المنظم وغير المراقب.

 وتابع: "إن الغرفة التجارية تسعى للنهوض بهذا القطاع من خلال خطط للحفاظ على المهنة والمواصفات المقاييس لإعادته لمكانته".

وأشار إلى الغرفة التجارية تتطلع لتصدير منتجات قطاع الصناعات الجلدية والأحذية للخارج من أجل إنعاش هذا القطاع ،وتنميته من خلال فتح الأسواق والإستفادة من تجارب خارجية متطورة.

ووفق ادريس يوجد مركز لفحص الأحذية والجلود في الخليل تابع للغرفة، وسيتم تفعيله من خلال اتفاقية مع مؤسسة المواصفات والمقاييس لإنتاج تقارير دورية للجهات المحلية، والدولية حول الجلود المصنعة محلياً.

وأقرّ عبده أن مدخلات الإنتاج عالية، وأن هناك مساعي لخفض تكلفة الإنتاج في المصانع مثل الكهرباء والضرائب وتنظيمه بالتعاون مع كافة الجهات.

دباغة.jpg
دباغة 3.jpg
دباغة 2.jpg