الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

معاناة الفلسطينيين تتفاقم في ظل غياب نظام وطني لإدارة الكوارث

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

"تسهيلات الاحتلال" بالوصول للمسجد الأقصى.. ذرّ للرماد في العيون

حجم الخط
تسهيلات الوصول للمسجد الأقصى.
القدس – وكالة سند للأنباء

يُعد شهر رمضان المبارك، فرصةً ذهبيةً بالنسبة للفلسطينيين المحرومين من الوصول إلى القدس والمسجد الأقصى للصلاة والاعتكاف فيه، فيجتهدون بكل الوسائل سعيًا في الوصول إلى المدينة المقدسة.

وخشية التصعيد، يزعم الاحتلال تقديم حزمة "تسهيلات" للفلسطينيين للصلاة في الأقصى خلال شهر رمضان الفضيل، تسمح لفئات معينة من فلسطينيي الضفة الغربية، ولعدد أقل من قطاع غزة الوصول إلى القدس والصلاة في المسجد المبارك، ضمن شروط وقيود، وأوقاتٍ محددة، إلا أن الإجراءات والمضايقات التي يتعرض لها زوّار "الأقصى"، تدحض ادعاءات الاحتلال.

السيدة آيات جميل من مدينة نابلس، انطلقت فجر الجمعة الثانية من رمضان باتجاه المسجد الأقصى، حالها كحال مئات الآلاف من أهالي الضفة الغربية، لتتمكن من وصوله بعد ساعات من المشقة والإذلال على معبر قلنديا جنوب رام الله.

"قطعة من العذاب والإذلال"، بتلك الكلمات تصف "آيات" المعاناة التي عاشتها في سبيل الوصول للمسجد الأقصى، مضيفة: "تأخرنا بالخروج من مدينة نابلس لأن المستوطنين كانوا قد انتشروا على الحواجز المحيطة بها، في حين أغلق جيش الاحتلال الحواجز، ما اضطر الحافلات لسلوك طرق التفافية".

وعند وصولها لحاجز قلنديا، وهو المعبر المخصص لعبور أهالي الضفة باتجاه القدس، كان الآلاف من النسوة يحتشدن على المدخل المخصص لهن، في حين يتحكم الجنود بفتح البوابات، والتدقيق بالبطاقات الشخصية.

وتتابع: "منعت قوات الاحتلال الكثير من الفتيات والنسوة من العبور وأجبرتهن على العودة، بحجة أنهن أقرباء أسرى أو شهداء، وحتى دون وجود مبررات".

وتسرد صورًا للمعاناة على حاجز قلنديا: "تعرض العديد من الأطفال للاختناق والخوف وسط الازدحام الكبير، عدا عن العجائز وكبار السن الذين يشتاقون للصلاة بالمسجد الأقصى ولا يسمح لهم سوى يوم الجمعة في رمضان، في حين كانت الدموع سيدة الموقف لمن حرمن من المرور وأجبرن على العودة بحجة المنع الأمني".

ويضطر المواطنون للسير لمسافات طويلة جدًا للوصول لمعبر قلنديا في ظل ازدحام المركبات والحافلات منذ ساعات الفجر الأولى، لكن ذلك لا يثنيهم عن تكرار المحاولة في كل جمعة خلال شهر رمضان.

المسجد الأقصى.jpg
 

من يستطيع الوصول؟

وتضع سلطات الاحتلال شروطًا وقيودًا على كل من يسمح له بدخول القدس، في حين يضطر من منعوا من ذلك من عبور طرق التفافية والمخاطرة بأرواحهم بغية الوصول للأقصى.

وتسمح سلطات الاحتلال لفلسطينيي الداخل المحتل بالوصول للمسجد الأقصى كونهم يحملون الجنسية الإسرائيلية، فيما يحمل المقدسيون ما يعرف بالهوية الزرقاء، التي تسمح لهم بالدخول إلى المسجد، إلا أن الاحتلال يشدد إجراءاته عليهم.

في الوقت الذي يحمل الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة الهوية الخضراء، والتي يمنع على حاملها دخول المسجد الأقصى مطلقًا، ويستثنى من ذلك حملة التصاريح الإسرائيلية.

في هذا السياق، يقول الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، رأفت أبو خضر، إن ما يجري واقعًا ليست تسهيلات، بالعكس هي تعقيدات، فمن يستطيع الوصول إلى الأقصى -حسب ادعاء الاحتلال- هم من يبلغون أكثر من 55 عامًا، والنساء، والأطفال دون سن 12 عامًا.

وحتى هذه الفئات قد يحرمها الاحتلال من الدخول حسب مزاجية الضباط، على الحواجز العسكرية.

