الساعة 00:00 م
الأربعاء 24 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

ليلة القدر في الأقصى.. رحلة معاناة للصلاة في رحابه

حجم الخط
المسجد الأقصى
أحمد البيتاوي - سند

بقلوب مؤمنة وأعين دامعة وألسن تلهج بالدعاء، ووسط أجواء روحانية وإجراءات إسرائيلية تعكر صفو السماء، أحيى حوالي ربع مليون فلسطيني ليلة الـ 27 من رمضان، هذه الليلة في رحاب المسجد الأقصى في القدس.

وعادة يُجهِّز الفلسطينيون أنفسهم لإحياء ليلة القدر قبل عدة أيام، ويسارعون لحجز مقاعدهم في شركات النقل والباصات التي تعلن عن تسيير قوافلها للصلاة في المسجد المبارك.

كما يتداول المواطنون فيما بينهم أرقام تلفونات لشبان مقدسين مختصون في تسهيل عملية التسلل للمدينة المقدسة، وهو المشهد الذي يتقاطع مع وظيفة (الدليل) لمن أراد أن يسير في الصحاري والكفار.

وغالبا ما يسلك هؤلاء الشبان الذين لا تسمح لهم قوات الاحتلال بالعبور من خلال الحواجز، العديد من الطرق الالتفافية والطرق الفرعية الوعرة بمساعدة (الدليل).

وتحتاج عملية التسلل تلك إلى كثير من الصبر وخفة الحركة والقدرة على تسلق الجدران العالية باستخدام الحبال والسلالم وتجاوز الأسلاك الشائكة والمكهربة في بعض الأحيان، "هي أشبه بتدريبات عسكرية شاقة يمارسها الجنود أثناء تدريباتهم"، يقول أحد الشبان.

 ويُردف الشاب أحمد عبد الفتاح من نابلس لـ "سند": "إحياء ليلة القدر في المسجد الأقصى أصبح حلمًا، حيث لا يُسمح لي بالدخول القدس بسبب عمري إلا من خلال طرق التفافية وعرة".

 "مشوار شاق ومرهق" كما يصفه وفيه درجة كبيرة من المجازفة التي قد تصيب أو تخطئ في النهاية مكملًا "غير أن الصلاة في الأقصى رحلة تستحق المحاولة، وإن لم ننجح في الدخول فيكفينا شرف المحاولة ونؤجر على نياتنا".

 ويروي الطوباسي _ فشل بالدخول إلى الأقصى_ رحلة المحاولة" "انطلقت من منزلي في تمام الساعة الثالثة والنصف عصراً، ثم توجهت إلى مجمع الكراجات الغربي في نابلس، وهناك ركبت أحد الباصات الذي انطلق بنا نحو حاجز قلنديا (القريب من رام الله) ومنها إلى بلدة عناتا، حيث كنت برفقة سبعة شبان آخرين".

وبعد منعهم من العبور من خلال الحاجز، اضطروا إلى محاولة الدخول عبر طرق التفافية، يُكمل: "وهناك صادفتنا قوة إسرائيلية راجلة لاحقتنا، فتفرق شملنا نحن السبعة وهرب كل منا في اتجاه، وفي النهاية وبعد تكرار المحاولة نجح خمسة منا بالدخول، ولم يحالفني الحظ".

دليل النجاح!

وتشهد مدينة القدس منذ ساعات صباح الجمعة اكتظاظاً شديداً مع بداية توافد المصلين وتوجههم إلى المسجد الأقصى، وذلك بالتزامن مع وصول مئات الحافلات  القادمة من جميع إنحاء الضفة ومناطق الـ48 .

وفور دخولك البلدة القديمة تظهر قبة الصخرة من بعيد، حيث تنعكس أشعة الشمس على قبتها المذهبة الصفراء، وهو ما يعتبر أفضل دليل للمواطنين بأنهم نجحوا في تلك الرحلة الصعبة.

وفي هذه اللحظات ينسى الفلسطينيون رحلتهم الشاقة وتشفى جراحهم برؤية المسجد المبارك.

وبعد مرور المواطنين عبر "باب الملك فيصل" أو "باب الأسباط" أو "باب المغاربة" يتوزعون ويأخذوا مواقعهم.

منهم من ينجح بالدخول إلى مبنى المسجد الأقصى والمسجد القبلي ومنهم من يفضل إحياء الليلة في الساحات وعلى المصاطب، ومنهم من يفضل الصلاة في المصلى المرواني.

وتبدأ الدرجات الروحانية بالارتفاع شيئاً فشيئاً، حيث يشدك منظر المبتهلين، فهذا عجوز طاعن بالسن يقرأ القرآن بالرغم من ضعف بصره، وآخر استند على الحائط ذاكراً لله يحرك أحجار مسبحته، ورجل يأخذ حظه من قيام الليل وصلاة التهجد، ومن يقرأ القرآن، وهناك ما يأخذ سنة من النوم.

كل يعرض بضاعته

ويرى أصحاب المدارس الإسلامية الفكرية في ليلة القدر وصلاة الجمعة فرصة لطرح آرائهم وترويج أفكارهم بين المواطنين ومحاولة استقطابهم.

حيث ينشط رجال الدعوة والتبليغ  في الدعوة إلى الخروج في سبيل الله وأهمية نصح الناس، كما يتوزع شباب حزب التحرير بين المصلين، ينشرون أفكارهم ويدعون لإقامة الخلافة الإسلامية.

كما يجتهد السلفيون بالدعوة إلى إتباع سنة الرسول وترك البدع والتشبث بسنة النبي، في حين يطرح أصحاب مدرسة الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمون) ما لديهم من فكري حركي وشمولي.

ويعرض أصحاب هؤلاء المدارس ما لديهم من بضاعة فكرية في جو حواري بعيد عن التشكيك والتهجم لما يعرضه الطرف الآخر على قاعدة ( نتعاون فيما اتفقنا فيه و يعذر بعضنا بعض فيما اختلفنا فيه).

حركة تجارية نشطة

وتشهد أسواق المدينة المقدسة حركة تجارية نشطة يعتبرها الكثير من التجار أنها موسمية في ظل ركود يستمر لمدة عام.

ويحرص الفلسطينيون على شراء الهدايا التذكارية والتحف والألبسة والأطعمة، ويعتبر "كعك القدس المسمسم" علامة تجارية مميزة لمن زار المدنية وظفر بشرف الصلاة فيها.

وتبهرك الأضواء المتلألئة والأجواء الرمضانية عند تجوالك في حارات وأزقة القدس العتيقة تلك الأزقة التي تشبه إلى حد كبير الحارات الدمشقية القديمة وهو ما يشهد على وحدة بلاد الشام في العادات والتقاليد والفن المعماري.

ويحرص المواطنون على توثيق تلك الزيارة والصلاة في الأقصى، حيث يلتقطون الصور التذكارية عبر جولاتهم وكمراتهم الخاصة ولسان حالهم يقول: من يدري؟ متى نعود! ولعلها تكون آخر زيارة.