الساعة 00:00 م
الأربعاء 17 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"مدينتنا".. مسلسل يُسلط الضوء على فساد الشرطة

حجم الخط
بوستر مسلسل في مدينتنا.webp
رام الله - وكالة سند للأنباء

جذب مسلسل "مدينتنا" We own this city؛ من إصدار شبكة HBO، مشاهدات كبيرة من مختلف العالم. وتُلخص أحداثه في مقولة يرويها قائد الشرطة على ضابط جديد حول كيفية إدارة عمله كضابط يحكم الشوارع؛ "ليس أكثر خطورة أو دكتاتورية على العالم من ضابط شرطة فاسد لا يزال في منصبه".

يبني المسلسل القصير قصته على وقائع حقيقية حدثت في مدينة بالتيمور الأميركية عام 2015، وانتهت بطرد عدد من رجال الشرطة والحكم عليهم بالسجن نتيجة إثبات انتهاكات حقوقية بحق عدد من أبناء البلدة من ذوي البشرة السمراء.

في المسلسل، نشاهد خطابًا تلفزيونيًا يجسد وقائع فساد الشرطة بعد قضية اندلاع أحداث شغب على خلفية مقتل شاب أسود في الـ 25 من عمره، وأدت إلى غضب عارم ومظاهرات.

بينما تصادر الشرطة الأسلحة من بعض الأفراد. ويقدم العمل نظرة إلى المشهد السياسي الأميركي الذي تنسحب رمزيته للعالمية.

والأسئلة التي تنطلق منها الأحداث إجمالًا هي؛ من يملك المدينة؟ وهل توجد الشرطة في الشوارع لحماية المدينة والناس من الخارجين عن القانون أم تتخذهم ذريعة للانطلاق والجموح غير المسؤول؟.

وهل تصبح وسائل الترهيب، حتى للخارجين عن القانون، هي الحل لإعادة تأهيلهم اجتماعيا مرة أخرى؟ وما الذي يجب على الشرطي عمله في مدينة فاسدة؟.

وهل ينبغي عليه إسكات الفوضى مهما كلفه الأمر، كحل أسرع وأكثر سهولة، أم التريث والعمل البطيء على وقف الشغب والتجارة غير المشروعة، وذلك بالتخطيط والتصيد البطيء غير المؤذي؟.

كل تلك الأسئلة تتحرك من خلالها الأحداث بشكل غير مباشر، ويحاول بعض الخارجين عن القانون الإفلات من الرقابة الشرطية في الظلام لبيع السلاح والمخدرات.

ويرى بعض الضباط في المدينة أن وسيلتهم في إيقاف ذلك هي الترهيب والتضييق على تلك التجارة والاستيلاء عليها باعتبارهم وحدهم "من يملكون المدينة". ويصبح امتلاك المدينة والسيطرة على كل ما فيها هو موضوع الصراع.

وفي المشهد الأخير الذي يتوّج الحلقات الست، نشاهد "واين جينكينز"، بعد أن رُقي بسبب أنه يحمي رؤساءه من الشكاوى بالتهم العشوائية لكل من يجده في الشارع.

ويلقي جينكينز؛ وهو الشرطي الأكثر فسادًا بين الجميع، ويلعب من خلاله الممثل "جون بيرنثال" واحدًا من أفضل أدواره، خطابا طويلا فخورا يحكي خلاله عن دور الشرطي في المدينة.

ويقول إنه ينبغي على الجميع استيعاب درجات الشغب الذي يحدث من الجمهور، وإنه لا يمكن للأمان أن يحدث عن طريق التعنيف، وعلى الشرطي أن يتعامل مع الشارع على أنه يملكه.

ويضيف: "كل شيء في المدينة ملك لنا (للضباط)، عن طريق السيطرة غير العنيفة".

وفي المشهد ذاته يجتمع أغلب مساعديه، وتنتقل الكاميرا بين الجميع في الغرفة المغلقة بقطعات حادة قريبة من الأوجه، والجميع ينظر إلى الضابط المسؤول وهو يعرف جيدا كيف يكذب في كل كلمة يقولها.

