الساعة 00:00 م
الأربعاء 08 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.63 جنيه إسترليني
5.22 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.98 يورو
3.7 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

تحليل "إسرائيل" التي تدّعي الديمقراطية بلا دستور.. لماذا؟

حجم الخط
لماذا لا يوجد بإسرائيل دستور.
غزة/القدس – وكالة سند للأنباء

تقدّم "إسرائيل" نفسها للعالم أنها دولة يهودية ديمقراطية، إلا أن هذا التعريف يشوبه الكثير من التزييف وخلط الحقائق، فكيف لـ "دولة ديمقراطية" لم تستطع إنشاء دستور ينظم طبيعة العلاقة البرلمان ومؤسسات الدولة والمواطنين على مدار أكثر من سبعة عقود؟

منذ احتلال فلسطين وإعلان ما يُسمى قيام "إسرائيل" فوق أرضها عام 1948، ثمة جدل كبيرة حول فكرة كتابة دستور بين معارض ومؤيد، إلا أن المظاهرات الأخيرة ضد حكومة بنيامين نتنياهو أحيت هذا الخلاف، فلا تزال "إسرائيل" واحدة من الدول القليلة التي لا تمتلك دستورًا!.

في 14 مايو/ أيار 1948، شكلت المؤسسة الحاكمة في حينه "لجنة الدستور"، وأوكلت لها مهمة صياغة دستور "إسرائيل" وتقديمه بحلول الأول من أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.

أسباب عدم وجود دستور في "إسرائيل"..

يجيب المحامي والخبير القانوني من القدس محمد دحلة في حديثه لــ "وكالة سند للأنباء"، أن عدة أسباب منعت "إسرائيل" من وضع دستورها، أبرزها الخلافات بين الأحزاب الإسرائيلية على أساس التشريع، فقسمٌ يريد التوراة أساس الدستور، وآخر يريد أسسًا علمانية، والأخير انقسم أيضًا، فمنهم يريد النظام الرأسمالي الغربي، وآخر يريد النظام الاشتراكي.

ويوضح "دحلة" أن حزب "ماباي" أو العمل بقيادة ديفيد بن غوريون في حينه، كان يدرك أن الدستور ينظم علاقة مؤسسات الدولة فيما بينها من جهة، وعلاقتها مع المواطنين من جهة أخرى، وسيكفل حقوق الأقليات، الأمر الذي سيقيد سيطرتها على الحكم، وهي لا تريد ذلك.

ويضيف أن "إسرائيل في حينه كانت تضم عددًا قليلاً نسبيًا من اليهود، وأن غالبيتهم موزعين حول العالم، ولا يمكن لأقلية يهودية -رغم إقامتها دولة- صياغة وتبني دستور يلزم كل اليهود حول العالم".

إضافة إلى ذلك فإن الحزب الحاكم في حينه لم يكن يرغب في إغضاب الأحزاب الدينية بتبني دستور، كونه يريد ضمان بقائه في الحكم بالشراكة مع الأحزاب الدينية.

عقبة الحدود..

من جهته، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، أن أسباب عدم صياغة الدستور تكمن في الخلافات بين التيارات السياسية حول طبيعة وهوية إسرائيل "كدولة يهودية وديمقراطية" كما تسمي نفسها، وطبيعة العلاقة بين الدين والدولة.

ويقول النعامي لـ "وكالة سند للأنباء"، "إن ترسيم حدود الدولة تكون المادة الثانية في الدساتير، و"إسرائيل" ليس لها حدود معروفة حتى الآن، ولا تريد ترسيم حدودها لأن ذلك يهدد حلمها بحدود من النيل إلى الفرات".

كما أنّ هناك سببًا آخر يتمثل في الانقسام الاجتماعي والسياسي حول بنود ومحاور الدستور التي من المفترض أن تنظم الحقوق والواجبات والحريات والواقع القضائي والسياسي والاجتماعي والديني والاقتصادي، كما يبيّن النعامي.

