في خضم الصراع المحتدم مع الاحتلال الاسرائيلي وأدواته يتفنن دهاقنة الاستيطان في إخراج وسائل ابتلاع الأرض الفلسطينية وتغليفها بغلاف قانوني أحيانًا، وآخر ديني في أحيان أخرى.

وبينما تمعن أنياب جرافات الاحتلال بنبش مقابر إسلامية فلسطينية في القدس كمقبرتي باب الأسباط ومأمن الله ومقبرة القسام قرب حيفا وأخرى في قمة جبل جرزيم قرب نابلس يعلن مجلس مستوطنات الضفة بالتعاون مع ما يسمى الإدارة المدنية عن إنشاء مقابر تنتشر في خاصرة الأرض قريبًا من المستوطنات.

وتوفر سلطات الاحتلال المادة القانونية والحماية الأمنية لشرعنة بناء مقابر جديدة تقام على أراضي فلسطينية ذات ملكية خاصة لفرض حقائق جديدة على الأرض بالقوة.

ابتلاع وأوهام دينية

ويتهم الخبير في شؤون الاستيطان بشار القريوتي في حديث لـ "وكالة سند للأنباء"، مجلس مستوطنات الضفة الغربية بالوقوف خلف التخطيط واختيار المواقع وتجريفها وتجهيزها لزراعة القبور.

ويصف "القريوتي" عملية إنشاء مقابر المستوطنات بأنها شكل إبداعي في ابتلاع المزيد من الأرض الفلسطينية؛ لتثبيت ما يسمونه الحق الإنساني في الأرض؛ بعد أوهامهم في إعلانهم بالحق التاريخي والديني.

 

الخوانق تختنق

ويشير "القريوتي" إلى أن مقبرة مستوطنة عيليه قرب بلدته التي سرقت 400 دونمًا من منطقة ينابيع الخوانق منها  ٦٠دونمًا وتعود ملكيتها للشقيقتين معزوزة وفاطمة القريوتي.

وأعلنت منظمة "كيريم نفوت" الإسرائيلية بأن ٤٠٪ من قبور المستوطنين أقيمت على أراضي ذات ملكية خاصة.

أبعاد أيديولوجية

ويقول نشطاء فلسطينيين وإسرائيليين أن خلفية إنشاء المقابر تحمل أبعادا أيديولوجية وعقائدية بهدف؛ تثبيت وجود المستوطنين وتشريع سرقتهم للأرض؛ كوسيلة أخرى من وسائل تهويد الأرض.

مسارات النهب

ويرصد الباحث في الشأن الاستيطاني الدكتور معالي خريطة مسارات النهب لمقابر المستوطنات ويقول إنها تتركز في مستوطنات يتسهار وبراخا.

بالإضافة إلى ألون موريه وكوخاف هشاحر وبساغوت وعيليه واريئيل ومعاليه مخماس ومحولا وكريات اربع وميشور ادوميم وشاڤيه شمرون وحافاد جلعاد وغيرها .

مسمار جحا

ويعتقد مسؤول ملف الاستيطان بشمال الضفة غسان دغلس أن إقامة المقابر تحمل أبعادًا سياسية بخلفيتها الدينية التي تحرم نبش القبور ونقلها للضغط على حكومات الاحتلال والكنيسيت بعدم دخول تلك المستوطنات في أية تسويات سياسية متوقعة.

 

احتيال

ويرى مدير مركز الدفاع عن الأرض في نابلس محمود الصيفي أن إنشاء مقابر المستوطنات تحمل في بذرتها الأولى عمليات احتيال خبيثة؛ حيث تنشأ في أراضي خارج المخطط الهيكلي المزعوم للمستوطنة لضمان سرقة الأراضي ما بين المقبرة وحدود المستوطنة الأم .

ويكشف "الصيفي" النقاب عن وجود زهاء ٣٣ مقبرة استيطانية في الضفة آخرها مصادرة ١٤٢دونمًا من أراضي عزون عتمة لصالح مستوطنة أورانيت وبناء أكبر مقبرة في الضفة تتسع لحوالي ٣٥ ألف قبرًا جديدًا على مدار ربع قرن قادم.

حلال للطير من كل جنس

ويشير "الصيفي" إلى ظاهرة جديدة تتمثل بنقل جثامين موتى يهود من الداخل المحتل عام ١٩٤٨م في مروحيات عمودية لدفنها في مقابر مستوطنات الضفة تحت مزاعم اعتبار الأرض وقف يهودي من النهر الى البحر.

ويشدد على أنها سياسة بشعة تماثل إنشاء معسكرات لجيش الاحتلال وبؤرا استيطانية تفقس فجأة فوق الارض وتحتها بدعم حكومي وصمت دولي أممي.