حواجز 2.jpeg
 

ويفصل الاحتلال مدينة القدس عن الضفة الغربية بجدار الفصل العنصري، الذي يصل طوله 200 كم، كما ويُحكم عزلها بنحو 14 حاجزًا عسكريًا، تكون محطات قهرٍ مضاعفة في رمضان مع عمليات التدقيق والتفتيش.

ويوضح "أبو خضر" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء" أن الحواجز العسكرية في القدس ليست المشكلة أمام وصول الفلسطينيين فقط، بل الحواجز داخل مدن الضفة الغربية، تعيق حركة وصول المواطنين إلى المسجد الأقصى.

فأهالي مدن شمالي الضفة الغربية يضطرون المرور عبر حواجز نابلس التي يغلقها الاحتلال بصفة مستمرة، وحتى في حال كانت تلك الحواجز مفتوحة، يستغرق عبروها ساعات طويلة.

ثم يصطدم الفلسطيني حال عبوره تلك الحواجز، بتعقيدات أخرى يفرضها الاحتلال، من تفتيش وتدقيق بالهويات، والانتظار على الحاجز قد يمتد من 2- 3 ساعات كي يدخل مدينة القدس، وبعدها أيضًا الحواجز على بوابات المسجد الأقصى، وفق "أبو خضر".

المنع الأمني

ويضيف الباحث الحقوقي أنّه "بعد معاناة تجاوز هذه العقبات، كثير من الفئات التي يشملها التسهيلات المزعومة يصطدمون بجدار المنع الأمني أحيانًا، وفي مرات كثيرة دون مبرر".

ويشير ضيفنا إلى أن حجة المنع الأمني "واهية"، حيث تتوجه الكثير من الحالات لمحاميين لإزالة هذا المنع، لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى الملف بدعوى أنه لدى "الشرطة والمخابرات الإسرائيلية"، معتقدًا بعدم وجود ملف أمني من الأساس.

ويرى أبو خضر، أن الاحتلال يريد من هذه الإجراءات إيصال رسالة للفلسطينيين، بأن القدس للإسرائيليين فقط، فهو يريد تهويدها والسيطرة عليها، وأن الفلسطيني يحتاج إذنًا لزيارتها.

حواجز.jpeg
 

المخاطرة بغية الوصول..

أما الفئات الذين لا تشملهم "التسهيلات"، يدفعهم شوقهم إلى الأقصى لاستخدام طرق مختلفة في سبيل الوصول إلى مسرى الرسول عليه السلام، إما قفزًا فوق الجدار الذي يصل ارتفاعه (6-8) أمتار، مستعينين بسلالم وحبال، أو بالعبور من خلال "العبّارات" أسفل الجدار، أو التسلل عبر "الفتحات" التي أحدثها الفلسطينيون على طول السياج الأمني وجدار الفصل.

وهذه الطرق لا تخلو من المخاطر، كحوادث السقوط والإصابة، أو الملاحقة والاعتقال، وبعض الأحيان ينتهي بهم المطاف بالإعدام المتعمد من قوات الاحتلال، وفقًا لما قاله المختص في شؤون القدس محمد الصادق.

ويوضح "الصادق" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "هذه الطرق معقدة، فقد تستغرق أيامًا من أجل الوصول إلى داخل المسجد، مشيرًا إلى أنه حال عدم وجود اعتكاف بالمسجد فيضطرون بعد هذه المعاناة، إلى مغادرة المسجد إلى البلدة القديمة أو خارج القدس وتكرار هذه العملية".

وينوّه إلى أن سماح الاحتلال للفئات التي تحدث عنها الباحث الحقوقي "أبو خضر" تكون لـ4 -5 أيام فقط خلال العام، وهي أيام الجمع في شهر رمضان، مؤكدًا أنها ضمن شروط تعجيزية.

ولا تقتصر تضييقات الاحتلال على أهالي الضفة المحتلة، حيث يفرض الاحتلال قيودًا ويؤخر وصول حافلات أهالي الداخل المحتل لما بعد الظهر أو العصر ما بين الأحد والخميس أسبوعيًا؛ نظرًا لوجود اقتحامات المستوطنين.

وعن المقدسيين، فبيّن "الصادق"، أن عددًا كبيرًا منهم معتقلون لدى الاحتلال بحجة دفاعهم عن القدس والمسجد الأقصى، إضافة لإبعاد الاحتلال أعدادًا قد تفوق أعداد المعتقلين عن الأقصى وعن البلدة القديمة وعن المدينة كاملة، لتكون بذلك القدس هي العاصمة الوحيدة التي يمنع أهلها من دخولها.