الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

وثائق تكشف

بريطانيا زورت بيانات باسم "الإخوان" لمهاجمة عبد الناصر

حجم الخط
جمال عبد الناصر
لندن- بي بي سي

أفرجت الخارجية البريطانية عن وثائق سرية وفق قانون حرية المعلومات، تفصل كيف قامت أجهزة الاستخبارات ، باستغلال عدائية الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، للإخوان المسلمين، لشن حروب نفسية مزورة باسم الجماعة.

وتُشير الوثائق التي كشفتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى أن بريطانيا، روجت في ستينيات القرن الماضي، بيانات مزورة تحمل اسم الجماعة، في عدّة بلدان عربية وإسلامية.

وتهاجم البيانات المزورة،  تدخل الجيش المصري بقيادة عبد الناصر، في اليمن، لوقوفه بالجهة المعادية لمصالح الاستعمار البريطاني والسعودية.

 وركزت على شيطنة الجيش المصري و"تكفيره" لدوره في اليمن.

 وجاءت كرد من رئيس الوزراء البريطاني دوغلاس، الذي أمر في تموز/ يوليو 1964 وزير خارجيته راب باتلر، بالانتقام من عبد الناصر، في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر، ودعمه الجهة اليمنية المناوئة لمصالح بريطانيا النفطية بشكل خاص.

وذكر الموقع الإلكتروني لـ"بي بي سي"، أن دوغلاس طلب من الوزير، أن يكون التحرك سريا وأن " يُنكر ذلك إن أمكن"، في حالة انكشافه.

وبعدها تشكلت لجنة عمل سرية بمشاركة مختلف الأجهزة والوزارات المعنية لإدارة السياسة البريطانية تجاه اليمن.

الثورة اليمنية

أرسل عبد الناصر في أيلول/ سبتمبر 1962، عشرات آلاف الجنود لدعم الجمهورية العربية اليمنية، أي الجمهورية التي أُقيمت في شمال اليمن بعد الثورة اليمنية على المملكة المتوكلية اليمنية المدعومة من السعودية والاستعمار البريطاني.

وقد جاء التدخل العسكري المصري باليمن، في سياق الصراع بين مصر والسعودية، إضافة إلى أن عبد الناصر، وكما قيل حينها، كان يسعى للسيطرة على البحر الأحمر، وكانت إقامة نظام جمهوري في اليمن مسألة استراتيجية لمصر.

وفي الفترة بين عامي 1962 و1965، شنت بريطانيا عمليات سرية دعما للقوات الملكية في مواجهة الجمهوريين اليمنيين الذين استولوا على السلطة في صنعاء بعد انقلاب المشير عبد الله السلال على النظام الملكي، على نمط "ثورة الضباط الأحرار"، في أيلول/ سبتمبر عام 1962.

ورفضت بريطانيا الاعتراف بالنظام الجمهوري وقدمت مساعدات عسكرية للإمام محمد البدر حميد الدين، في مواجهة الجمهوريين المدعومين من مصر.

 واستمر الصراع السياسي والعسكري والإعلامي بين مصر وبريطانيا في اليمن طوال عقد السبعينيات.

وبعد انسحاب بريطانيا من جنوب اليمن وإعلان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وفي أوائل عام 1968، انتصر الجمهوريون على الملكيين وتمكنوا من كسر حصار صنعاء.

الحرب النفسية كوسيلة ضغط بعد فشل الخيار العسكري

وفي سياق الاحتقان بين جماعة الإخوان وعبد الناصر،  التي أُعدم العشرات منها وزُج الآلاف منها بالسجون المصرية، كانت الأجواء مواتية لتمرير المنشورات البريطانية الكاذبة والمزورة على أنها فعلا صادرة عن الإخوان المسلمين.

وسرت شائعات في تلك الفترة، بأن الجيش المصري "استخدم" أسلحة كيماوية في حربه باليمن، لتُصدر الاستخبارات البريطانية بيانا مزورا باسم الجماعة، قيل فيه إنه القوات المصرية في اليمن "ليست مسلمة لأنها تقتل المسلمين بالغاز" السوفييتي، الذي صنعه "الشيوعيون الملحدون".

كما أن بريطانيا، حليفة إسرائيل، استخدمت المنشورات أيضا، للتحريض على عبد الناصر قائلة إن "القنابل التي ألقيت على اليمن خلال الحرب التي تستعر نيرانها في هذا البلد المسكين لأربع سنوات، كانت تكفي لتدمير إسرائيل تدميرا تاما".

وأثار لجوء الرئيس المصري للاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية للتسلح، قد  غضب بريطانيا.

