الساعة 00:00 م
الثلاثاء 07 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.7 جنيه إسترليني
5.28 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.74 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

تحليل اغتيال مقاومين بطائرة إسرائيلية مسيّرة في جنين.. قراءة في الدلالات

حجم الخط
طائرات مسيرة
القدس - وكالة سند للأنباء

بطائرة مسيّرة ولأول مرة منذ 17 عامًا اغتال الاحتلال مساء أمس الأربعاء ثلاثة مقاومين في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، ما يُشير إلى دلالات عدة أبرزها، تغيير "إسرائيل" لقواعد الاشتباك، لمجابهة حالة الردع التي نجحت التشكيلات العسكرية الفلسطينية في فرضها على أرض المعركة.

ونفذ جيش الاحتلال عملية الاغتيال باستخدام مسيّرة من نوع "زيك 450" في تعاون مع جهاز "الشاباك"، حيث قصف سيارةً كانت تقلّهم، مشيرًا في بيانٍ له أنّ أسلوب "التصفية من الجو" استُخدم آخر مرة في عام 2006.

وبحسب بيان لكتيبة جنين، فإن الشهداء هم صهيب عدنان الغول (27 عامًا) قائد أحد تشكيلات الكتيبة، وأشرف مراد السعدي (17 عامًا)، أحد مقاتلي الكتيبة، ومحمد بشار عويس (28 عامًا) أحد قادة كتائب شهداء الأقصى.

1.jpg
 

ويأتي استخدام المسيّرة، بعد قرارٍ إسرائيلي يقضي بتعزيز قوات الاحتلال في جنين وإرسال كتائب إضافية من الجيش إليها؛ خشية تنفيذ عمليات مقاومة، كما تقرر استخدام المسيّرات واللجوء إلى وسائل أخرى.

ونقل موقع "والا" الإسرائيلي عن مصدر أمني (لم يُسمه) أنّه بالرغم من التعزيزات العسكرية الكبيرة للاحتلال على محاور الطرق وحول المستوطنات وتنفيذ اعتقالات في صفوف الفلسطينيين، إلا أنّ هجومًا وقع وكان "مؤلمًا وصعبًا"، في إشارة إلى العملية التي نُفذت الثلاثاء الماضي قرب مستوطنة "عيلي"، وأسفرت عن مقتل 4 مستوطنين وإصابة 4 آخرين.

وتحدث المصدر عن قرار سياسي بتغيير "قواعد اللعبة" أمام العمليات التي تنطلق من جنين، وأنه تقرر تعزيز المنطقة بطائرات بدون طيار استعداداً لتدهور الأوضاع.

ووفقًا للمصدر فإن ما حدث "لم يكن اغتيالاً عادياً" (أي لم يُخطط له مسبقاً)، إنما جاء فقط بعد قيام "الخلية" بإطلاق نار قرب الجلمة، وتم رصدها واستهدافها، لافتًا إلى أنه "في حال لم يكن هناك خيار آخر، فإن الجيش سيستمر في استخدام الأدوات (المسيّرات) التي مُنع منها حتى اليوم".

تعبير عن خسائر مؤلمة..

على ضوء هذه التطورات يُجمع محللون في أحاديث منفصلة مع "وكالة سند للأنباء" أنّ لجوء الاحتلال إلى سياسة الاغتيال عبر "المسيّرات" يؤكد حالة الردع التي استطاع المقاومون فرضها على أرض المعركة، كما يُظهر فشل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بتحقيق أهدافها أمنيًا في الضفة.

ومع ارتفاع وتيرة التصعيد الإسرائيلي تجاه الضفة الغربية منذ بداية العام 2022، لجأ الاحتلال إلى استخدام الطائرات المُسيّرة خاصة في فترات الاقتحامات للمدن والقرى، تحديدًا في جنين ونابلس، بحسب ما جاء على لسان القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" ماهر الأخرس.

ويتابع "الأخرس" أنّ مشهد الطائرات لم يكن مألوفًا عند أهل الضفة، لكن مع بداية العام الماضي أصبحت المُسيّرات نشيطة بشكلٍ كبير في سماء الضفة.

يرى أنّ هذا الأسلوب تعبير عن الخسائر المؤلمة التي تعرضت لها قوات الاحتلال في جنين وارتفاع كلفة المواجهة في الاجتياحات التي تقوم بها بشكلٍ دوري للمدن والقرى، كما أنه يُشير إلى تطور قدرات المقاومة في إيقاع الخسائر بالاحتلال وآلياته.

