الساعة 00:00 م
الخميس 28 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.19 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.98 يورو
3.68 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

مطالبات بزيادة الرواتب

ارتفاع الأسعار يأكل دخل المواطنين المتدني

حجم الخط
غلاء المعيشة.jpg
نابلس - أحمد البيتاوي - وكالة سند للأنباء

الارتفاع الجنوني في أسعار السلع، أصبح حديث الناس وشغلهم الشاغل، فلا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن ارتفاع طال هذا المنتج أو ذاك، وكُلٌ يلقي باللوم على غيره، المواطنون يتهمون التجار، والتجارُ يضعون المسؤولية على عاتق العوامل الخارجية.

الارتفاع القياسي في الأسعار طال كل شيء تصله يد المستهلك، بدءاً بالمواد الغذائية، مروراً بمواد البناء والإنشاء، وانتهاءً بالسيارات والمحروقات والأجهزة الإلكترونية.

وبحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني ارتفعت أسعار البيض بنسبة 19%، والخضروات 13%، في حين ارتفعت أسعار الدجاج بنسبة 4.8%، مقارنة بالشهر الماضي، وقفزت أسعار السيارات بمختلف علاماتها التجارية بنسبة تتراوح من15-20% منذ منتصف العام الجاري.

وانتقالاً إلى مواد البناء التي وصل سعر طن الحديد لـ 3400 شيكل، بعد أن كان 2250، بنسبة تجاوزت الـ60%.

أما الخشب الذي وصلت نسبة ارتفاعه إلى 70%، كما هو الحال مع خشب البلوط الذي صعد سعر الكوب الواحد من 3850 شيكل إلى حوالي 6400 شيكل.

المحروقات هي الأخرى من غاز وسولار وبنزين شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، وسط توقعات بارتفاعات أخرى مع دخول فصل الشتاء وزيادة الطلب.

"العين على من؟"

ووسط حالة من الأرق تقض مضاجع أصحاب الدخل المحدود، يبرز الحديث مجدداً عن دور جمعية حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد الوطني في مراقبة الأسواق، وضبط الأسعار ومسائلة المحتكرين والمستغلين.

فيما طالب آخرون السلطة الفلسطينية والقطاع الخاص، بدعم أسعار المنتجات الأساسية وزيادة الرواتب وتثبيت سعر صرف الدولار؛ ليتماشى مع موجة الغلاء.

من جانبها، تقول رئيسية جمعية حماية المستهلك في نابلس فيحاء شلش، إن الجمعية طالبت الحكومة بداية العام الجاري بتعزيز مخزون السلع الأساسية، وذلك استباقاً لارتفاع متوقع في الأسعار.

وتبيِّن شلش لـ"وكالة سند للأنباء" أن الارتفاع المتواصل في الأسعار قد يؤدي لتآكل الطبقة المتوسطة وزيادة الطبقة الفقيرة.

وتطالب "شلش" الحكومة الفلسطينية بوضع آلية وإستراتيجية واضحة بالشراكة مع القطاع الخاص؛ لتحمل جزءاً من هذا الارتفاع في الأسعار.

وتتابع ضيفتنا أن على الحكومة دعم أسعار السلع الأساسية كالسكر والطحين والأرز، وتقليل نسبة الضريبة على التاجر؛ ليقوم بدوره بتخفيض الأسعار، ومنع استيراد بعض السلع من الخارج والاستعاضة عنها بالسلع المحلية".

"تدخل لتحديد هامش الربح"

وتؤكد "شلش" على ضرورة تدخل وزارة الاقتصاد لتحديد أسعار بعض السلع ووضع هامش للربح بعد احتساب تكلفة الاستيراد، وهذا يتطلب اطلاعاً مباشراً على سجلات التجار خاصة الكبار منهم.

أما المشكلة فتكمن في ارتفاع أسعار بعض السلع عالمياً، فيلمس المواطن هذا الارتفاع مباشرة، لكنه في المقابل لا يشعر بانخفاض الأسعار حال انخفض سعر هذا المنتج عالمياً"، وفقاً لـ"شلش".

