الساعة 00:00 م
الثلاثاء 19 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.15 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.97 يورو
3.65 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"وكالة سند" تكشف تفاصيل جريمة إعدام الاحتلال مسنا جنوب غزة

جهود إقليمية وعربية لإنجاز الملف

المصالحة.. هل تتمكن مصر من إخراجها من غرفة العناية الفائقة؟

حجم الخط
437081-1509155074.jpg
خالد أبو الروس-وكالة سند للأنباء

تسعى جمهورية مصر العربية إلى إعطاء دفعة جديدة لخيار المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة فلسطينية تعمل على تعزيز الهدوء طويل الأمد في المنطقة وإعادة إعمار قطاع غزة.

وبالرغم من الانسداد السياسي الحالي على الساحة الفلسطينية في هذا الملف إلا أن القاهرة  تعمل على بث الروح لهذا الخيار، وهو ما كشفت عنه أجندات الاجتماعات الأخيرة مع الفصائل الفلسطينية في مصر.

ويأتي هذا الحراك في وقت تسعى إدارة الرئيس الأمريكي؛ لإحداث حالة من استقرار الأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية خاصة في ظل أن المجتمع الدولي لا يزال يتردد في الدفع باتجاه العمل على حل الدولتين.

ويعتقد محللون أن مصر تسعى من خلال حواراتها مع الفصائل على ضمان الحصول على مواقف مؤيدة وداعمة لاستئناف الحوارات الفترة المقبلة، ومحاولة لإخراج المصالحة من غرفة العناية الفائقة، والتوصل إلى تفاهمات للتهدئة قبل انفجار التصعيد بين حماس وإسرائيل.

حكومة تكنوقراط

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة أيمن الرقب، إن سعي مصر لترتيب البيت الفلسطيني وإنجاز المصالحة الداخلية لم يتوقف رغم تعثر الحوارات في السنوات الأخيرة.

ويكشف "الرقب" أن مصر عرضت خلال جولة الحوارات الأخيرة مع حركة حماس فكرة إنشاء حكومة تكنوقراط لا دخل لها بالسياسة وتنحصر مهامها في ترتيب الانتخابات وإعمار قطاع غزة، وتشكيل حكومة بموافقة المجلس التشريعي بعد الانتخابات.

ويقول لـ "وكالة سند للأنباء"، إن مصر تعمل من خلال حواراتها على تحريك ملف المصالحة والعمل على تضييق الهوة بين الفصائل وتقريب وجهات النظر وصولًا لتشكيل حكومة تكنوقراط.

ويضيف أن الفكرة من تشكيل حكومة تكنوقراط الترتيب لانتخابات فلسطينية في كل المواقع والمؤسسات بدءًا بالمجلس التشريعي مرورًا بالرئاسة وانتهاءًا بالمجلس الوطني قائلًا: "الكرة في ملعب الفصائل".

ويوضح أن الرئيس محمود عباس عرض خلال الفترة الماضية تشكيل حكومة وحدة وطنية تعترف بشروط الرباعية الدولية، لكن جولة الحوارات مع حماس ركزت على فكرة إنشاء حكومة تكنوقراط "لا دخل لها بالسياسة".

"والتصور القائم حاليًا هو أن تتولى حكومة التكنوقراط مهمة إعادة الحياة للحالة الفلسطينية وترتيب الانتخابات على أن تشكل حكومة بموافقة المجلس التشريعي بعدها"، وفقًا للمحلل "الرقب".

الرؤية الأمريكية

وحول مدى ارتباط الحراك المصري بالرؤية الأمريكية القائمة على دفع مسار "حل الدولتين" يعتقد "الرقب" أن دور مصر تجاه المصالحة غير مرتبط بالتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة، وإنما؛ لأنه ملف حساس بالنسبة لها.

ويقول: "رغم تغير الإدارات الأمريكية خلال 15 عامًا إلا أن ذلك لم يؤثر على الموقف المصري الساعي لتحقيق المصالحة التي تعتبر قضية أمن قومي مصري خاصة وأن قطاع غزة يعيش في غلاف الأمن القومي المصري.

ويضيف أن التجربة العملية أثبتت أن مصر أكبر لاعب جيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط يستطيع أن يحقق المصالحة الفلسطينية؛ فلا مصالحة داخلية بدون مصر ولا حرب ولا سلام بدونها كذلك.

ويشير "الرقب" إلى أن القاهرة بذلت جهودًا كبيرة منذ سنوات من أجل تحقيق المصالحة منذ عام 2005م وحتى الآن.

ومن وجهة نظره: "تكمن المشكلة "في الفصائل السياسية التي لها ارتباطات ورؤى لتدمير المصلحة الوطنية العليا، ولو تعالوا على الأنا والفصائلية لانتصروا للوطن منذ زمن بعيد".

أزمة مستعصية

من جانبه، يقول المحلل والكاتب السياسي أكرم عطا الله، إن جهود القاهرة لإتمام المصالحة الفلسطينية وتقريب وجهات النظر لم تتوقف لكنها تتعثر نتيجة عمق أزمة الخلاف السياسي الفلسطيني.

ويضيف في حواره مع "وكالة سند للأنباء" أنه "من السابق لأوانه الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية في ظل عدم وجود تقارب في وجهات النظر أو اتفاق مبدئي بين حركتي فتح وحماس".

ويعتقد أن مصر تمارس ضغوطات دبلوماسية على الفصائل الفلسطينية، وتلتقي معها من أجل تقريب وجهات النظر لكن من الواضح أن الأزمة مستعصية جدًا.

