يوماً بعد يوم، تزداد المقاطعة والعزلة الدولية لإسرائيل، بالانسحاب من المهرجانات والمسابقات الدولية التي يشارك فيها شخصيات إسرائيلية، بالرغم من تصاعد تطبيع أنظمة الاستبداد العربي والخيانة للقضية الفلسطينية.
مسيرة من الانسحابات شهدتها الأشهر القليلة الماضية، لتثبت نخوة الشرفاء، في ظل نظام يحاول الترويج لروايته الكاذبة، مغطياً على مجازر القتل والأسر والتهجير في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.
"العرب جعلوا منا أضحوكة"، بهذه الكلمات وصفت "يديعوت" الإسرائيلية، حدث المقاطعات والانسحابات المستمرة، مضيفةً " توجد كل أنواع اتفاقات السلام والحبر الذي يكاد ينتهي بالطابعة من كثرة النسخ، أما على الأرض فيثبت الرياضيون العرب أن إسرائيل بنظرهم ليست موجودة".
نماذج مشرفة
الأشهر الثلاثة الماضية، شهدت العديد من الانسحابات، حيث أعلنت ملكة جمال اليونان رافييلا بلاستيرا، عن عدم المشاركة في مسابقة ملكة جمال العالم المقرر إقامتها في إسرائيل في ديسمبر المقبل.
وأعلن بطل منتخب الجزائر للجودو فتحي نورين، عن اعتزاله نهائياً رداً على قرار الاتحاد الدولي إيقافه عن اللعب 10 سنوات بعد رفضه مواجهة لاعب إسرائيلي مؤخراً.
ورفضت ماليزيا السماح للفريق الإسرائيلي المشارك في بطولة العالم للاسكواش، من دخول أراضيها.
وانسحبت الفنانة الفلسطينية سهاد الخطيب من فعاليات "معهد العالم العربي في باريس، تعبيراًعن رفضها لمشاركة فرق إسرائيلية ضمن المهرجان.
وأعلن المخرج الفلسطيني أمين نايفة عن عدم مشاركة فيلمه "200 متر" الذي يعكس المعاناة من جدار الفصل، بسبب مشاركات إسرائيلية في مهرجان "الجونة".
وأصدرت دولة الكويت قراراً يحظر دخول السفن التجارية المحملة ببضائع من وإلى إسرائيل، ويشمل القرار كل السفن القادمة من موانئ أخرى لتفريغ جزء من حمولتها في الموانئ الكويتية.
وألغى الشاعر المصري جمال القصاص، مشاركته في المبادرة الشعرية "مشروع شجرة الشعر العالمي" في معرض "إكسبو دبي" التطبيعي، بعد معرفته بخبر إشراك المعرض لجناح إسرائيلي يعرض أسلحة وتكنولوجيا طورها وجربها الاحتلال على الشعب الفلسطيني.
وأعلنت الحركة الطلابية لكلية الحقوق بجامعة مدينة نيويورك، دعمها رسمياً لحركة مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل "BDS".
وتشمل المقاطعة وفقا للقرار منظمة الطلبة اليهود المدعوة "هليل"، ومنظمة "كاميرا"، ومنظمة العلاقات العامة "قف معنا" ومنظمات أخرى.
حكومات المطبعين في عزلة
من جانبه، أكد عضو التجمع الوطني الديمقراطي عمر عساف، أن مثل هذه المقاطعات تؤكد على الرفض الشعبي على التطبيع مع إسرائيل، وتؤكد أن الشعوب في واد وحكومات المطبعين في واد آخر، وأن هؤلاء المطبعين معزولين عن شعوبهم.
وأضاف عساف في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن المقاطعات تؤكد أصالة الانتماء لدى الشعوب العربية، والاعتبار بأن القضية الفلسطينية كانت وما زالت الرئيسية للشعوب العربية كلها.
وتابع "نحن نتطلع لتوسيع رقعة مثل هذه المقاطعات والتوجهات، لأننا ندرك حجم التفاعل الواسع مع فلسطين على مستوى العالم، يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية وحقوقه، لتشكيل عزلة نحو المطبعين عن شعوبهم".