الجميع يفهم قصده بأنه على الضابط أن يصبح هو المستفيد من بيع السلاح والمخدرات بدلا من الخارجين عن القانون. والجميع يستمد قانونية هذا التصرف غير الأخلاقي من كونهم هم فقط "من يملكون المدينة".

وتقابل خطبته الغريبة بتصفيق حار من الجميع وصراخ ربما يغطي على وطأة الصمت في حضرة هذا الكذب الكبير.

ولا يبدو أنه من الصدفة تأجيل المخرج تلك الخطبة بعد أن يشاهد الجميع كل الانتهاكات التي صدرت من رجال الشرطة، وربما يبدو الحل الذي اتبعه المخرج حلا وجيها؛ وهو مواجهة الكاميرا للأبطال (الضباط) وهم يحاولون تصديق كذبة يعلم المشاهد جيدًا أنها كذبة.

وكل حركة يخطوها الضابط "جينكينز" تزداد ثقته في فساده للدرجة التي تجعله غير متفهم لوصفه فاسدا أساسا، كالسير الواثق وقضم العلكة المستفز للجميع واستباحة كل شيء لصالحه على اعتباره بالفعل يخلّص المدينة من الأشرار.

حتى إنه في إحدى المرات يسرق فتاة الليل التي يقضي سهرته معها على اعتبار ذلك انتقاما ممن يعيشون بقوانين "غير أخلاقية" مثلها.

ولا تبدو أميركا بعيدة عن غيرها في مساحات الفساد الواسعة؛ خصوصا تلك التي تظهر ضد اللاجئين وذوي البشرة السمراء دون غيرهم.

وبعد أن بات الأمر مكررا يوما بعد الآخر أمام الأعين، ينفجر الجمهور ويخرج في الشوارع، ويعاقَب قليلون ممن أثبتت الكاميرات تورطهم، وتعود الحياة إلى فسادها بالشكل البطيء التدريجي.

ولا يبدو التدخل الفدرالي الذي حدث بعيدا عن المشاهد العربي، حيث أثبت انتهاكات الشرطة في تحقيق استمر عدة أشهر.

وأدانت الجهاتُ القضائية رجالَ الشرطة المتورطين بعد معارضات كثيرة، لكن تلك الإدانات ظهرت نتيجة غضب عارم اجتاح الشوارع بعد موت شاب في الـ 25 من عمره.

والنقطة الأكثر قوة في المسلسل هي تعمده تجاهل تلك النقاط البراقة القوية التي تصلح أن تقتطع كحكم فلسفية عميقة، بينما ذهب بقصته إلى أبعد حد من الجمود تجاه شخصياته.

والمسلسل يعد عملا يعبر عن الغضب، ويأخذ صنّاعه مسافة من كل شخصياته، تاركين للحقيقة أن تدين احتقار الشرطة للناس والشوارع.

لكن ثمة نتيجة ربما تقول كل شيء، وتتمثل في قول أحد رجال المحكمة لصديقه في أثناء السعي لمحاكمة فساد بعض الشرطة إنه "لا يحتاج إلى تقارير رسمية ليفهم كيف يفكر الناس في رجال الشرطة لأن الشوارع هي الحكم الأكثر مثالية، ولأنها تصرخ بخوف الناس العاديين من رجال الشرطة".

ويخبرنا هذا الرجل أن "الخطأ سيستمر وأن الانتهاكات ستزيد. في حين تستغل الشرطة وجود خارجين عن القانون لاستباحة الشارع، وهي نفسها طريقة تفكير تجار المخدرات والسلاح".

ويؤكد: "وسوف يبقى الشارع في حالة صراع حول "لمن تكون المدينة؟"، فهي حرب لن يحسمها شرطي فاسد يمنطق الأمور نتيجة امتلاكه السلطة".