ويشير إلى أن الخلاف الفلسطيني يجعل مصر مضطرة أن تتعامل مع حركة فتح مرة ومع حركة حماس مرة أخرى؛ "فموقفها محرج للغاية في ضوء أن سياستها ترضي طرف وتغضب طرف آخر".

ويرى أن رؤية مصر المركزية هو العمل على إنهاء حالة الصراع بين الفلسطينيين على السلطة؛ لأنه مضر بدور مصر الإقليمي.

ولا يعتقد "عطا الله" أن الجهود المصرية يمكن أن تنجح بمصالحة فلسطينية داخلية؛ لأن الأزمة بين الفلسطينيين وصلت إلى مستويات متطورة خاصة بعد فشل الانتخابات في نيسان/إبريل الماضي.

ويرى أن مصر بذلت جهودًا مضنية لترتيب البيت الفلسطيني على صعيد استضافة جولات الحوارات في العاصمة المصرية القاهرة، لكن فشل هذه الحوارات جعل "مستوى التشاؤم لدى مصر يزيد إلى درجة لا يمكن أن نرى فيها مصالحة في الفترة المقبلة".

تفاعلات حرب غزة

وبما أن مصر تتولى بشكل رسمي مفاوضات وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل فإن ذلك جعلها تنخرط بحوارات متواصلة من أجل إتمام بعض الملفات المتعثرة ومنها المصالحة.

وفي هذا الصدد يشدد "عطا الله" على أنه لا يمكن فصل الرؤية المصرية عن الرؤية الأمريكية والأوروبية الساعية لعدم حدوث انفجار كبير في قطاع غزة إلى حد يصعب السيطرة عليه.

ويرى أن أي تصعيد بالمنطقة إضرار بمصالح مصر والولايات المتحدة الأمريكية والأوربيين؛ حيث أن السياسة الخارجية لهذه الأطراف تشترك على ضرورة ضبط إيقاع التصعيد بغزة وعدم انفجار الأوضاع مجددًا.

يشير "عطا الله" إلى أن مصر ترى في نفسها أنها المسؤولة عن مفاوضات التهدئة في قطاع غزة وعن عملية إعادة إعماره، "ولذا تعمل مصر على التهدئة ونزع فتيل الأزمة وتمكين الفلسطينيين من الحياة".

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بأن تنامي المظاهرات في الداخل الأمريكي يمكن أن يزيد من توسعها، وبالتالي يشكل ذلك ضغطًا على الحكومة الأمريكية، وفقًا للكاتب "عطا الله".

وتعد مصر أول دولة صنعت اتفاقية سلام مع إسرائيل (كامب ديفيد) في 17 سبتمبر/أيلول 1978م، وعملت مصر على إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني تمهيدًا لمفاوضات مع إسرائيل ينتهي بحل للقضية الفلسطينية، لكن هذه الرؤية لم تتحقق.

ويعتقد "عطا الله" أن استمرار الانقسام الفلسطيني يعيق تنفيذ هذه الرؤية، وهذا ما يشجع إسرائيل للتهرب من استحقاق الالتزام بالمفاوضات.

سياسة الاحتواء

ويُردف الباحث عزيز المصري، أن الإدارة الأمريكية تسعى لتهدئة الوضع العام في الشرق الأوسط، واحتواء الخصوم وخاصة الجماعات الإسلامية في استكمال لسياسة الرئيس الأسبق أوباما.

ويضيف أن واشنطن تعمل على إعادة دمج حماس في المشهد السياسي الإقليمي، بما يضمن تحقيق تهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة تقوم على أساس الاستقرار مقابل تسهيلات اقتصادية.

ويرى "المصري" أن الاستقرار من وجهة نظر واشنطن مصلحة لجميع الأطراف في الوقت الراهن؛ فالتسهيلات الاقتصادية تؤدي إلى حلحلة سياسية مؤداها حدوث استقرار أمني.

ويؤكد لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه في ظل صعوبة تنفيذ إلزام إسرائيل بخيار حل الدولتين فإن واشنطن تعتقد أن التغيير المطلوب الآن هو تحقيق الاستقرار لا شيء آخر.

ويشير "المصري" إلى أن حركة حماس جاهزة لسيناريو تهدئة طويلة الأمد لما يؤدي إلى حدوث استقرار أمني واقتصادي في القطاع.

وحسب تحليليه، فإن الرؤية الأمريكية تقوم على أنه إذا أردت أن تحصل على أموال لعملية إعادة إعمار قطاع غزة فإنه لابد أن تذهب باتجاه تهدئة طويلة الأمد.

ويشدد على أن دعوة واشنطن لتنفيذ خيار المصالحة هي دعوة دبلوماسية ليست أكثر، وليس هدف رئاسي تسعي إليه إدارة الرئيس الأمريكي بايدن من خلال توظيف القوة والضغط؛ لأن هذه الإدارة ليست حاسمة في أي ملف.

ويوضح أن الدعوة صدرت عن نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الفلسطينية الإسرائيلية هادي عمرو، مشددًا على أن فتح وحماس ينظرون "بريبة وشك" للتحرك الأمريكي.

وحسب مصادر فلسطينية فإن "عمرو" زار رام الله الأسبوع الماضي والتقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، قدم اقتراحًا لتشكيل حكومة جديدة يشارك فيها ممثلو حماس أو حكومة تكنوقراط.