الساعة 00:00 م
الثلاثاء 07 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.7 جنيه إسترليني
5.28 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.74 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

الأسلحة البلاستيكية.. لعبة الأطفال الفلسطينيين في العيد

حجم الخط
تقرير ألعاب الأطفال في العيد.
الخليل- يوسف فقيه - وكالة سند للأنباء

وكأنها ساحة حرب حقيقية، أصوات إطلاق النار، لكن دون رصاص، صيحات وتكبيرات وشعارات تنطلق من كل مكان، بينما تتطاير القذائف "البلاستيكية" فوق الرؤوس الصغيرة التي انتشرت في الميدان، فأبطال المعركة الدائرة أطفال مسلحون بأسلحة بلاستيكية، يحاكون واقعهم وينتصرون على عدوهم مهما كان قويًا. 

مشهد لا تَمل من رؤيته وأن تتجول في زقاق المخيمات والأحياء المختلفة خلال أيام العيد، فكل طفل وفتى منهم جهّز بندقيته وأحصى "رصاصاته"، وانطلق مع فريقه لبدء المعركة في لعبة "جيش وعرب"، التي ألفها الأطفال الفلسطينيون منذ الانتفاضة الأولى. 

ويعد شراء السلاح البلاستيكي أحد طقوس العيد لدى الأطفال الفلسطينيين، للعب دور المقاومة أو الجندي في جيش الاحتلال.

ويرى مختصون أن الطفل الفلسطيني يعبّر من خلال اختيار نمط الألعاب عما يجول في نفسه من واقع يلمسه ويشاهده، وتعبير عن حالة النقمة من الاحتلال والرغبة في التصدي له بحلم يبدأ ببندقية بلاستيكية.

البنادق البلاستيكية بأنواعها المختلفة وأسعارها المتفاوتة بحسب الحجم وطريقة الاستخدام، والتي تتراوح من بين 25-100 شيقل، تعد الأكثر مبيعاً خلال فترة العيد والأيام التي تسبقه في محال بيع الألعاب والبسطات.

التاجر أحمد النتشة، صاحب محل للألعاب في الخليل، يشير إلى الإقبال المتزايد على شراء الأسلحة البلاستيكية للأطفال خلال فترة العيد كل عام، ويقول: "يحضر الطفل مع والده ويعلم مسبقاً نوع السلاح الذي يريده للعب مع أصدقائه". 

ويضيف "النتشة" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "حجم المبيعات من ألعاب الأسلحة خلال العيد يتجاوز ما نسبته 70% من مشتريات الأطفال الذكور، فأغلب الأطفال من عمر ثلاثة سنوات وأكثر، لا بد أن يطلب المسدس أو البارودة مع مشترياته من الألعاب خلال فترة العيد، عكس أغلب الفتيات ممن يحرصن على اقتناء الدمى وألعاب أخرى".

ويلفت الى أن أصحاب محال بيع الألعاب لا يمكنهم إلا أن يلبوا احتياجات الأطفال وأهاليهم من هذه المشتريات، رغم الحديث عن التحذيرات من اقتنائها، ويقول: "أغلب التجار يبيعون جميع ألعاب الأسلحة، وخاصة التي يحذَّر منها دوماً التي تطلق الخرز، والتي قد تلحق أضراراً بالأطفال". 

محاكاة للواقع..

المختص بالشأن التربوي ومدرب التنمية بشرية مخلص سمارة، يعتبر أن اختيار الأطفال لألعابهم يعود إلى طبيعة التنشئة والبيئة التي يعيشونها، ويعتمد على عمر وجنس الطفل وطريقة تفكيره.

ويردف "سمارة" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن اختيار أغلب الأطفال الألعاب التي تحاكي المقاومة، وحرصهم على اقتناء الأسلحة البلاستيكية في العيد، هو تعبير عن الأفكار التي يحملونها، ونتيجة لسماع الطفل كلمات إطراء ومدح وتمجيد من العائلة أمام الطفل للعمل الوطني ورفض الاحتلال". 

ولا يجد "سمارة" إمكانية للفصل بين الأطفال والواقع، فهم جزء من حالة الصراع مع الاحتلال، والتي تنعكس بكل تفاصيلها على حياتهم، وفق قوله. 

