الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

بالفيديو "الإهمال الطبي" في السجون.. شهادات حية وحكايات يرويها المعذبون

حجم الخط
الأسرى المرضى.jpeg
لبابة ذوقان - وكالة سند للأنباء

"في تمام الساعة الثامنة صباحًا استيقظ محمد دويكات على صوت أخوته الأسرى في الزنزانة نفسها ليتناول طعام الإفطار معهم، فتح عينيه وقال لهم: "لسّه الدنيا ليل.. بتمزحوا معي؟".. لم يكن ليلًا يا محمد، إنه الصباح، لكنها بداية عتمة باغتت نظره، فأسدل الظلام على عينيه ولم يعد ير شيئا!

بدأت حكاية الأسير السابق "دويكات" (35 عامًا) من مدينة نابلس، عندما زارته والدته في سجن جلبوع، حيث لاحظت احمرارًا في عينيه، واصفرارًا في وجهه، لم يكن محمد يشعر بشيء، ولم يعانِ من أي أمراض أو آلام في عينيه بالسابق.

عاد محمد بعد الزيارة لزنزانته، لاحظ أنه بدأ يتعب من النظر للضوء ومن القراءة، فطلب زيارة عيادة السجن، وتم تشخيصه بأنه مصاب بفيروس والتهاب بعينيه، وأعطي قطرة ومسكن "أكمول".

تدريجيًّا أصبح محمد يفقد بصره في كلتا عينيه، حتى فقده بشكل كامل، فهدّد الأسرى بالتصعيد داخل السجن، ما أجبر الإدارة بنقله لمستشفى العفولة، وهناك تفاجأ الأطباء بحالة محمد، وبأن نظره وصل لمرحلة قد لا يعود بعدها للإبصار من جديد.

تنكيل بالمرضى

يسرد محمد معاناته لـ "وكالة سند للأنباء"، "في أحد الأيام وأنا مقيّد الرجلين واليدين على سرير المستشفى رغم أني لا أرى، كنت أبكي من شدة الألم وما وصل إليه وضعي، جاءتني طبيبة عربية، تحدثت معي ورفعت من معنوياتي، لكنهم منعوها بعد ذلك من الدخول عندي وزيارتي.

يضيف بنبرةٍ من الألم "لم يكن هناك مراعاة لحالتي، وكنتُ مقيدًا طوال الوقت، وعندما أحتاج الذهاب لقضاء حاجتي يماطلون لأكثر من ساعة، وأذهب مقيدا".

عانى "محمد" من آلامه الجسدية والنفسية لفقدان بصره على مدار ستة أشهر، في ظل مماطلة وإهمال متعمد بالعلاج المناسب لحالته، كما أصيب بالضغط نتيجة لمضاعفات الأدوية التي كانت توصف له دون مراقبة أو تنظيم بإعطائها، إلى أن أفرج عنه، بعد أن أمضى 14 شهرًا في السجون.

بعد الإفراج عنه، نقل محمد للعلاج في مستشفيات مدينة نابلس فورا، فكان تشخيص الأطباء لفقدانه النظر التهاب في عينيه، لكن المماطلة والإهمال الطبي فاقم من خطورة وضعه حيث انفصلت الشبكية عن القرنية ما أدى لفقدان البصر.

وعلى الرغم من صغر سنه إلا أن محمد يعاني من عدة أمراض نتيجة العلاجات التي كان يأخذها، حيث أصيب بالضغط وهشاشة العظام وتشققات بالجلد ومضاعفات جسدية أخرى.

ومع علاج استمر لأكثر من عامين عاد بصر محمد تدريجيا بنسبة 85%.

فشل كلوي

الأسير السابق محمد سعيد أبو خضر من بلدة طمون قرب طوباس، أمضى في سجون الاحتلال 18 عامًا متواصلة، سرقت أجمل سنوات عمره، لكن آخر عامين له في الأسر، نهشا من جسده الكثير، بعد أن أصيب بفشل كلوي، نتيجة سوء التغذية والمماطلة بالعلاج والإهمال الطبي المتعمد.

يروي محمد معاناته مع المرض لـ "وكالة سند للأنباء"، "أصبت بتسمم نتيجة سوء التغذية، على الرغم من أني كنت رياضيًّا وأحرص على تناول الغذاء الصحي قدر المستطاع، لكن ظروف السجن مزرية للغاية وتفتقد لأدنى حد من الظروف الإنسانية".

يتابع: "بدأت أشعر بآلام حادة في الكلى، وعلى مدار شهرين كاملين كنت أطالب بإجراء فحوصات مخبرية بسيطة ويتم رفضها، إلى أن تفاقمت حالتي وأصبحت أصاب بالإغماء يوميا".

استمر غسيل الكلى لمحمد في آخر عامين له بالأسر، في ظل رفض إدارة السجون إجراء عملية زراعة كلى، مُكملًا: "إدارة السجون لا تعطي العلاج الكافي للأسرى المرضى حتى لا تتحمل أعباء مادية، فهي تعطي ما نسبته 30-40% من العلاج فقط".

ويضيف: "أطباء السجون هم ضبّاط، ويرتدون الزي العسكري، والعيادات داخل السجون لا تخضع لأي رقابة".

وأجرى "أبو خضر" عملية زراعة الكلى عقب خروجه من السجن، حيث أكد له الأطباء الفلسطينيون بأن حالته ناتجة عن تلوث بالكلى ناتج عن سوء التغذية في السجن.

إهمال متعمد

وعن بعض مشاهداته للإهمال الطبي، أشار إلى أن أحد أطباء الأسنان في السجون، عالج أسيرًا دون تعقيم أدواته الطبية؛ ما أدى لنقل عدوى فيروس بالكبد للأسير.

ويؤكد "أبو خضر" أن تصدي الأسرى أنفسهم وتصعيدهم عند تعرض أحد الأسرى لانتكاسة صحية، أوقف العديد من الجرائم المتعمدة بإهمال الأسرى طبيا.

وعن الأسير ناصر أبو حميد الذي يعاني من وضع صحي خطير نتيجة إصابته بالسرطان، يقول أبو خضر: "التقيت بالأسير "أبو حميد" عدة مرات خلال فترة اعتقالي، لقد كان شابا رياضيًّا قوي البنية، لا يعاني من أي أمراض، لكن أجهزة التشويش والتغذية السيئة والظروف غير الإنسانية داخل السجون كافية لتودي بأي أسير مهما كانت بنيته الجسدية سليمة وقوية".

ووصل عدد الأسرى المرضى إلى قرابة 600 أسير، من بينهم أربعة أسرى مصابون بالسّرطان، و14 أسيرًا على الأقل مصابون بأورام بدرجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي 81 عامًا، وهو أكبر الأسرى سنّاً.

ووصل عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 227 شهيدًا، إضافة إلى المئات من الأسرى المحرّرين الذين استشهدوا نتيجة أمراض ورثوها من السّجن.