الساعة 00:00 م
السبت 24 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.87 جنيه إسترليني
5.08 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.09 يورو
3.6 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

تغير المواقف الأوروبية من حرب الإبادة.. ما السر وما مدى التأثير؟

حماس: لا مفاوضات حقيقية منذ السبت ونتنياهو يُحاول تضليل العالم

منظمات أممية ومحلية لـ سند: الاحتلال يضلل العالم في قضية مساعدات غزة

استيطان بغطاء بيئي.. سلبٌ إسرائيلي متواصل للمحميات الطبيعة بالضفة

حجم الخط
محمية وادي المقلق
أحمد البيتاوي- وكالة سند للأنباء

تحت غطاء "بيئي"، تواصل إسرائيل تغولها الاستيطاني بالأراضي الفلسطينية في محاولة لبسط السيطرة عليها وإفراغها من سكانها الأصليين، كان آخر فصول هذا التغول، إعلانها في شهر نيسان/ ابريل وضع يدها على محمية "وادي المقلق" القريبة من المنحدرات الشرقية لجبل الزيتون شرق مدينة القدس.

الاستيلاء على المحمية التي تعد أكبر محمية طبيعية في الضفة الغربية، وتقع بالقرب من مقام النبي موسى، كان تتويجاً لخطط إسرائيلية تعود لثمانينات القرن الماضي.

وحسب تسجيلات سلطات الاحتلال، فإن المحمية تمتد  مساحتها على أكثر من 22 ألف دونم، من بينها  5280 دونم تصنف على أنها أملاك خاصة لفلسطينيين، بينما صُنّفَ  75% من مساحتها  كأراضي دولة.

جمال الأودية والينابيع..

محمية وادي المقلّق أو "المكلك" أو"ناحال أوغ"  كما يطلق عليها الاحتلال، تعتبر أحد أهم وأجمل الأودية الفلسطينية في صحراء برية القدس الممتدة حتى البحر الميت.

ففي تلك المنطقة كهوف وطيور متنوعة ونباتات وأزهار فلسطينية نادرة، وعدد من عيون ماء غزيرة وعذبة تلتقي في قعر الوادي بين صخور صقلتها المياه الجارية على مدار آلاف السنين.

1.jpeg
 

وعلى مر العقود الماضية، صنّفت سلطات الاحتلال مئات آلاف الدونمات في الضفة والقدس كمحميات طبيعية، وبدأت في فرض الحظر والتقييدات عليها وحولتها لأغراض استيطانية أو عسكرية.

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، ذكرته أنه بعد توقيع اتفاقية أوسلو مع السلطة الفلسطينية عام 1993، امتنعت سلطات الاحتلال عن الإعلان عن محميات طبيعية جديدة في الضفة الغربية.

واستدركت: "لكن في كانون ثاني/ يناير 2020، وافق وزير الجيش نفتالي بينيت على إعلان 7 محميات، أكبرها العوجا، ولكن ذلك كان يتطلب موافقة ما يُسمى رئيس الإدارة المدنية الذي وقع على ذلك فقط في نيسان/ أبريل 2022".

ذريعة جديدة لهدف قديم

هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أكدت من جانبها، على أن إسرائيل تنتهك في كل تصرفاتها أبسط قواعد القانون الدولي الذي يجرّم هذا النوع من الإجراءات.

وأوضحت أن حجة ما يسمى إعلان المحميات الطبيعية هو ذريعة من مجمل ذرائع للسيطرة على مزيد من الأراضي الفلسطينية ومصادرتها لصالح المشروع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية، مشددةً أن إسرائيل لا تكتفي بذلك، بل تمارس تمييزا عنصرياً بالسماح للمستوطنين بالدخول إليها واستخدامها، في المقابل تمنع الفلسطينيين من ذلك.

وحتى الآن، أعلنت إسرائيل عن 48 محمية طبيعية في الضفة الغربية، بمساحة إجمالية لا تقل عن 383600 دونم، وهي تمثل حوالي 12٪ من المنطقة "ج"، وتشكل حوالي 7٪ من مساحة الضفة الغربية بأكملها.

2.jpeg
 

حركة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، بيّنت أن إعلان الحكومة الإسرائيلية، عن أراضٍ في الضفة الغربية كـ "محميات طبيعية"، ليس هدفه الحفاظ على الطبيعة، وإنما الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.

وتعد المحميات الطبيعية _تبعًا للسلام الآن_ إحدى الأدوات التي تستخدمها إسرائيل لنزع ملكية الأراضي من الفلسطينيين"، مشيرة إلى أن الاحتلال لا يمكن محوه باللون الأخضر.

