الساعة 00:00 م
الأربعاء 08 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.63 جنيه إسترليني
5.22 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.98 يورو
3.7 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

صحفيو فلسطين.. أعيادهم فسحة تُزاحمها "عَجقة" المتابعات الإخبارية

حجم الخط
صحفيو فلسطين
نابلس / غزة – وكالة سند للأنباء

تمنح الأعياد والمناسبات السنوية في فلسطين كما جميع دول العالم شرائح المجتمع المختلفة، فرصةً للتخلص من أعباء العمل، ولقاء العائلة والأصدقاء، لكن "مهنة المتاعب" تحرم أصحابها هذه الفسحة؛ في سبيل نقل الصورة الجميلة أو ربما الحزينة.

تشهد فلسطين أجواء غير مستقرة، حيث ينغص الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين فرحتهم، ويبدل مناسباتهم السعيدة أحزانًا، فتارة يقتحم المسجد الأقصى ويعتدي على المصلين فيه - كما حدث مؤخرًا في شهر رمضان الفضيل-، وأخرى ينفذ بها اغتيالات واعتداءات في الضفة الغربية، أو يقصف قطاع غزة بالصواريخ.

وهنا يكمن دور أصحاب "مهنة المتاعب" الذين تعتبر أوقاتهم ليست ملكًا خاصًا بهم، ففي أي لحظة مطلوب منهم تغطية حدث هنا، أو اقتحامٌ هناك، أو لربما مناسبة سعيدة كالتي نعيشها اليوم في عيد الفطر.

الصحفي كالطبيب

يقول الصحفي الفلسطيني سامر خويرة من نابلس، إنه قبيل إجراء اتصال فريق "وكالة سند للأنباء" به، كان يُجهّز لفريقه الصحفي جدول أوقات دوامهم فترة العيد؛ ليكون جاهزًا للمتابعة على مدار الساعة.

ويشبه "خويرة" الصحفي بالطبيب، فالاثنين يجب أن يكونا على استعداد كامل لتلبية نداء العمل حين يتطلب الأمر، فهما لا يعرفان العُطل ولا الإجازات ولا المناسبات ولا الأعياد.

ويضيف: "أول عملي في مهنة الصحافة، أخبرني مديري أنه في حال رغبت أن أكون صحفيا عليّ أن أعمل 24 ساعة كاملة، وإذا أردت أن يبدأ عملك الساعة الثامنة وينتهي حين تنتهي ساعات العمل عندها ستكون موظفا ولن تكون صحفيا، من يومها وأنا مؤمن أنه العمل الصحفي غير متربط بوقت".

ويشير إلى أن عائلته والمقربين منه تعودوا على نمط عمله، فهو على مدار 20 عامًا من العمل الصحفي، يخرج في السادسة صباحًا أو 12 بعد منتصف الليل، "طالما يوجد حدث ويلزم تغطيتي، فأنا موجود" وفق قوله.

الواجب الأخلاقي

ويؤكد خويرة أن الواجب الأخلاقي والمهني يُحتّم عليه إيثاره العمل على الراحة في المناسبات والأحداث أولاً، ثم إن المعلومة لن تنتظر صحفيًا للرجوع من إجازته، وحال لم ينقلها له، سينقلها غيرها ولربما بطريقة غير صحيحة، خصوصًا في ظل انتشار مجموعات "التلجرام" التي اعتبرها أخطر التطبيقات على العمل الصحفي المهني، لافتقادها المصداقية في كثير من الأحيان.

ويكمل ضيفنا حديثه: "قبولنا للعمل الصحفي، معناه قبولنا أن نكون بلا خصوصية لأوقاتنا، ففي أي لحظة قد يحدث اقتحام لنابلس مثلاً، أو حين أكون مناسبة خاصة، سأضطر للمغادرة فورًا لتغطية الحدث".

وتتفق الصحفية الفلسطينية من قطاع غزة غالية حمد، مع زميلها "خويرة"، أن الصحفي الفلسطيني الذي اختار "مهنة المتاعب"، يتوجب عليه أن يكون عين المواطن، وعلى جهوزية دائمًا وفي أي مناسبة.

العيد فرحة لا تكتمل!

وتقول "حمد" في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، أن قلة المناسبات السعيدة في غزة جعلت أهلها ينسون الأجواء الجميلة، مستدركةً: "الحمد لله على نعمة العيد، الذي يجعلنا ننقل بهجة وفرحة المواطنين في المناسبات السعيدة".

وترجع بالذاكرة لآخر عيد مرّ عليها قبل كتابة هذا النص، وهو عيد الأضحى 2022، حيث كانت تشارك عائلتها أجواء الأضحية وتقطيعها وطبخها على عَجَلْ، لأنها بعد ساعات قليلة ستكون على شاشة التلفاز تنقل احتفال المواطنين بأجواء العيد.