مصفحة الفهد.jpeg
 

من جهته يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، إنه من المبكر الحديث عن إلغاء الاحتلال لفكرة الاجتياحات والاستعاضة عنها بالاغتيالات من الجو، لكنّ استخدام السلاح الجوي لأول مرة من 2006 يعكس حالة الردع التي حققتها المقاومة.

ويُشير "النعامي" إلى عدم وجود مبرر عملياتي يدفع جيش الاحتلال إلى استخدام هذا الأسلوب، خاصة وأنه يتواجد على الأرض في الضفة، لكنّ ذلك يشي بتغيير "قواعد الاشتباك" نتيجة ضعف وهشاشة هذا التواجد أمنيًا وعسكريًا.

ويُضيف أنّ المجتمع الإسرائيلي غير مستعد لدفع ثمن أداء المجهود الحربي في جنين وغيرها، وهو ما دفع المستويات السياسة الإسرائيلية، لمباشرة الاغتيالات واستئناف الفعل بواسطة "المسيّرات".

ويرى "النعامي" أن هذا الأسلوب من الملاحقة يفرض تحديات على المقاومة من ناحية؛ لكنه أيضًا يمنحها هامشًا من التحرك الداخلي، كون أنّ الطائرات غير قادرة على إحباط ما يدور في الداخل بشكل كامل.

تراجع قدرة الجنود على الأرض..

إلى ذلك يعتبر الخبير في الشؤون العسكرية واصف عريقات، ما جرى تأكيدًا واضحًا لتراجع قدرة الجنود الإسرائيليين على أرض الواقع.

ويستدل على ذلك بالقول: "عملية الاغتيال كانت على بعد أمتار قليلة من حاجز الجملة قرب جنين، المدجج بمئات الجنود والأسلحة، ولم يكن لديهم القدرة على الاشتباك والوصول إلى المقاومة، ما دفعهم للاستعانة بالمسيّرات".

ويؤكد "عريقات" أنّ هذا الأسلوب يشير لتنامي حالة الرعب لدى الجنود الإسرائيليين في المواجهة، كما أنه يُعبّر عن تطوّر قدرات المقاومة التي أجبرت الاحتلال، على إتباع وسيلة ملاحقة غير الجنود على الأرض.

تعبير مأزق وفشل..

ويتفق الخبير العسكري أمين حطيط مع "ضيوف سند" في أن تغيير الاحتلال لأدواته بإدارة مسرح العمليات، تعبير "مأزق وفشل في توظيف الأساليب التقليدية بتحقيق المهام المناطة بالجنود على الأرض".

ويُبيّن "حطيط" أن صعوبة الإخفاق يتمثل في المساس برمزية الجندي الإسرائيلي وقدراته، مقابل تقدم المقاتل الفلسطيني وقدرته على السيطرة في الميدان.

ويُسهب: "هذه السيطرة تشكل من ناحية حالة تقدم للمقاومة، وتعبر عن مأزق إسرائيلي في إدارة المشهد التقليدي للضفة التي كانت تعدّها الخاصرة الرخوة والفناء الخلفي، وجزء من سيادتها التي تبسط السيطرة عليها".

مواجهات.jpeg

ويلفت إلى أنّ هذا الأسلوب، يعكس تنوع الخبرات لدى المقاومة، فهي من ناحية كانت قادرة على التصدي، ومن أخرى على الإشغال، وهذا يشير لحالة الخوف الإسرائيلي من عمليات إطلاق النار التي كان يتجاهل الإعلان عنها وبدء تعامله الجدي للتخلص منها ومن آثارها.

ويعتقد "حطيط" أن المتغير الأبرز في تطورات الأوضاع الميدانية يتمثل في حضور الضفة كجبهة ماثلة في طاولة التحديات الاستراتيجية لدى "إسرائيل"، بعدما ظنّت أن عملياتها نجحت في تحييدها من مجموعة التحديات المحاطة بها.

ويختم بالقول: "باتت الضفة تفرض نفسها في المواجهة، عبر استدعاء مزيد من القوات والأسلحة عند أي اقتحام أو اشتباكٍ مسلح، بعدما كان كل ذلك محيّدًا لسنوات طويلة عن مسرح العمليات (..) وهذا نجاح يُحسب للمقاومة".