الساعة 00:00 م
الخميس 09 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.64 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.71 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

مصلى باب الرحمة.. معركة الأقصى المتجددة

حجم الخط
مصلى باب الرحمة
القدس - بيان الجعبة – وكالة سند للأنباء

تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات لتنفيذ التقسيم المكاني للمسجد الأقصى المبارك، واقتطاع مصلياته لمصلحة جماعات الهيكل الاستيطانية، وذلك عبر المحاولات المتكررة للسيطرة على مصلى باب الرحمة شرقي المسجد.

البداية كانت عام 2003، عندما أغلق الاحتلال مصلى باب الرحمة متذرعًا بحظر لجنة التراث الإسلامي، التي كانت تتخذ من المصلى مقرًا لها، وبقيّ المصلى مغلقًا إلا أمام امتحانات المدارس الشرعية في "الأقصى"، وفي ذلك الوقت كانت مفاتيح المصلى بحوزة دائرة الأوقاف الإسلامية.

وفي عام 2019، أقدم الاحتلال على تغيير أقفال المصلى بهدف السيطرة عليه، لتندلع إثر ذلك "هبة باب الرحمة"، التي تخللتها مواجهات متواصلة مع الاحتلال لبضعة أيام، قبل أن يسطر المرابطين نصرًا بفتح المصلى وإعادة استخدامه.

لحظة فتح مصلى باب الرحمة.jpg


فتح المصلى.webp
 

ومنذ فبراير/ شباط 2019 وحتى اليوم، يصارع مصلى باب الرحمة ضد مخططات الاحتلال بمصادرته واقتطاعه ليكون كنيسًا يهوديًا داخل المسجد الأقصى، أو أن يبقى بيد المرابطين ويرمم ويحسّن حاله كما مصليات الأقصى الأخرى.

في عين الاستهداف..

عضو لجنة القدس في هيئة علماء المسلمين محمود الشجراوي، يؤكد أن هجمة الاحتلال على مصلى باب الرحمة ليست جديدة، بل تمتد لأكثر من ٢٠ عامًا.

ويتحدث الشجراوي عن تفاصيل بناء المصلى: "هو مبنى صغير في المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى، ويُفصل بين الأقصى ومقبرة باب الرحمة بالأبواب الذهبية المغلقة، وهو عبارة عن تسوية تحت الأرض، مساحته تقارب ٣٠٠ متر مربع، وحوله ساحة تابعة له مساحتها ٥٠٠ متر مربع".

ويبين في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن مصلى باب الرحمة في عين استهداف الاحتلال؛ بهدف جعله بؤرة من بؤر تغيير وتهويد هوية المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى برمتها، لافتًا لوجود عدة أسباب لاستهداف المصلى تحديدًا دونًا عن غيره من المصليات.

ويكمل: "السبب الأول هو وجود بابين مغلقين من عهد صلاح الدين، والمعروفة باسم الأبواب الذهبية، وهي تفتح مباشرة إلى مقبرة باب الرحمة، وهي بالنسبة للاحتلال مدخلًا نموذجيًا للأقصى".

وتعتبر المنطقة الشرقية في المسجد الأقصى من أكثر المناطق إهمالًا؛ بسبب تراكم الأتربة ومخلفات فتح المصلى المرواني عام١٩٩٦، حيث لم يسمح الاحتلال بإخراجها، فتراكمت وجعلت المكان مهجورًا، وفق "الشجراوي".

ويستطرد: "الاحتلال يطلق اسم البستان الشرقي على منطقة باب الرحمة وكل ما يحيط فيه، ووضع مخططًا بالترتيب مع جماعات الهيكل للسيطرة على المنطقة برمتها، لذلك يُطيل المقتحمين الوقوف فيها وينفذون جميع طقوسهم من صلوات وسجود ملحمي وقراءة التوراة فيها".

مستوطنون قرب مصلى باب الرحمة.webp
 

ويوضح "ضيف سند" أن مخطط الاحتلال هو تحويل مصلى باب الرحمة لكنيس يهودي داخل المسجد الاقصى، فيما تحوّل الساحة المحيطة به لمدرسة دينية تلمودية، يوضع فيها المظلات والمقاعد وتقام فيها المحاضرات الدينية، كنوع من التدريج في تغيير هوية المنطقة الشرقية للمسجد وإعلان سيطرتهم عليها.

ويتكامل وجود كنيس في مصلى باب الرحمة ومدرسة دينية حوله، مع مسار المستوطنين عند اقتحامهم للأقصى، حيث يدخلون من باب المغاربة ويصلون "لكنيسهم"، مما يعني جعل مساحة الأقصى مباحة لهم، وبعدها سيسعون كما سابقاً لإدخال باب الأسباط ضمن مسار خروجهم من المسجد، بحيث تصبح دائرة كاملة مسيطر عليها، وهي بوابة وممر دخول ثم مدرسة وصلاة ونهاية بوابة خروج، بحسب ما يشرح "الشجراوي".

وتعرّض مصلى باب الرحمة لهجمة جديدة بدأت عناصر شرطة الاحتلال بتنفيذها منذ ثاني أيام عيد الفطر (22 ابريل/ نيسان الجاري)، حيث اقتحمت المصلى بعد تكسير أحد أبوابه، وخرّبت شبكة الكهرباء داخله.