ويكمل: "ظاهرة محاكاة الأطفال للعمل المقاوم تبرز عبر اختيار نمط اللعب وطبيعة تفكيرهم، ومحاولة إبراز حبهم للوطن وكرههم للاحتلال من خلال اقتناء الأسلحة البلاستيكية، وتمثيل الأدوار التي تحاكي الحرب مع الاحتلال ومقاومته".

ويعلّق: "هذا يعبر عن عمق الانتماء لدى هؤلاء الأطفال، وهو ما يجب البناء عليه لخلق جيل مدرك لحجم الاستهداف".

 ورغم ما يجده "سمارة" من الحاجة لغرس الفكر الثوري والوطني لدى الأطفال، لكنه يشدد على ضرورة مراعاة أن يعيش الطفل طفولته كما ينبغي أن يعيشها، وبالتالي يتطلب من أولياء الامور أن يوضحوا طبيعة الصراع، وفي حال أراد الطفل اقتناء السلاح البلاستيكي فيجب خلق حالة نقاش مستمرة معه، وفقًا لقوله. 

تقليد وتعويض..

من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت بدر الأعرج، أن الطفل يتعلم من بيئته، ويحاول تقليد ما يراه، وينعكس ذلك من خلال ألعابه، فعندما يرى الأسلحة والعسكرة في حياته فإن ذلك يؤثر في خياله.

 ويقول "الأعرج" لـ "وكالة سند للأنباء"، إن استخدام الأطفال لعبة الفدائية والاحتلال تعبير عن أمر ملموس وموجود في واقعهم، وإن وهؤلاء الأطفال يتأثرون بالصراع والمعاناة في المجتمع ويصبح السلاح والمواجهة حلماً يكبر معه ويستعيض عن ذلك باللعبة التي يختارها.

وتظهر هذه الألعاب بشكل أوسع في المناطق القريبة من الحواجز والتي تشهد احتكاكاً أكثر مع الاحتلال كالمخيمات، خاصة في الفترات التي تزيد فيها المواجهات، تبعًا لـ "الأعرج". 

ويكمل: "يهدف الطفل من خلال هذا النمط من الألعاب التعبير عن الغضب، وتعويض لحالة الإحباط، فعندما يرى الاحتلال أقوى وأكبر منه، ويمارس جرائمه، يفكر باقتناء السلاح ليعوض ذلك، كما ويعبر عن حالة نقمة خاصة لمن يعانون بشكل مباشر جراء انتهاكات الاحتلال كعائلات الأسرى والشهداء".

"يهود وعرب"..

من ناحيته، يشير الكاتب والباحث ساري عرابي، إلى أن الأطفال الفلسطينيين متأثرون دوماً بالأجواء الكفاحية والنضالية ضد الاحتلال الإسرائيلي. 

ويوضح في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "منذ ثمانينات القرن الماضي وجيل الانتفاضة الأولى كانت لديهم لعبة مشهورة وهي عرب ويهود، ينقسم فيها الأطفال إلى قسمين يأخذ جزء منهم دور العرب وآخر الجنود، وتأخذ اللعبة شكل المواجهة والاشتباك، واستمرت هذه اللعبة لفترة من الزمن". 

ويشير "عرابي" إلى أن تأثر الأطفال في الأحداث بتغيير مسميات وأنماط الألعاب، برز في أحداث حرب عام 2014 في قطاع غزة، فظهرت لعبة يسمونها "قسام ويهود "كون كتائب القسام تصدرت المواجهة في حينه، حسب قوله.

 ويعتقد ضيفنا، أنه كلما تكثفت الحالة الكفاحية في المجتمع الفلسطيني كلما انعكس على جيل الأطفال، مضيفًا: "رغم أن المراحل الزمنية تلعب دوراً في انحصار هذا النوع من الألعاب، لأنه قديماً لم يكن أمام الأطفال إلا الخروج إلى الشوارع والحواري وأزقة المخيمات لممارسة ألعابهم، لكن اليوم مع تطور وسائل الألعاب عبر الجوالات وأجهزة الحواسيب ربما يغلب على كثر من الأطفال البقاء في البيوت". 

لكن هذه الألعاب، حسب عرابي، لا زالت مشاهدة وظاهرة وأكثر واقعية خاصة في المناطق التي تتكثف فيها الموقف النضالي كالبلدة القديمة بنابلس وجنين، حيث أن هناك عوامل تعزز من حضور هذه الألعاب لدى الأطفال؛ كون المنطقة كفاحية مكثفة، وهناك مطاردون، فضلاً عن طبيعة المنطقة التي تساعد على خروج الأطفال.