وأكد عساف، أن مثل هذه المقاطعات تؤكد أن إسرائيل لم تستطع أن تخترق الشعوب وحركات التحرر كما تدعي، ليس فقط على الصعيد العربي، وإنما أيضاً على الصعيد العالمي مثل الجامعات الاجنبية، ومؤسسات أكاديمية وحقوقيون على مستوى العالم الذين يقفون بجانب الشعب الفلسطيني ويرفضون التطبيع.
نظام "أبرتهايد"
من جانبه، قال المنسق العام للجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل "BDS" محمود نواجعة، إن انسحاب عدد من الدول في مسابقة ملكة جمال الكون التي تستضيفها إسرائيل هذا العام دليل على التضامن الواسع مع القضية الفلسطينية.
وأكد نواجعة أن الدول لا تتعامل مع إسرائيل في الوقت الحالي كدولة طبيعية، وإنما ُينظر اليها كنظام "أبرتهايد"، أو احتلال عسكري، وهو مؤشر على أن التضامن مع شعبنا وقضيته أصبح أوسع وأكبر، رغم محاولات إسرائيل المتكررة لإجهاضه، أو تخريبه، أو وقف نشاطنا في أي مكان في العالم.
وأوضح أن إسرائيل، كانت تنظم في السابق مسابقات مختلفة، كالمهرجانات، والمؤتمرات البحثية والمعارض الفنية، كمسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن"، حيث شهدت هذه المسابقات انسحابات كثيرة لأفراد وفرق كانوا يمثلون أنفسهم.
ونوه إلى أن هذه المسابقة تختلف كونها تمثل دولا وليس أفرادا، الأمر الذي يعتبر مهما جدًا لنا.
رفض التطبيع ليس وليد اللحظة
ولا يبدو انسحاب اللاعبين الجزائري والسوداني، من مواجهة لاعبين إسرائيليين حدثاً شاذاً أو عابراً، فقد سبقه خلال السنوات الماضية، الكثير من المواقف المشابه من لاعبين عرب ومن جنسيات مختلفة.
ففي العام 2009، رفض مروان الشماخ لاعب كرة القدم المغربي في فريق "بوردو الفرنسي" آنذاك، من اللعب في إسرائيل أمام فريق مكابي حيفا.
وفي بطولة العالم للجودو في روما عام 2011، اختارت المبارزة التونسية عزة بسباس الانسحاب أمام المبارزة الإسرائيلية نعوم ميرتس، في المباراة النهائية، وضحّت بالميدالية الذهبية.
وفي بطولة العالم للجودو في ألمانيا، والمؤهلة لأولمبياد لندن 2012، سجَّل البطل اليمني علي خصروف، موقفاً وطنياً برفضه النزال أمام خصمه الإسرائيلي.
وعام 2012 في بطولة رومانيا المفتوحة للمعاقين، انسحب الكويتي عوض الحربي بطل تنس الطاولة للمعاقين، من نصف النهائي رفضاً للعب أمام منافسه الإسرائيلي.
وفي عام 2014 رفض محمد أبو تريكة، نجم المنتخب المصري الأسبق، المشاركة في مباراة ودية مع نجوم العالم، بدعوة من بابا الفاتيكان، بسبب مشاركة لاعب إسرائيلي.
وفي نفس العام رفض محمد صلاح، مهاجم نادي ليفربول الانجليزي، مصافحة لاعبي فريق مكابي تل أبيب، عندما كان لاعباً في فريق بازل السويسري.
وفي بطولة العالم للشطرنج في رومانيا 2016، قرَّر التونسي محمد حميدة (10 سنوات) الانسحاب من البطولة رافضاً لملاقاة لاعب إسرائيلي.
وفي بطولة العالم لرياضة "المواي تاي بوران" 2019، المقامة في تايلاند، فضّل الملاكم اللبناني يوسف عبود الاستغناء عن المنافسة على الميدالية الذهبية، وقرَّر الانسحاب بعد أن تأهل لمواجهته لاعب إسرائيلي، واكتفى بالميدالية الفضية والتي تسلمها في الكواليس، حتى لا يرفع العلم اللبناني بجانب علم دولة الاحتلال.
وفي البطولة الدولية للملاكمة 2019، المقامة في روسيا، رفضت الملاكمة التونسية ميساء العباسي مواجهة لاعبة إسرائيلية بعد أنْ اختارتها القرعة، وفضَّلت الانسحاب.