وبعد يومين اقتحمت شرطة الاحتلال، المصلى وأخرجت جميع محتوياته ، بما يشمل الإنارة والمدافئ والمراوح، ونقلتها خارج المسجد.

إخراج محتويات باب الرحمة.jpg

وكان المعتكفون قد عملوا خلال العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل على توصيل شبكة الكهرباء إلى المصلى في ظل استمرار سلطات الاحتلال في منع ترميمه.

سيطرة تدريجية..

من جهته، يعتقد المحلل السياسي والمختص في الشأن المقدسي جمال عمرو أن اقتحام المصلى والاعتداء عليه بشكل وحشي ومصادرة محتوياته تدلل على أن الاحتلال اتخذ قراراً بوضع يده على "باب الرحمة" واعتباره الركيزة الأولى التي ينطلق منها إلى سائر أنحاء المسجد.

ويضيف "عمرو" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": أن "الاحتلال اتخذ قراره بشكل تدريجي، حيث عمل ويعمل على محاولة حجز المكان له ولمستوطنيه بإبعاد المصلين وحراس المسجد الأقصى عنه قدر الإمكان، بل ومنع التصوير نهائياً في المكان".

ويرى أن اقتحام المصلى المتكرر والإجراءات التي يتخذها الاحتلال بحق كل من يتواجد أو يقترب من المصلى، هي زامور الإنذار ومؤشر خطير جداً التقفه المصلين خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، عندما انقطع تواجد الاحتلال في الأقصى وتوقف تدنيسه.

مصلى باب الرحمة من الداخل.webp
 

ويكمل: "حسّن المعتكفون خلال رمضان البنية التحتية للمصلى، وتم تمديد الكوابل الكهربائية فيه لتوفير التهوية المناسبة والإنارة الجيدة، كما تم تنظيفه وترتيبه وتهيئته لاستيعاب أعداد المصلين الكبيرة التي تواجدت فيه، وهو ما أصاب الاحتلال بصدمة كبيرة، خاصة بعد اعتقاده أنه حقق إنجازًا كبيرًا وقطع وعدًا لجماعات الهيكل بأنه لن يتم إعادة تفعيل باب الرحمة كجزء أساسي من المسجد الأقصى".

لذا عمل الاحتلال بعد رمضان مباشرة _ والكلام لعمرو_ على إزالة كافة التمديدات وتخريب كل ما رممه المصلون، في محاولة لإرسال رسالة للمرابطين والمعتكفين بأن "لا مكان لكم في هذا المصلى، وإن كنا قد سمحنا لكم ببعض أيام للعبادة لكننا سنبقى أصحاب السيادة والحكم على المصلى وسنفعل به ما نريد".

ويؤكد "عمرو"، أن المرابطين والفلسطينيين لن يقبلوا بمخططات الاحتلال ومستوطنيه، وهم قادرون على إفشال مخططات الاحتلال كما أفشلوها مسبقًا.

مصلون في باب الرحمة.jpg
 

ويشدد "ضيف سند" على ضرورة التحرك الرسمي والعربي والإسلامي لصد عدوان الاحتلال على الأقصى، مؤكدًا على أن الاعتماد على الدفع بالناس العُزّل لمواجهة الاحتلال في الميدان ودفع الثمن لوحدهم فقط ليس بالحل الأمثل.

بدوره، يقول نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ ناجح بكيرات إن اعتداء الاحتلال المتكرر على مصلى باب الرحمة، هو محاولة للتضييق على الحضور الإسلامي فيه، وإثبات أنه المسيطر وصاحب السيادة.

لكنه يؤكد في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء" أن "تصرفات الاحتلال العدوانية في مصلى باب الرحمة لن تُحقّق أهدافها، فالمعركة حُسمت منذ سنوات، ولن تُفتح من جديد، وسيبقى المصلى للمسلمين".

ويلفت "بكيرات" إلى أن مصلى باب الرحمة هو جزء أصيل من المسجد الأقصى وسيبقى إسلامياً خالصاً لا يقبل القسمة ولا الشراكة.

باب الرحمة.webp

باب الرحمة 2.webp
 

وفي السياق، يحذّر المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات، من اقتطاع المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى لصالح المستوطنين، مضيفًا في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "بات واضحًا أن الاحتلال يخطط لاقتلاع كامل المنطقة الشرقية من الأقصى لبناء كنيس يهودي كبير، ليكرس تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً، وإيجاد حياة وقدسية يهودية فيه".

ويعتقد "عبيدات" أن المواجهة من بوابة الأقصى والقدس قادمة لا محالة، وإن تأخرت بعض الشيء فلم يكد ينتهي شهر رمضان حتى استئنف الاحتلال هجمته على الأقصى تحديدًا مصلى باب الرحمة الذي افتتحه المقدسيون عام 2019.

ويختم بالقول: "الاحتلال لم يهضم فتح المصلّى حتى اليوم، ولايريد أن يعترف به كجزء أصيل من مصليات المسجد الأقصى".