وتضيف: "الحقيقة عملنا وتغطيتنا في الأعياد تجعلنا نعيش فرحة منقوصة للعيد، خصوصًا إذا كان عندي تغطية خاصة في صباح العيد، إلا أن الجو مع العائلة له نكهة خاصة لا غنى عنها".

وكثيرًا ما تتعرض لسؤال: "يا غالية الدنيا عيد، أنتِ كمان اليوم شغالة؟"، لتجيب: "أيام إجازتكم بيكون وقت عمل إحنا الصحفيين".

وتعقّب أنه هذا الانشغال والغياب عن بيتها وأطفالها لتغطية الأعياد والمناسبات الجميلة، يجعلها في قمة السعادة، لأنها تنقل فرحة المواطنين بالأجواء الجميلة، بعيدًا عن الصورة التي تعود المواطن عليها من تصعيدات وحروب.

صحفيو غزة قادرون!

من جهته، يقول المصور الصحفي أشرف أبو عمرة، إن الاحتلال يتعمد التنغيص على المواطنين المناسبات الجميلة، وفي ذات الوقت يحرم الصحفيين من إحياء هذه الأجواء مع عوائلهم.

ويشير "أبو عمرة" في حديثه مع "وكالة سند للأنباء" إلى أنه وعلى مدار 21 عامًا من عمله، لا يذكر أنه قضى مع عائلته سوى مرة أو مرتين العيد، بدون عمله الميداني.

ويؤكد أن بصمة الاحتلال حاضرة في تعكير صفو أجواء العيد، حسبما وجد خلال عمله، بدءً من صلاة العيد التي يحضرها مصابون في استهدافات مختلفة، مرورًا بتغطية زيارة عوائل الشهداء قبور أبنائهم، وليس انتهاءً بفرحة الأطفال على "المراجيح" الذين قتلهم خلال عدوان 2014 في مخيم الشاطئ.

ويُبين أن الصحفي الفلسطيني ليس متخصصًا في تغطية المأساة، بل مطلوب منه إخراج صور الحياة اليومية والقصص الجميلة، وطقوس احتفال العائلات الفلسطينية بالأعياد والمناسبات كموسم رمضان بفعالياته المختلفة.

ويتابع أبو عمرة أنه يجب أن يشاهد العالم حب شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة للحياة، وعشقه لكل شيء جميل، وليس مكتوبًا عليه العيش بخوف ورعب الحروب والعدوانات، ونحن مصرون على إخراج الصورة الجميلة.

ويرجع "أبو عمرة" بالذاكرة إلى عدوان 2008 على قطاع غزة، الذي منع الاحتلال حينه دخول الصحفيين الأجانب لتغطية العدوان، وفق تخطيطه لمنع تصدير صور جرائمه للعالم، إلا أن قدرة الصحفيين الفلسطينيين على إظهار صور المجازر ضد المدنيين هزت العالم، وفاجأت الجميع، وتصدرت الصحف العالمية.

معاناة تواجه الصحفيين

ويواجه الصحفي الفلسطيني كثيرًا من المخاطر، فهم أولاً يتفقدون لوسائل الحماية التي كفلتها لهم القوانين الدولية، ومعرضون للاستهداف في أي لحظة، عدا عن غيابهم عن عوائل فترات طويلة، ولا يترك الميدان حتى انتهاء الحدث، الذي يمتد أحيانًا لأيام طويلة كما في عدوان 2014.

وأصيب "أبو عمرة" خلال عمله الصحفي عدة مرات، أولها برفقة الزميل الصحفي الشهيد فضل شناعة مصور وكالة رويترز عام 2008 باستهداف مباشر من مدفعية الاحتلال في منطقة حجر الديك شرق مدينة غزة.

والثانية لحظة قصف الاحتلال لمقر قناة القدس عام 2012، والأخيرة في مسيرات العودة 2018 حين أصيب بطلق ناري ولا يزال يعاني منها حتى الآن، والاحتلال يمنعه من تلقى العلاج في الخارج.

ومن واقع عمل ضيوفنا، أكدوا أن تجربة تغطية الأحداث صعبة وخطيرة، كون الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين بشكل مباشر لإثنائهم عن فضح ممارساته وجرائمه، مؤكدين أنهم مستمرون في التغطية كونها واجبًا وطنيًا.

في يناير/ كانون ثاني 2023، أكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، أن الاحتلال الإسرائيلي قتل 55 صحفيا فلسطينيا منذ عام 2000، مشيرة إلى تسجيل 900 انتهاكٍ بحقهم خلال العام 2022 المنصرم.