في غُرفة أشبَهُ بالعالم المضيء، تتزين بكرات خيوط الصوف بألوانها الزاهية، والكثير من صور الدُمى المترامية على الجدران بعفوية، وفي الزاوية طاولة خشبية عليها بعض مجسمات الدُمى كشاهدٍ على نجاحات صاحبة هذه الفكرة.
في هذا العالم الصغير تقضي ألاء حنون (٢٦ عامًا) ساعاتٍ طويلة بين الأشياء التي تُحبها وبيدها سنارة خشبية لتحيك أجمل الدمى وتُحول الشخصيات إلى مجسمات من الأميجرومي.
حنون، فلسطينية من مدينة طولكرم، درست هندسة اتصالات من جامعة فلسطين التقنية خضوري عام ٢٠١٤. تتقن التطريز بأشكاله، وعملت في الصوف والكروشيه، والأشغال اليدوية وصولا إلى فن الأميجرومي.
بدأت آلاء رحلتها في هذا العالم بعد تخرجها من الجامعة، حيث قدمت لأكثر من وظيفة دون جدوى، فقررت البحث عن بديل يملأ وقت فراغها.
استهلت حديثها لـ "سند" بالقول: "أنا بطبيعتي أُحب الفن والألوان من صغري ففكرت بطريقة لتسخير هذا الحب والاستفادة منه بطريقة عملية وممتعة فكان فن الكروشيه".
ومنذ تلك اللحظة أصبح هذا الفن هو "الشغل الشاغل" لآلاء فأي صورة تُصادفها على مواقع التواصل الاجتماعي لهذا الفن كان يلفت انتباهها.
ومن أوائل الصور التي صادفتها هي قبعات على شكل شخصيات ديزني، حاولت ألاء تعلمها من جدتها وعمتها لكنها لم تتمكن فهما على حد وصفها "أكثر حرفية، وسرعة بالعمل".
فما الطريقة التي تعلمت من خلالها هذا الفن؟ تُجيب:" التعلم من اليوتيوب هو الأسلوب الأمثل لأتعلم أساسيات الكروشيه وكيفية عمل قبعات من الصفر وبالفعل تعلمت ونجحت".
صاحبة محل الخيوط التي تشتري منها مقتنيات العمل أخبرتها أن صناعة القبعة أصعب الأشياء في عمل الكروشيه، هذا منحها دافع قوي لانجاز العمل وتجاوزه بنجاح.
تُكمل حديثها: "من هنا انطقلت وبدأت أحيك قبعان وجاكيتات لأطفال عائلتي إلى حين أتقنت العمل وتمكنّت منه".
الولوج لفن جديد!
وفي إحدى المرات وعن طريق الصدفة خلال تصفحها على مواقع التواصل الاجتماعي أعجبتها شكل بومة صغيرة محشوة، فبحثت عن طريقة عملها وجربتها تدريجيًا حتى خرجت معها شكل البومة، عن شعورها في تلك اللحظة تقول: "كانت سعادتي كبيرة بعد إنجازها وأهديتها لصديقة تُحب البوم".
وهذا ما يُسمى فن الأميجرومي وهو عبارة عن فن ياباني دمج الكروشيه العادي والتقليدي مع شيء جديد مطور بطريقة جميلة".
والأميجورومي، كلمة مشتقة من كلمات يابانية تعنى الكروشيه، والدمية المحشوة، وفن الأميجورومي يختلف في الحجم وليس هناك قيود حول حجمه وشكله.
أردفت عن تفاصيل هذا الفن: "هذا الفن له أساسيات و قواعد وأدوات خاصة مع الوقت والعمل، يصبح لديك خبرة فيه، كما أنه واحدة من الأمور التي يقوم عليها هذا الفن هو التخيل".
يُشار إلى فن الأميجرومي يُشبه الرسم لكن باستخدام الخيط والسنارة.
لكن ما هو سرّ النجاح الذي حققته آلاء في هذا المجال؟ تُرد:" تعلمت اللغة التركية لأستطيع ترجمة باترونات وأتعلم التكنيك والطريقة فيها لأعمل بطريقة مشابهة لها، كما أن البحث لا يتوقف لدي وفي كل عروسة أنجزها يكون هناك اتقان إضافي عما سبق".
ولفتت إلى أن المتابعين لها من بداية مشروعها يلاحظون ذلك، وتستغرق مدة الأعمال مع آلاء حسب طبيعتها فمنها من يستغرق ساعتين وأشياء أخرى تأخذ شهرين كاملين لتستطيع إنجاز العمل باتقان شديد.
هذه الدُمى الجميلة التي تنجزها كانت تُهديها هدايا لصديقاتها ولعائلتها في مناسباتهم، حتى بات أحباب آلاء وأصدقائها ينتظرون المناسبات التي تخصّها ليرون ما هو جديد لديها في عوالم هذا الفن.
كما أن ضيفتنا تعرض أعمالها للبيع عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول: "هناك فعلا من يقدر هذا الفن ويشعر بها كقطع فنية وليس مجرد سلعة".
ولكل طريق عقباته التي تُعيقه، والعمل في هذا العمل لا يخلو بالتأكيد من بعض المعيقات وكان أصعبها على ألاء منذ بداية عملها المواد الخام: "في البداية كنت استخدم خيوط الصوف لأنها المتوفرة في السوق المحلي، لكن مع الوقت اكتشفت أن الشغل فيها بعد فترة، يُوبر ويُعطي شكلا غير لطيف".
فلجأت لاستخدام خيوط القطن وهي غير متوفرة في السوق المحلى فاضطرت لشرائها من الأردن وتركيا، وبعض الأدوات المستخدمة في العمل اشتريتها عبر سوق أون لاين.