لماذا استُغل الإخوان المسلمين في الحرب النفسية؟

قالت "بي بي سي" إن الوثائق التي أُصدرت مؤخرا، تُشير إلى أن فكرة إصدار منشورات توهم قراءها بأنها صادرة عن الإخوان المسلمين جاءت بعد زيارة مسؤول بالخارجية البريطانية إلى واشنطن.

وفي احدى الوثائق، يقول المسؤول، بعد عودته من الزيار: "تشاورت مع الآنسة ستيفنسون ووافقت على أنه من المرجح والطبيعي أن مثل هذا التنظيم ( تقصد الإخوان) يرسل هذا المنشور".

وكانت أجهزة الحرب السرية البريطانية تنشر المنشورات من نقاط توزيع مختلفة شملت دولا عربية ومسلمة (منها مصر) وغير مسلمة في أفريقيا وآسيا، ولعبت بالأساس على جانب تكفير النظام المصري، ووصمه بشتى أنواع التوصيفات كـ"المستعمر في اليمن" وغيرها، لإثارة مشاعر الناس ضده.

وتتوضح مدى منهجية الخطة البريطانية الاستخباراتية، في طريقة نشر هذه البيانات المزورة، حيث أرسلت إلى صحافيين وكتاب ومراكز بحثية وتعليمية ومنظمات دينية مسلمة وجمعيات أهلية ومؤسسات حكومية في هذه الدول.

لكن بريطانيا حاولت أيضا، أن تستفيد من هذا التزوير لضرب شرعية زعماء وأنظمة أخرى معادية لتمددها الاستعماري، عبر استغلال اسم الإخوان المسلمين كذبا.

الإطاحة بسوكارنو

وتكشف الوثائق أن الزعيم الإندونيسي الراحل أحمد سوكارنو كان أحد أهداف الحرب السرية البريطانية.

ولعبت بريطانيا دورا حاسما في الإطاحة بسوكارنو بسبب ميوله القومية والشيوعية المناهضة للإمبريالية الأميركية والبريطانية، ومشاريع تأميم الصناعة الإندونيسية خلال فترة الحرب الباردة.

 وأرسلت لندن في أوائل عقد السبعينات من القرن الماضي فريقا يضم خبراء من إدارة بحوث المعلومات في وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات الخارجية "إم أي 6" وإدارة الحرب النفسية في الجيش البريطاني إلى سنغافورة لشن حرب دعائية معادية للزعيم الإندونيسي.

وفي منتصف الستينيات، بلغ عدد الفريق الاستخباراتي البريطاني 400 شخص.

وانتهى الصراع بتمكين الجيش الإندونيسي من الانقلاب وتولي سوهارتو السلطة، ليشن بعدها حملة إجرامية، قتل فيها مئات الآلاف ممن اشتبه في كونهم شيوعيين.

وتُشير الوثائق إلى أن الحرب النفسية التي شنتها بريطانيا على سوكارنو امتدت لمدّة عام واحد بين عام 1965 و1966.

أصدرت خلال هذه الفترة، منشورات باسم الإخوان المسلمين، تهاجمه لـ"سبب أشكال البذخ المخالف للدين في حياته الخاصة"، وهو اقتراح كان مدعوما بمباركة أميركية أيضا.

وبرر مسؤول بريطاني في هذه الوثائق، مقترح فكرة الاستمرار في إصدار المنشورات بأن "المنشورات السابقة حققت بعض التأثير" ثم ركز على "أن ترسل المنشورات إلى الشخصيات البارزة والصحف خاصة في مختلف الدول المسلمة في أفريقيا وآسيا".

ويقول أحد المنشورات "لا ينكر أحد أن سوكارنو قد لعب في الماضي دورا عظيما في تحرير بلاده من المستعمرين، ولكن يجب أن يقال إن عيوبه وأخطاءه في السنوات الأخيرة قد غطت على عظمته في بادئ الأمر".

ودخل المنشور المزور إلى حد التدخل بحياة الزعيم الإندونيسي الخاصة، حيث كُتب: "إن انغماس سوكارنو في شهواته الجنسية مع النساء الفاحشات، رغم أن قدرته حتى فيما يتعلق بهذا الخصوص أخذت تزداد ضعفا يوما بعد يوم، قد صدم المؤمنين بدين الله الحنيف إلى حد لا يطاق".

وقال المنشور، الموقع باسم "جمعية الإخوان العالمية" زورا، إنه "بدلا من أن يساعد سوكارنو شعبه على اتباع طريق الإيمان الحق، قام بتشجيع الشيوعيين الملحدين في بلاده ليس سرا فقط بل وعلى رؤوس الأشهاد كذلك".