بين يديها، حبيبات الرمل تبتهج، وتتلون بألوان الحياة المزهرة، تنساب بين يديها، لتصنع لوحة فنية تنطق بالجمال والألق، حيث الطبيعة الخلابة، غروب الشمس وجمال الصحراء والجبال، وأحياناً يُعقد فيه عناوين الحب وتدون فيه الذكريات.
تبدع الشابة رانيا خليل من مدينة غزة، فن استخدام الرسم بالرمال داخل العبوات الزجاجية بأشكالها وأحجامها المختلفة، لتصنع من خلاله مشروعها الخاص عبر صفحتها بموقع الإنستجرام "roney_crafts".
بداية الطريق
ويعتبر الرسم بالرمل عبارة عن فن صناعة أشكال فنية بواسطة الرمل، وهو فن لصناعة أشكال فنية بواسطة سكب الرمل ذو الألوان المختلفة داخل زجاجة.
تلك الفكرة، طرقت ذهن رانية لتشكل بداية الطريق، حينما وصلت هدية من دولة الجزائر لإحدى صديقاتها، وكانت مرسومة بالرمل، ما لفت انتباهها، وأحبته، باعتباره فن جديد، وغير شائع ومنتشر كثيراً في قطاع غزة.
بعد تفكيرها بالأمر، ورغبتها في أن تدخل هذا العالم، اتجهت رانيا للبحث عن هذا الفن عبر فضاء الإنترنت ومواقع اليوتيوب من أجل معرفة هذا الفن بشكل دقيق.
وتقول خليل لـ "وكالة سند للأنباء" تابعت العديد من المقاطع الخاصة بهذا الفن عبر اليوتيوب، إلا أن هذه المقاطع لم تقدم شروحا تفصيلية.
وتضيف: أنها اكتسبت هذه الموهبة من خلال التدريب المستمر والمحاولات المتكررة، التي مكنتها في النهاية من اتقان فن الرسم بالرمل، وأنها تمكن من تطوير الرسومات من خلال اختيار شكل الزجاجة وتنسيق الألوان ودمج منظرين في عمل واحد.
وحول أكثر ما يميز هذا الفن بالنسبة لرانيا توضح أنه فن حصري وليس معروفاً كثيراً في قطاع غزة، ومن الجميل جداً أن تمتلك تحفة فنية مرسومة ومصنوعة بذرات الرمل الملون، عدا عن أنها تجمع بين بساطة الخامة وإبداع الفكرة.
نظرة إعجاب
نظرة الانبهار والإعجاب في عيون الأشخاص ممن حولها، حين تقوم رانيا بتنفيذ عملها أو الانتهاء من رسمتها المخصصة، كفيلة بأن تمنح روحها همة ورغبة كبيرة في الاستمرار بتحقيق شغفها وتطوير نفسها.
ثناء مميز تحظى به خليل، لكن توضح أن جميع المواهب في قطاع غزة لا تحظى بالاهتمام المناسب، ولا تأخذ حقها سواء على الصعيد المادي أو المعنوي من احتواء ودعم، نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها أهالي قطاع غزة.
لكن ما سبق لم يكن ليبعث في روح رانيا اليأس أو التوقف، بل زاد من إصرارها وتصميمها على إتقان هذا الفن الذي تعلمته من خلال الإرادة والاستمرار، حيث وجدت سعادتها.
وتحاول رانيا أن تحاكي من خلال هذا الفن المناسبات الوطنية وأعياد ميلاد، وتوثيق الذكريات والمناسبات المختلفة.
نجاح رغم المعوقات
وحول المدة التي تستغرقها رانيا لإنتاج الطلب تبين أن أكثر شيء يأخذ من وقتها هو تحضير الرمل من خلال غسله وتلوينه، فإن توفر الرمل الملون لا يستغرق العمل الكثير من الوقت، وكل عمل حسب التفاصيل، ومن ثم يتم تثبيته بطريقة معينة من أجل حفظ العمل.
بعض المعوقات تواجه رانيا خلال عملها في هذا الفن، منها صعوبة البحث عن علب زجاجية بأشكال وأحجام معينة، كون المصانع تنتج طلبيات الزجاج بكميات كثيرة، وترفض أن تصنع عينات بسيطة، عدا عن ارتفاع ثمنها، فتلجأ إلى علب الهدايا.
وتضيف أن ظروف قطاع غزة من سوء الوضع الاقتصادي، وعدم تقدير الأعمال ماديا بالشكل المطلوب كذلك يشكل عائقاً في أي عمل.
وتؤكد رانيا أن لكل شخص لديه شيء جميل وموهبة كامنة، عليه أن يبحث عنها، ويتحلى بالإصرار والمحاولات المستمرة، من أجل أن يشق طريقه الخاص، ويحقق حلمه بعيداً عن الركون لليأس والظروف المحبطة.