ويرى مراقبون أن ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة من الخارج يصب في صالح الحكومة، حيث تزيد في المقابل نسبة الضرائب المتحصلة من المستوردين.

"ارتفاع تكاليف الشحن"

وينسب أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية نائل موسى سبب هذا الارتفاع العالمي في الأسعار والذي وصل في بعض الأحيان لنسبة 100%، لارتفاع تكاليف الشحن على الموردين، وتراجع الإنتاج العالمي بسبب "كورونا".

ويوضح "موسى" لـ"سند" أن العديد من الشركات العالمية قللت من طاقتها الإنتاجية، وإجراءات الشحن الجديدة التي شملت المعابر البحرية والشحن الجوي زادت من تكاليف النقل، فالحاوية التي كانت تكلف 5 آلاف دولارٍ، أصبحت تكلف اليوم 20 ألف دولار".

ويتفق التاجر طه البشتاوي الذي يمتلك شركة للتخليص والشحن مع ما ذهب إليه "موسى"، إذ يشير إلى أن أسعار الشحن لن يحدث عليها انخفاض واضح على الأقل لغاية الربيع القادم، وفقاً لكبرى شركات الشحن البحري العالمية ".

أما التغيرات صعوداً وهبوطاً ستكون بمئات الدولارات فقط وليس بالآلاف، وهو ما يعني أن القصة ستطول، على حد قوله.

ويذكر "البشتاوي" لـ "وكالة سند للأنباء" أن الشركات تتفق على أن السبب الرئيس في مشكلة ارتفاع أسعار الشحن، هو عدم رجوع ملايين حاويات الشحن من أمريكا وبعض الدول الأوروبية بسبب توقف العمل والاغلاقات، ما تسبب بضرب سلسة التوريدات العالمية والتي لا يمكن ترميمها سريعاً".

"الاعتماد على الاستيراد فاقم من المشكلة"

وعن سبب تأثر الاقتصاد المحلي بهذه التغيرات الدولية، يرجع "موسى" نسبة الناتج المحلي الفلسطيني 67%،  والذي يصل لحدود 17 مليار دولار (للعام 2019) للاستيراد من الخارج.

ويعتبر "موسى" ما يحصل في وقتنا هو نتيجة اتباع سياسات اقتصادية خاطئة منذ تأسيس السلطة قبل 25 عاماً، "فالأخيرة شجعت الاستيراد واعتمدت عليه بشكل كبير لكي تزيد نسبة المقاصة التي تجنيها من خلال إسرائيل، لتغطية نفقاتها".

 ويرى أن السلطة الفلسطينية لم تشجع الاستثمار ولم تعمل على توجيه البنوك في طريقة تنفيذ القروض، بحيث تبتعد عن تمويل العقارات والسيارات غير المدرة للربح.

وعن الحلول المقترحة، لتجاوز أزمة الارتفاع المطرد في الأسعار، قال "موسى" لـ"وكالة سند للأنباء"، إن المطلوب من الحكومة في هذه المرحلة إعطاء بعض التسهيلات للمنتج المحلي، وتشديد الرقابة عن الأسعار.

وتأتي هذه الحلول رغم محدودية دور وزارة الاقتصاد على ذلك، بحكم اتباع السلطة لنظام السوق الحرة الذي يمنع وضع هامش للربح"، بحسب ما ذكر "موسى".

ويكمل ضيفنا حديثه أن السلطة الفلسطينية وأجهزتها المختلفة كالضابطة الجمركية، تحمي قطاع الاتصالات من الشرائح الإسرائيلية، والمفترض حماية المستهلك من جشع الشركات".

وتوقع "موسى" أن تستمر أزمة ارتفاع الأسعار لحين عودة الدول الاقتصادية الكبرى لكامل طاقتها الإنتاجية.

ولم يستبعد أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، أن يكون هذا الارتفاع المهول في الأسعار هو أحد إفرازات الصراح الاقتصادي والتجاري، بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية.