الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

استشهد برصاص مستوطن في سلفيت..

دماء الشهيد "مثقال ريان" شاهدة على نكبة جديدة يخطّها المستوطنون بالضفة

حجم الخط
الشهيد مثقال ريان
سلفيت - وكالة سند للأنباء

ملبيًّا نداء أهل قريته، مهرولًا وواثق الخطى، سارع الشاب مثقال سليمان ريّان (27 عامًا) من بلدة قراوة بني حسّان غرب سلفيت، للتصدي لقطعان المستوطنين الذين هاجموا عدة منازل في بلدته، برفقة عدد من الشبان وأهالي البلدة، لكنه لم يكن يعلم أن خطواته تلك ستكون آخر عهده بالدنيا.

فما أن وصل "سليمان" ومن معه لمكان تواجد المستوطنين في "منطقة الراس" شمالي البلدة، حتى بدأ إطلاق النار صوبهم بشكل مباشر، فتفرّق الجمع، وحاول كل واحد منهم أن يتخذ ساترًا من الرصاص المتطاير حولهم، لكن إحدى الرصاصات اخترقت رأس سليمان وأردته شهيدًا على الفور.

الشاب فهد ريّان؛ ابن عمّ الشهيد "مثقال"، والذي تواجد معه عند وقوع الحادثة يوم 11 شباط/ فبراير الجاري، يروي لنا تفاصيل المشهد: "وصلتنا نداءات عبر مجموعات التواصل الاجتماعي تدعو للتوجه لمنطقة الراس، للتصدي للمستوطنين الذين يتواجدون بأعداد كبيرة ويهاجمون البيوت والأهالي".

ويضيف لـ "وكالة سند للأنباء": "عندما وصلنا شاهدنا مجموعة من المستوطنين بينهم 6 مسلحين على الأقل، وشرعوا بإطلاق النار علينا بشكل مباشر وبنية القتل، ولولا فضل الله لوقعت مجزرة".

وبينما كان الأهالي يحاولون الاحتماء من رصاص المستوطنين، وجدوا "مثقال" ملقى على الأرض، فحاولوا رفعه ليجدوا أنه أصيب برصاصة اخترقت وجهه وخرجت من خلف عنقه.

يكمل "فهد" بعد تنهيدة بثّ فيها شيئًا من ألمه: "بسبب وعورة المنطقة وبعدها عن الشارع، حملنا مثقال ومشينا به لمدة 10 دقائق حتى وصلنا للشارع، وعندما وصل المركز الطبي كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة شهيدا".

ويرفض الشاهد "ريان" مزاعم الاحتلال بأن ابن عمه استشهد برصاص الجيش، وقال: "لم نشاهد الجيش إلا ونحن نغادر المنطقة"، معتبرًا تلك المزاعم محاولة للتغطية على إجرام المستوطنين.

والشهيد "مثقال" أب لـ 3 أطفال، أصغرهم أبصر النور قبل أقل من شهر، وكان يعمل في مصنع للشايش، وكان واحدًا ممن هبّوا لصد واحدة من أعنف هجمات المستوطنين المتكررة على قراوة بني حسان.

ومثّلت حادثة استشهاد "مثقال" برصاص المستوطنين، حالة صارخة لتغولهم وإجرامهم الذي تحميه قوات الاحتلال.

ويزداد إجرام المستوطنين شراسة في الضفة الغربية، مستفيدين من ضوء أخضر وحصانة غير مسبوقة توفرها لهم حكومة يمينية هي الأشد تطرفا في تاريخ دولة الاحتلال.

وتكشف تفاصيل تلك الحادثة انفلات المستوطنين من عقالهم، والخطورة التي باتوا يشكلونها على الفلسطينيين وبيوتهم ومنشآتهم وممتلكاتهم.

نكبة جديدة

من جانبه، يشبّه رئيس بلدية قراوة بني حسان إبراهيم عاصي، ما تتعرض له البلدة والبلدات الفلسطينية بأحداث النكبة قبل 75 عاما.

ويقول "عاصي" لـ "وكالة سند للأنباء: "ما نشاهده من أفعال المستوطنين في هذه الأيام هو تكرار لمأساة عام 1948 بالاعتداء على القرى والبلدات بحماية الجيش".

ويسرد صورًا من معاناتهم جراء اعتداءات المستوطنين، حيث أقام أحد المستوطنين غرفة زراعية على أراضي المواطنين بمحاذاة مستوطنتي "ياكير" و"حفات يائير" ويتواجد فيها بشكل يومي، ويتخذ منها بؤرة لشن اعتداءات شبه يومية، فيكسر ويقتلع الأشجار ويعتدي على رعاة الأغنام والمزارعين.

ويلفت ضيفنا إلى أن هذا المستوطن يحاول السيطرة على أكبر مساحة من أراضي قراوة بني حسان، بما فيها نبع "الماجور" ونبع "نويطف".

ويردف: "المستوطن لا يعمل لوحده، بل هو جزء من منظومة، نحن نقف أمام عصابة منظمة وممنهجة، وتجمع أنفسها للهجوم على القرى، وهذه الجريمة هي جزء من مسلسل تعاني منه قراوة وقرى سلفيت بشكل يومي".

ويسهب: "عندما يريد هذا المستوطن شن هجوم كبير، فإنه يستقدم مجموعة من المستوطنين بينهم عدد من المسلحين الذين يعملون بتوجيهاته".

وفي حديثه عن الجريمة التي نفذها المستوطنون بحق الشاب "مثقال"، يقول رئيس المجلس: "حاول الاحتلال في البداية التغطية على المستوطنين، بالادعاء أن الشهيد ريان أصيب برصاص الجنود، لكن بعد ظهور الحقائق برر ارتكاب هذه الجريمة بأنها دفاع عن النفس".

ويتساءل: "كيف يكون دفاعًا عن النفس وهم الذين نزلوا عن التلة التي عليها البؤرة، وصعدوا إلى التلة المقابلة لمهاجمة بيوت المواطنين قاطعين مسافة تزيد عن الكيلومتر؟".

ويؤكد عاصي على أهمية "العمل المنظم" لمواجهة اعتداءات المستوطنين المتكررة والمتصاعدة، مبينًا أن التصدي لها يتم حتى الآن بشكل عفوي وعلى شكل "فزعات" بمشاركة واسعة من الأهالي لكن هذا لا يكفي لمواجهة العدوان.

ويسعى أهالي بلدة قراوة بني حسّان لإيجاد آلية ناجعة من خلال مشاورات بين الأهالي والمسؤولين المحليين بالبلدة، لمواجهة الاعتداءات بشكل منظم، وفق "عاصي".

ويوضح: "نحن على تواصل مع كل الجهات ذات العلاقة للوقوف على كل الأحداث ومتابعتها لتكوين رؤية شاملة، ونعوّل دائمًا على التعاون الكبير بين أهالي البلدة لصد المستوطنين".

وتحيط ببلدة قراوة بني حسّان 7 مستوطنات وبؤر استيطانية، وتتعرض لهجمات المستوطنين من الجهات الأربع، وهذا ما يزيد من تعقيد الأمور، بسبب انتشار المستوطنين وإحاطتهم بالبلدة من كل الجهات، حيث يتوجب حراسة البلدة من الجهات الأربع، وفق ضيفنا.

ولا تقتصر الاعتداءات على ساعات الليل، حيث يشن المستوطنون اعتداءات في وضح النهار، لتطال المزروعات ورعاة الأغنام وحجز المعدات وقطع الأشجار، مما يزيد من معاناة أهالي البلدة الذين لا يتمكنون من البقاء والتواجد في أراضيهم على مدار الساعة.