الساعة 00:00 م
الأربعاء 21 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.72 جنيه إسترليني
4.98 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.97 يورو
3.53 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

حماس: لا مفاوضات حقيقية منذ السبت ونتنياهو يُحاول تضليل العالم

منظمات أممية ومحلية لـ سند: الاحتلال يضلل العالم في قضية مساعدات غزة

حين ينام العالم.. ويستيقظ الرعب في غزة

عبد الناصر عيسى.. 29 عاماً في الأسر لم تقتل إرادته

حجم الخط
أحمد البيتاوي- وكالة سند للأنباء:

في أحد المنازل الصغيرة المسقوفة بالصفيح في أزقة مخيم بلاطة شرق نابلس، وبعد عامين من النكسة، ولد الأسير عبد الناصر عيسى، في أسرة اعتبرت مقاومة الاحتلال أمراً فطرياً لا يمكن الانفكاك عنه، رغم الاعتقال والإبعاد، روغم الإصابة وهدم المسكن.

بدأ عبد الناصر مقاومة الاحتلال باكراً، حتى أصبح تواجده في المظاهرات ورشق مركبات الاحتلال بالحجارة، جزءاً من برنامجه اليوم.

في عام 1982 وأثناء مشاركته في مسيرة منددة بمجزرة صبرا وشتيلا في لبنان، أصيب عيسى برصاصة إسرائيلية استقرت في فخذه، بعدها بعامين اعتقله الاحتلال لمدة عامين ونصف.

بعد الانتفاضة الأولى عام 1987، التي أصيب خلالها للمرة الثانية برصاص الاحتلال، انتقل عيسى من مقاومة الاحتلال بالحجر والزجاجة الفارعة للرصاص والعبوة الناسفة، فكان من مؤسسي جناح حركة حماس المسلح في الضفة الغربية، مطلع تسعينات القرن الماضي.

وبين هذا التنقل بين أدوات النضال الشعبية والعسكرية، التحق عيسى بكلية الشريعة في جامعة النجاح في نابلس، وأصبح مسئولاً للجناح الطلابي لحركة حماس، قبل أن يعتقله الاحتلال للمرة الثالثة والأخيرة يوم التاسع عشر من آب/ أغسطس عام 1995.

وجهت النيابة الإسرائيلية لعيسى عدداً من التهم بعد خضوعه لتحقيق عنيف كاد أن يخرج منه شهيداً أو معاقاً، من بينها مشاركته في إحدى العمليات الفدائية داخل إسرائيل، وتواصله مع الشهيد يحيى عياش ومحمد ضيف، القائدان العسكريان البارزان في حركة حماس.

وفي نهاية المطاف أصدرت المحكمة الإسرائيلية حكماً بسجن عيسى لمدة مؤبد و20 عاماً، قضى منها عدة سنوات في العزل الانفرادي.

شهادات علمية في الأسر

واصل عبد الناصر عيسى مشواره التعليمي داخل السجن رغم قلة الإمكانات وكثرة العقبات الإسرائيلية، حتى حصل عام 2007 على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من الجامعة العبرية.

 وبعد عامين نال عيسى شهادة الماجستير في الدراسات الديمقراطية من الجامعة نفسها، وبعد عدة أشهر ألغت مصلحة السجون الإسرائيلية تسجيله للدراسة من جديد في الجامعة نفسها في برنامج الفكر البيولوجي لـ"أسباب أمنية".

وفي عام 2014 استطاع عيسى أن يكمل مشواره وينال شهادة ماجستير ثانية في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس في أبو ديس.

بعدها بسنوات قليلة حصل عبد الناصر على لقب الدكتوراه من خلال مراسلة إحدى الجامعات في الخارج.

شخصية جامعة وقارئ نهم

يقول الباحث في شؤون الأسرى، وأحد رفاق عيسى في الأسر والمرحلة الجامعية فؤاد الخفش:" عبد الناصر عيسى صاحب عقلية فذة، مفكر وذو شخصية كارزمية طاغية، يتقن استشراف المستقبل وقراءة الواقع بصورة يعجز عنها كبار المفكرين الذين يمتلكون كل أدوات المعرفة خارج السجن".

وأوضح أن عيسى استطاع تحويل السجن لمعهد أكاديمي كبير حصد من خلاله كل هذه الألقاب العلمية بعد أن أتقن اللغة العبرية بصورة تفوق المتخصصين اليهود.

وأضاف: "عيسى قارئ من طراز فريد، يقضي أكثر من 18 ساعة في اليوم بين القراءة والكتابة، حتى أن نصف مخصصاته المالية التي تدخل على حسابه في "الكانتينا" تذهب لشراء الكتب والدوريات العالمية المشترك بها".

وتابع حديثه مع مراسل "وكالة سند للأنباء": عبد الناصر شخصية محبوبة وله شعبية كبيرة بين أوساط جميع الأسرى من مختلف التنظيمات وليس داخل التنظيم الذي ينتمي إليه فقط".

وأشار الخفش إلى أن عبد الناصر استطاع أن يفرض احترامه حتى على المحققين والسجانين.

ولفت إلى أن مسئول التحقيق في المسكوبية وقف بعد انتهاء التحقيق مع عيسى عام 1995 وأدى له تحية عسكرية، مشيداً بصموده رغم كل التعذيب الذي لاقاه.

وحسب الخفش فإن قادة الاحتلال يعرفون أهمية عبد الناصر والخطر الفكري الذي يمكن أن يشكله عليهم، لذلك رفض ولا يزال يرفض الإفراج عنه في جميع صفقات التبادل التي تمت خلال السنوات الأخيرة، من بينها "شاليط".

وتابع: "هناك قائمة أسماء تضم 18 أسيراً يضع الاحتلال أمامها الرقم الصفر، وهؤلاء لا يمكن للاحتلال أن يفرج عنهم في أي صفقة تبادل مهما كلف الثمن، لخطورتهم الإستراتيجية سواء العسكرية أو الفكرية، من بينهم عيسى".

وعن أبرز المواقف الحزينة التي مرّ بها عيسى، ذكر الخفش: "عام 2012 توفيت والدة عبد الناصر، يومها كان مع شقيقه عمر في سجن هداريم، وحين وصلهما الخبر، استند كل واحد منهما على حائط الغرفة وأخذا بالبكاء دون أن يقويا على النظر في عيون بعضهما من شدة الموقف، شعرا بتأنيب الضمير لأنهما لم يكونا بجوارها، ذلك الموقف لا يمكن أن أنساه".