الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالصور مدرسة "رأس التين" قرب رام الله.. صمودٌ في مواجهة خطر التهجير

حجم الخط
مدرسة رأس التين - رئيسية
رام الله - فرح البرغوثي – وكالة سند للأنباء

بَينَ السُفوح الشرقية لجبال رام الله المُطلةِ على غور الأردن، يعيشُ طلبة مدرسة "رأس التين" تحدياً وصموداً في إصرارٍ للحفاظ على مدرستهم المُهدّدة تارةً بخطر الهدم والإزالة من قِبل الاحتلال الإسرائيلي، وتارةً أخرى من مضايقات واستفزازات المستوطنين.

وتضم المدرسة التابعة لمديرية التربية والتعليم في بيرزيت، خمس غرفٍ دراسية، يدرسُ فيها نحو 50 طالباً وطالبةً، من الصف الأول الابتدائي حتى العاشر الأساسي، وهيئة إدارية وتدريسية مكونة من 11 شخصاً، يُصرون على استكمال مسيرتهم التعليمية رغم افتقار مدرستهم لمقومات بقائها.

مديرة المدرسة نورا الأزهري، تقول إنها أُنشئت عام 2019؛ في محاولة للتخفيف عن أبناء التجمّع البدوي المحيط لـ "عرب الكعابنة وأبو رشيد"، معاناة ذهابهم وإيابهم لمدارس القرى المجاورة وقطع مسافاتٍ طويلة، وفي ظروفٍ جويةٍ قاسية، يتعرّضون خلالها لمضايقات جنود الاحتلال والمستوطنين.

مدرسة رأس التين 2.jpg
 

وتضيفُ "الأزهري" لـ "وكالة سند للأنباء": "هذا العام الثالث لوجود المدرسة، ومنذ لحظة افتتاحها نعاني من عدة تحديات، أولها وجودها في مناطق مُصنفة "ج"، عدا عن أنها نائية وبعيدة، وتفتقر للخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والصرف الصحي".

وتصف البداية بأنها "صعبةً جداً" مردفة: "عند افتتاح المدرسة، كانت عبارة عن جدران دون سقف، لا يوجد حولها سياج ولا حتى حماية لنوافذها".

وتُشير "الأزهري" إلى أن جنود الاحتلال يقتحمون المدرسة بشكلٍ مستمر ويُصادرون معداتها، وسط ترهيب متعمد للطلاب، وتكرار قولهم إن "هذه المناطق ممنوعٌ البناء أو التواجد فيها.

مدرسة رأس التين - 3.jpg
 

وفي تشرين الأول/أكتوبر من عام 2020، أصدرت سلطات الاحتلال قرارًا يقضي بوقف البناء وهدم المدرسة؛ بحجة "عدم الترخيص"، وتم الاستئناف عليه في محكمة الاحتلال العليا.

ثم أصدرت قرارًا ثانيًا في شباط/ فبراير من العام الجاري، ومنذ تلك اللحظة تُعقد جلسات في محكمة الاحتلال.

ويترقّب المعلمون والطلبة بقلقٍ وتوترٍ مصير مدرستهم، حيث ستعقد جلسة في الـ17 من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري للبتّ في القضية.

وعن اعتداءات المستوطنين، فمنذ بناء المدرسة لم تتوقف مضايقاتهم في محاولةٍ لعرقلة البناء ومنعه، وعندما أَبصَرت المدرسة النُور، واصلوا تخريبهم وغطرستهم وتعرّضهم للطلبة والهيئة التدريسية في ذهابهم وإيابهم.

ويتواجد المستوطنون بشكلٍ دائمٍ في محيط المدرسة، ويقفون بجانب النوافذ أثناء الحصص، ويلتقطون الصور، فالكثير من المواقف تحتفظ فيها "الأزهري" بين طيّات ذاكرتها، تكرّرت كثيراً على مدار الأعوام الثلاثة، فلم يكن البقاء والصمود خياراً سهلاً، كما تقول.

وتسرد ضيفتنا: "العام الماضي، أحضرت حركة يمينية متطرفة أعضاء من الكنيست إلى محيط المدرسة، ووقفوا بالقرب منّا، وبدؤوا يشرحون لهم أن هؤلاء يأخذون أراضينا، ثمّ يبنون المدارس لتعليم أطفالهم الإرهاب كما يدّعون".

وتؤكّد أن المضايقات المستمرة تؤثّر سلباً على نفسية الطلبة، مضيفة: "لا بُدّ من أن يشعر الطلبة بالضيق خاصةً الأطفال منهم، وأن تتشكّل لديهم ردات فعل تتمثل في بأن هذه صعوبات كثيرة ولا يُمكن تحمّلها"، لكنّها في ذات الوقت تُشيرُ إلى قوّتهم وإصرارهم على التحدي والاستمرار.

"كتابٌ وخيمة"..

في مدرسة "رأس التين"، لا يعرف الطلبةُ سوى الثبات وحبّ وطنهم وأرضهم، ولسان حالهم يُردد أنهم "صامدون"، وفي حال هُدمت المدرسة سيبنون مكانها خيمةً، ويواصلون مسيرتهم التعليمية مهما كانت الظروف.

بكلمات واثقة تقول "الأزهري": "طلابنا معنوياتهم عالية جدا الحمدلله"، مستذكرة موقفاً لا تنساه: "في شباط الماضي عندما علّقت لنا سلطات الاحتلال إخطاراً بالهدم، على باب غرفة الإدارة، أبقيناه مكانه، وبعد عدّة أيام، جَمَعَ الطلبة الورد الأحمر، وقاموا بلَصقِه مكان الإخطار".