حقوق الفلسطينيين..

من جهته يرى أستاذ القانون الدولي بهاء السيقلي، أن "إسرائيل" لا تريد وضع دستور؛ لأنه سيجعلها مجبرة على الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، والمساواة بينهم كما جاء في قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947.

ويوضح السيقلي في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، "أن الدستور سيلزم إسرائيل أيضًا بإلغاء كل القوانين غير الدستورية، التي وضعتها بشأن إقصاء الفلسطينيين من أراضيهم، وهذا لا تريده".

ويتابع: "للمؤسسة العسكرية دورٌ هام في الحياة السياسية في إسرائيل، ووضع دستور سيحدد تدخلها ونفوذها في سياسة الدولة، وهذا شيء ترفضه.

كيف تحكم "إسرائيل"؟

تحكم "إسرائيل" بما تسميه القوانين الأساسية (قانون الأساس)، مثل "قانون أساس الحكومة"، وهذه القوانين تعمل على نظم الأمور الأساسية في علاقات السلطات الثلاث بما فيها طريقة إدارة الحكم.

وجاءت فكرة قوانين الأساس وفقا لقرار لجنة برلمانية صادر عام 1950 وتبنته الجمعية التأسيسية الإسرائيلية للدستور، بحسب توجيهات رئيس الوزراء آنذاك دافيد بن غوريون.

ويُشير المحامي والخبير القانوني من القدس محمد دحلة إلى أنّ قوانين الأساس سهلة التعديل ويتم ذلك بين الفنية والأخرى، بخلاف الدستور الذي يتطلب تعديله استفتاء شعبي وأغلبية كبيرة.

وسنت الهيئة العامة لـ "الكنيست" الإسرائيلي 14 قانونا أساسيا، على أن يتم جمعها في مستند قانوني واحد يشكل دستورًا لـ "إسرائيل"، لكن لم يحدث ذلك.

ووجدت قوانين الأساس _بحسب مراقبين" للتغطية على الأزمات الداخلية الإسرائيلية، إلا أنها عمقت خلافات أخرى حول ما يسمى القومية اليهودية والديانة اليهودية، ومساحة الوطن القومي للشعب اليهودي، وحدود "إسرائيل" بعد احتلال الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والجولان السوري عام 1967.

خيارات الدستور..

وعن حال "إسرائيل" إذا وضعت الدستور، يقول "دحلة": "من الصعب التكهن بطبيعة الحال، لأن الأمر يتعلق بفحوى الدستور، أي الخلاف القائم منذ 1948، إذا ما كان مثل الدساتير الغربية تحترم استقلال القضاء ومبدأ فصل السلطات وحقوق الأقليات وحقوق الإنسان".

ويُردف: "إذا كان كذلك، فهذا من شأنه أن يكفل لفلسطيني الداخل المحتل حقوقهم بشكل أقوى، ويضمن استقلال القضاء المهدد حاليًا من حكومة نتنياهو، ويحد من قوة وجبرون الحكومة التي تتسلط على حياة المواطنين وتقرر في كل شيء دون ضوابط".

أما إذا كان الدستور على شاكلة ما يسمى وثيقة الاستقلال، فسيكون هناك تمييزًا عنصريًا على أساس العرق والدين، فهي تنادي بإقامة وطن قومي يهودي في أرض "إسرائيل"، وفي ذات الوقت تذكر أن الفلسطينيين أبناء الوطن الأصلي، وفق "دحلة".

والخيار الأخير، تبعًا لما أورده ضيفنا، هو اعتماد دستور يميل أكثر إلى الأحزاب الدينية التي تزداد قوتها ويزداد عدد ناخبيها يوماً بعد يوم في "إسرائيل"، فهذا يعني أن وضع حقوق الانسان والأقلية الفلسطينية ومبادئ مهمة في النظام الديمقراطي ستتزعزع.