50 محمية في الضفة..

ووفقًا لمعطيات سلطة جودة البيئة الفلسطينية، فإن في الضفة 50 محمية طبيعية تشكل 9٪ من إجمالي مساحتها، تقع غالبيتها في المناطق المصنفة "ج"، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وهو ما يعني أنها تقع في عين عاصفة الاستيطان.

وتتوزع المحميات بواقع 15 محمية في محافظة الخليل، و4 في محافظة طوباس، و3 في محافظة نابلس، و13 في محافظة رام الله، و9 في محافظة أريحا، و3 في محافظة بيت لحم، ومحميتين في القدس.

ونصّ اتفاق أوسلو على تسليم المحميات الطبيعية في الضفة، للسلطة الفلسطينية، لكنّ هذا ما لم يحصل بشكل فعلي، باستثناء 15 سلمها الاحتلال لوزارة الزراعة الفلسطينية عام 1995.

وتشكل هذه المحميات بما تحتويه من عيون ماء ومناظر طبيعية خلاّبة متنفساً لسكان الضفة الغربية الذين يرغبون بقضاء يوم بين أحضان الطبيعة.

حرمان للفلسطينيين..

من جانبه، يرى مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد أريج سهيل خليلة، أن السلطات الإسرائيلية تستخدم المحميات الطبيعية والغابات كحجة للسيطرة على الأراضي الفلسطينية في المناطق المصنفة "ج".

ويقول "خليلة" لـ "وكالة سند للأنباء" إن سيطرة الاحتلال على هذه المحميات يحرم الفلسطينيين من استغلال هذه المناطق لأغراض سياحية وزراعية.

ويلفت إلى أن الاستيلاء الإسرائيلي على هذه المحميات يتسبب بتهجير مئات الفلسطينيين الذين يعيشون في تجمعات بدوية وإحداث تغيير ديمغرافي لصالح المستوطنين.

ويصف ضيفنا القرار بأنه "سياسي بغطاء بيئي"، مسهبًا: "إسرائيل تنظر للمحميات الطبيعة كاحتياط استيطاني لتوسيع المستوطنات، والبؤر الاستيطانية وربطها ببعض، ففي حالة وادي المقلق، تسعى  إسرائيل لربط مستوطنة معالي أدوميم مع منطقة البحر الميت، فالمحمية قريبة من الشارع الالتفافي رقم 90 الذي يمتد على طول الأغوار".

وينوه إلى أن شح الإمكانيات الفلسطينية، ووقوع تلك المحميات في المناطق المصنفة "ج" يحول دون الوصول إليها  وحمايتها بشكل جيد.

معاير دولية..

ووفقاً للمخطط الوطني المكاني الخاص بالسلطة الفلسطينية، فإنه يوجد بعض المناطق يصنفها الاحتلال على أنها محميات طبيعية وهي ليست كذلك، وفق ما يورده مدير عام المصادر البيئية في "جودة البيئة" عيسى موسى.

وفي حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" يُعلل "موسى" ذلك "إن الهدف سلطات الاحتلال الإسرائيلي من هذه الخطوة، هو منع الفلسطينيين من استغلال هذه الفراغات والتمدد العمراني فيها"، لافتًا إلى أن "جودة البيئة" الفلسطينية تلتزم بالمعايير التي يضعها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ولا تخضع للتصنيفات الإسرائيلية.

محمية طبيعية 2.jpg
 

ويُكمل: "في أعقاب انضمام فلسطين للاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي والحيوي عام 2015، أجرينا دراسة شاملة لجميع المحميات الموجودة في الضفة وغزة، من ضمنها الـ50 محمية التي سلّمها الاحتلال للسلطة من أجل إخضاعها للمعايير الدولية".

ويؤكد ضيفنا أن تصنيفات الاحتلال غير دقيقة وتخضع لحسابات استيطانية وأمنية، مستشهدًا بمحمية وادي قانا قرب قلقيلية، التي صنفها الاحتلال على أنها محمية، حيث سيطر على غالبية المنطقة وأقام فوقها بؤرة استيطانية، وهو ما يدلل على أنه لا يهدف لحماية البيئة بل تدميرها بالمستوطنات والمياه العادمة التي تخرج منها.

ويرى "موسى" في ختام حديثه، أن حماية المحميات الطبيعية الفلسطينية من الأطماع الإسرائيلية مهمة ليست بالسهلة، بسبب وقوع غالبيتها في المناطق المصنفة "ج".