ومن بين هؤلاء الطلبة الذين يعشقون مدرستهم، ولا يتخيّلون حياتهم يوماً واحداً دونها، التقت مراسلتنا الطالبة ملاك عُمر، في الصف الثامن الأساسي.

وعن تجربتها تحكي لنا: "نحن نتعلم هنا منذ 3 سنوات، تحمّلنا كثيراً من مضايقات المستوطنين واستفزازهم، لكنّا نرد عليهم بالحضور يومياً إلى المدرسة، وعدم الغياب عنها".

وبنبرةٍ حزينة، تُشير "ملاك" إلى أنه في حال هُدمت المدرسة، سوف تُحرم هي وكافة الطلبة من مواصلة تعليمهم".

وتُكمل: "نُريد من كل من يسمعنا أن يدعمنا ويساعدنا حتى لا تُهدم مدرستنا (..) نُريد أيضاً أن نطور من إمكانياتها، ومن المرافق الصحية والساحة التابعة لها".

تمسّك بالمدرسة..

ويعيشُ في تجمّع "رأس التين" البدوي المحيط بالمدرسة، نحو 10 عائلاتٍ حيثُ لا أمن ولا أمان مع اعتداءات المستوطنين المتكرّرة بحمايةٍ من جنود الاحتلال، والتي هُجّر بسببها نحو 20 عائلة فلسطينية، على مدار الأشهر الأخيرة.

لكنّهم حتى بعد أن هُجّروا قسراً، استمروا في مواصلة مسيرتهم التعليمية، والقدوم إلى مدرستهم من أجل حمايتها من خطر الهدم والإزالة، وأصبحوا يأتون إليها عبر حافلة تنقلهم بالذهاب والإياب، وفقاً لسلامة كعابنة، أحد أهالي التجمّع.

"كعابنة" الذي يعمل معلمّا بالمدرسة، يقول لـ "وكالة سند للأنباء": "هذه هي المدرسة الوحيدة القريبة من التجمّع البدوي، وهي من أنقذت حياة أبنائنا وبناتنا، فيها يتعلمون ويتنفسون ويلعبون".

ويُبيّن أنه "قبل بناء المدرسة، كان التعليم في مدارس القرى المجاورة مُتعباً لأبنائنا، يقطعون مسافاتٍ طويلةٍ في ظروفٍ صعبة، ويتعلمون مع أعدادٍ كبيرة من الطلبة، أما اليوم، أصبح تحصيلهم الأكاديمي أفضل، يتنافسون بين بعضهم البعض، وازداد اهتمامهم وذويهم في العلم والتعليم، كما أصبحوا يرفضون الغياب مهما كانت الظروف".

مدرسة رأس التين 4.jpg
 

وعند سؤاله عن خطورة هدمها، يُجيب: "في حال هُدمت المدرسة ستتدمر نفسية أبنائنا، ومستقبلهم، ولن يكون الأمر سهلاً بتاتاً؛ قسماً كبيراً منهم سوف يتسرب ويترك التعليم، أو سيضطر الأهالي إلى الرحيل وإخلاء مناطق "ج" للمستوطنين، حتى يُكمل أبنائهم تعليمهم في مدارس القرى المجاورة التي يفصل بينهم وبينها عشرات الكيلومترات".

ويُطالب، المؤسسات الرسمية والشعبية بالوقوف إلى جانب هذه العائلات حتى تصمد في أرضها، مؤكّداً أن "وجودهم وثباتهم عاملاً أساس في بقاء المدرسة، ففي حال نجح الاحتلال في إزالة التجمّع وتهجير العائلات، سوف تُصبح المدرسة عبارة عن جدران في البرية".

وتنظم مديرية تربية وتعليم بيرزيت الأنشطة والفعاليات في مدرسة "رأس التين"؛ في محاولةٍ لتثبيت وتعزيز صمود الطلبة والمواطنين في أراضيهم، ضد سياسات الاحتلال ومستوطنيه.

مدرسة رأس التين.jpg
 

يقول رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام في مديرية بيرزيت أنور عقل، إنهم يسعون جاهدين لتثبيت الطلبة في مدرستهم من خلال تجهيز الغرف الصفية بما يلزمها من أثاث، إضافةً لفتح شعبة صفية مطلع العام الدراسي الجاري للصف العاشر؛ بهدف فتح المجال للطالبات الإناث لإكمال تعليمهنّ الثانوي.

ويزيد: "نسقنا مع الاتحاد الأوروبي الذي بنى المدرسة، لتنظيم فعاليات ترفيهية للطلبة تخلّلها زراعة أشجار في محيط المدرسة، كما تم عقد توأمة مع مدرسة بنات ترمسعيا الثانوية؛ لدعم ومساندة المدرسة، إضافة لتقديم جهاز عرض وأدوات مخبرية وقرطاسية للمدرسة".

ويشير لـ "وكالة سند للأنباء" إلى أن مديرية التربية تحشد الطاقات كافة لمتابعة الأمور القانونية لقضية هدم المدرسة، وتعمل على تكثيف الزيارات إليها وتسليط الضوء على معاناتهم.

ويطالب "عقل" المؤسسات الحكومية والأهلية كافة بالتوجه إلى المدرسة، ومساندتها، وحمايتها من خطر التهجير.

مدرسة رأس التين 1.jpg


مدرسة رأس التين - رام الله.jpg