التحقت بالجامعة كمثيلاتها من الفتيات، لكنها ارتأت أن تكون بالتحاقها لهذا التخصص أملاً تمنح من خلاله حياة أخرى لمن حولها، وبجهدِ وجدٍ وحب درست تخصص علاج نطق ومشاكل الكلام، حتى تكلل جهدها بإنتاج كتابٍ خاص بها.
الشابة مريم صلاح الناطور (21 عاماً) من مدينة غزة، لم تأل جهداً في البحث والدراسة والتمحيص بين جنبات الانترنت وتجارب الآخرين والمصادر العلمية، إلى أن تمكنت من إنتاج كتابها الخاص الذي يتحدث عن اضطرابات ومشاكل النطق وكيفية علاجها، والذي يضم أربعة أبواب.
ويعد صعوبة النطق بأنه خلل في عملية إخراج الكلام أو تداخل في الأصوات وعدم وضوحها، نتيجة عدة أسباب، منها عضوية منذ الولادة، أو أسباب نفسية اضطرابية سواءً من الأهل، أو من الأصدقاء، أو من الوسط المعاش.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ عملية النطق السليمة تحتاج لسلامة بعض الأعضاء كالسمع، والعقل، والأعصاب، والعضلات بالإضافة إلى أعضاء النطق، وفي حال وجود أيّ خلل بإحدى هذه الأعضاء أو أكثر سيؤدي إلى حدوث خلل في عملية النطق بتفاوت الدرجات والأشكال.
أبواب الكتاب
وحول طبيعة الكتاب ومحتواه، تقول صلاح لـ"وكالة سند للأنباء" إن الباب الأول يشرح فسيولوجيا النطق، من خلال توضيح أربع أجهزة، وهي الجهاز التنفسي والجهاز الصوتي، وجهاز الرنين والجهاز النطق، بينما الباب الثاني يعرف اضطرابات النطق وأسبابه وأنواعه.
فيما يشرح الباب الثالث خطوات العلاج لكافة الأصوات، بالإضافة لوجود اختبارين لتقييم أعضاء النطق، ولتقييم لمشاكل الأصوات.
بينما يحتوي الباب الرابع على مخطط اكتمال الأصوات لدى الأطفال، وصورة لمخارج الأصوات العربية، ثم علاج جميع الأصوات من الألف إلى الياء بخطوات سهلة وبسيطة، بعيداً عن التعقيد، وأخيراً تمارين لجميع أعضاء النطق.
كثيرة هي العوامل التي حفزت المحاولة لدى صلاح من أجل تيسير الحياة على الذين يعانون من اضطرابات النطق، منها صعوبة الوضع الاقتصادي الذين يعاني منه أهالي قطاع غزة، وخجل الكثيرون وخاصة الشباب من العلاج لأسباب نفسية، واعتقادهم أن هذا أمر معيب.
وتوضح أن الكتاب يُساهم في دعم معلومات الأخصائيين، ويسهل من عملية التعليم والبحث لشموله على جميع الأصوات، عدا عن أن اللغة المختارة بسيطة جداً وتخاطب جميع العقول.
وحول أسباب صعوبات النطق تكمن في وجود مشاكل في الجهاز العصبيّ المركزيّ، أو اضطراب الأعصاب المسؤولة عن الكلام، أو إصابة المخ بتلف أو نزيف أو ورم بالمكان المسؤول عن الكلام.
وهناك مشاكل تتعلّق بمناطق النطق، كتشوّه الأسنان، أو انشقاق الشفّة العليا، أو زوائد في الأنف، أو تضخّم اللوزتين، أو وجود مشاكل بالسمع.
وهناك مشاكل ترجع لعدم الحصول على العناصر الغذائية المهمّة لصحّة الإنسان، كالتخلّف العقليّ وتأخّر النمو، وأحياناً تعود لمشاكل نفسية، كالتوتر والقلق، والخوف، وعدم الثقة بالنفس، ومشاكل التربية الخاطئة، والوراثة.
دوافع إنجاز الكتاب
وعن تأثير الكتاب وفائدته، تبين صلاح أنه يُساهم في علاج أكبر قدر ممكن من الأطفال والشباب الذين يعتقدون أن هذا الأمر مستعصى على العلاج.
بعض الأسباب ساهمت في تكثيف جهود صلاح وإصرارها على إنتاج الكتاب الخاص، منها قلة المصادر الموجودة في قطاع غزة والتي تهتم في هذا المجال، بالإضافة إلى وضع الأهالي الصعب والذين لا يستطيعون توفير البيئة المناسبة لمساعدة أبناءهم في تخطي هذه المشاكل.
بدأت فكرة إنشاء الكتاب تصاحب صلاح منذ عام 2018، بقيت تجمع أكبر قدر من المعلومات وتتأكد من صحتها، وحداثتها وتميزها وأثرها على التغيير، حتى تمكنت من نشر أول نسخة للكتاب في عام 2020 بعنوان دليل أخصائي التخاطب لعلاج اضطرابات النطق.
إقبال ملحوظ
حظي كتاب صلاح بإقبال ملحوظ من قبل الجميع، وخاصة فئة الشباب الذين رأوا فيها أملاً لعلاج مشاكلهم، وكذلك الأخصائيين وبعض الأهالي الذين شعروا بقيمته ونجاعة التمارين الذي يتضمنها.
بعض المواقف الإيجابية بقيت محفورة في ذهن صلاح، بعد تلقيه للعديد من الرسائل لأشخاص كانت لديهم بعض المشاكل النفسية، وبعد اقتناءهم الكتاب، كان أثر التغيير لأفضل جلياً، ما أثر على حياتهم بشكل إيجابي، ووهبهم شعوراً بالسعادة، وأعاد لهم ثقتهم في نفوسهم، وزاد من التحصيل الدراسي.
وتؤكد صلاح لـ"وكالة سند للأنباء" أن لا شيء في هذه الحياة مستحيلاً، وعلى المرة أن يجرب مرة بعد الأخرى، ويكرر بدل المرة ألف مرة، حتى يحسن من نطق الحرف، فالتكرار يذيب المشاكل، ويُقرّب من النطق بشكل صحيح.
وتبين أن كل شخص قادر أن يغير في حياة الآخرين وحياته، وعلى الجميع أن يضع بصمته، وألا يستسلم لليأس وقلة العمل، فالذي يجتهد يصل، وبقدر المستطاع يجب أن يحاول تقديم الفائدة، لينفع المجتمع من حوله.