الساعة 00:00 م
الأربعاء 24 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

أنهار الديك.. حين تجتمع صرخة الميلاد وقسوة السجان

حجم الخط
أنهار الديك.. حين تجتمع صرخة الميلاد وقسوة السجا
آصال أبو طاقية-وكالة سند للأنباء

كان صباحاً مملوءاً بالوجع لإحداهن، يجثو كجبل على صدرها، تتمنى أن لو كان كل ما تعيشه وستعيشه خلال الأيام القادمة كابوساً في حلمٍ ما، سرعان ما يذهب حين تفتح عيناها، لكنه لم يكن كذلك، فحملِ معه الوجع والترقب الصعب.

"اشتقت لجوليا بشكل مش طبيعي، قلبي واجعني عليها ونفسي أحضنها وأضمها لقلبي، الوجع إلي في قلبي لا يمكن أن يكتب في سطور" بهذا خطت الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي أنهار الديك بدموع العين واحتراق القلب كلماتها في رسالة صدر فيها صوت الوجع للعلن، خارج حدود السجن والسجان.

وتحمل أنهار في بطنها جنينها الذي شارف على الخروج بين أزقة السجن، فيما أن النساء في كل مكان تعيش حقها الطبيعي في عيش تجربة الإنجاب ببيئة صحية وسليمة، يُساندها الحبيب والأم والأحباب، يخففون عنها وجع الميلاد، ويؤملونها بميلادٍ ومولود سليم، تحنو الأم، ويخفف الزوج، وتُصاحب الرفقة والأخوات.

فقدان السند

وعن فقدان كُل ما سبق من سندٍ واتكاء تضيف أنهار في رسالتها: "شو أعمل إذا ولدت بعيد عنكم وتكلبشت وأنا أولد، وإنتوا عارفين شو الولادة القيصرية بره! كيف بالسجن وأنا مكلبش لحالي".

تفكر أنهار وهي توشك على الانهيار كثيراً في المصير الذي سيؤول إليها حالها بعد خوض تجربة الميلاد الصعبة، والتي نالت من جسدها الكثير، وأوجدت لديها أوجاعاً لن يُخففه شيء سوى الخروج من السجن والعودة إلى حياتها الطبيعية خارج أسوار الظلم والسجان.

وبصوتٍ موجوع سمعته كل القلوب تضيف أنهار في رسالتها: "آآخ يا رب طمعان في رحمتك، أنا كثير تعبانة وصابني آلام حادة في الحوض ووجع قوي في قدمي نتيجة النوم على "البُرش"، مش عارفة كيف بدي أنام عليه بعد العملية، وكيف بدي أخطو خطواتي الأولى بعد العملية، وكيف السجانة تمسك إيدي باشمئزاز"

تقاطع حديثها أنهار، وكل حرفٍ يحمل في طياته الكثير من الآلام التي تنهش جسدها وروحها، وخوف شديد من القادم لتتابع في رسالتها: "لسا بدهم يحطوني في العزل أنا وإبني، ويا ويل قلبي عليه عشان الكورونا، مش عارف كيف راح أقدر أدير بالي عليه، وأحميه من أصواتهم المخيفة، وقد ما كانت أمه قوية راح تضعف قدام اللي بعملوه فيها وفي باقي الأسيرات".

وتختم أنهار رسالتها بحرقة النداء علّه يصل لأحدٍ ما يُنجيه من العذاب الذي تعيشه: "طالبوا كل حر وشريف بغار على عرضه وشرفه بأن يتحرك ولو بكلمة، خطية هالولد في رقبة كل واحد مسؤول وقادر يساعد وما بساعد".

اعتقال وهي حامل

واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الشابة أنهار الديك (25 عاماً) في الثامن من مارس/آذار من هذا العام 2021، بتهمة الاعتداء على المستوطنين، ولا زالتْ حتى الآن موقوفة دون الحكم عليها.

ويوضح ثائر زوج الأسيرة أنهار لـــ "وكالة سند للأنباء" أن الاحتلال اعتقل زوجته وهي حامل في الشهر الثالث، والآن على مشارف إنجاب طفلها في السجون الإسرائيلية، وهي أم لطفلة "جوليا" عمرها سنة وثلاثة أشهر.

تعرضت أنهار خلال عملية الاعتقال لضرب قاسٍ على بطنها ووجها من قبل جنود الاحتلال، وهي تعاني الآن من ضعف عام في جسدها، وتضاعفت مخاوفها النفسية بشكل كبير في الآونة الأخيرة لاقترابها من موعد ولادتها في ظروف السجن السيئة، وعدم وجود أحدٍ من الأهل حولها.

وكفلت القوانين الدولية للمرأة الحامل والمرضعة ضرورة تأمين مكان إقامة مناسب لها ولطفلها، إلا أن كُل الاتفاقيات يضربها الاحتلال بعرض الحائط، ولا تغدو سوى حبر على ورق، في دولة تحكم بشريعة الغاب.

ويعيش ثائر في غياب أنهار دور الأم والأب معاً لجوليا، يُحاول أن يعوضها عن الفراغ الذي تركته أنهار بعد اعتقالها وحرمان الاحتلال لها بسجن أمها، وسط احتضان كبير من جميع من حولها.

ويقول لــ "وكالة سند للأنباء": "توجهنا للعديد من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي والصليب الأحمر وبمساعدة المحاميين، من أجل الضغط والتحرك الفوري والعاجل من أجل إخراج أنهار من سجون الاحتلال الإسرائيلي، وإجراء عملية الميلاد بشكل طبيعي خارج الأسر".

ميلاد بالأسر

ستعود أنهار لتعاني من جديد، لكن ليس بمفردها، بل ستتضاعف المعاناة والخشية مع وجود قطعة منها "طفلها الصغير" الذي سيفتح عيونه على مجرمٍ يكبل أمه، ويعيش في عالمٍ يفتقد لأدنى مقومات الحياة الآدمية.

ومن بين 39 أسيرة في سجون الاحتلال، وضعن ثماني أسيرات أولادهن خلف الأسر وفي ظروف قاسية يعشنها بين قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وتتعمد سلطات الاحتلال التنكيل بالأسيرات الحوامل، وعندما تحين لحظة المخاض يُصر الاحتلال على تكبيل يديهن وأقدامهن، ويشد وثاقهن في سرير الميلاد دون السماح لأحد من مرافقتها.