الساعة 00:00 م
الجمعة 17 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.68 جنيه إسترليني
5.21 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.02 يورو
3.7 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

نبيل خلف .. عائد من جحيم التعذيب فقد عائلته بمجزرة المعمداني

المرابط "عياد".. 21 عيدًا في السجن وسيف الاعتقال الإداري ينهش فرحة عائلته بالعيد

حجم الخط
الأسير المرابط محمود عياد.
بيت لحم - زيد أبو عرة - وكالة سند للأنباء

عيد تلو آخر، يمضي على عائلة الأسير والشاعر الفلسطيني محمود عبد الكريم عيّاد (34 عامًا) الملقب بـ "المرابط"، وهي تفتقد وجوده في البيت، ليحل العيد الـ 21 هذه المرة أيضًا بغيابه ودون أن يحتضن طفلتيه "أشرقت" و"وتين الروح".

"ليس العيد الأول لمحمود بالأسر، لكن هذه المرة قد يكون الأصعب، فطفلتنا أشرقت تعي غيابه، وتفتقده"، هكذا وصفت أمينة حلبية حالهم بالعيد في ظل غياب زوجها عنهم.  

 فأشرقت التي بلغت ثلاث سنوات، تعي تمامًا ماذا يعني أن يغيب والدها في العيد، وتردد "بدي بابا يروّح يعيّد معنا".

ويحرم الاحتلال أكثر من 5 آلاف أسير في سجونه من فرحة العيد، بينهم أكثر من ألف معتقل إداري و31 أسيرة، ليكون العيد بالنسبة لهم ولعائلاتهم وأحبتهم، مناسبة لتجدد الذكريات ونكئ الجروح التي لم تندمل أصلًا في غيابهم.

وتقول زوجة "المرابط" لـ "وكالة سند للأنباء" إن طفلتها أشرقت دائمة السؤال عن والدها، وتناديه دائمًا، مضيفةً: "أشرقت مثلها مثل باقي الأطفال، بحاجة لوالدهم في العيد، وهم يرون كل الأطفال مع آبائهم".

وأمضى "المرابط" قرابة عشر سنوات في سجون الاحتلال في ست اعتقالات متفرقة، غالبيتها في الاعتقال الإداري.

ميلاد واعتقالات..

ولد الأسير محمود عيّاد في مخيم الدهيشة، حيث نشأ وترعرع فيه وتعلم في مدارسه، فكان متميزا في تعليمه متفوقنا على أقرانه، وكان اعتقاله الأول في الصف الحادي عشر (17 عاما)، وفي السجن تم حرمانه من إكمال مرحلة التعليم بسبب سياسة الاحتلال في حرمان الأسرى من التعليم في حينه.

ورغم الحرمان من التعليم، إلا أنه في تلك الفترة من السجن عام 2006-2007 استطاع عيّاد الالتقاء بأصدقاء شعراء وتعلم على أيديهم قانون الشعر الذي أبدع فيه وتألق.

وتوالت الاعتقالات الواحد تلو الآخر، وفي الاعتقال الثالث تمكن من التقدم لامتحان الثانوية العامة في السجن بعد سماح إدارة السجون بتقديم الامتحانات بتلك الفترة، واجتازه بنجاح عام 2015، ليلتحق بجامعة القدس أبو ديس تخصص إعلام بعد خروجه من السجن عام 2016.

ولا يزال عيّاد على مقاعد الدراسة الجامعية في جامعة القدس، حيث تحول الاعتقالات المتكررة بينه وبين تخرجه.

فرح مؤجل..

وتسرد "أمينة" شيئًا من فصول الألم الذي يتكرر مع كل اعتقال لزوجها، قائلةً: "ارتبطت بمحمود نهاية عام 2016، وقبل زفافنا بأسبوعين، أعاد الاحتلال اعتقاله، وسرق منا فرحة أخرى، لتبقى فرحة الزفاف مؤجلة بقرارات إدارية لعامين متتاليين، ليتم زفافنا عام 2019".

وفي عام 2020 أشرق على بيت محمود وأمينة طفلتهما الأولى ليسمونها "أشرقت"، وبعد بضعة شهور أعاد الاحتلال اعتقاله مة أخرى وأمضى مدة عامين في الاعتقال الإداري وتم الافراج عنه عام 2022.

وفي مطلع هذا العام رزقهم الله بطفلتهما الثانية وأسماها "وتين الروح"، وما هي إلا بضعة أسابيع حتى أعيد اعتقاله قبل عيد الفطر الماضي بـ10 أيام.

وتردد زوجة الأسير: "بدنا نصبر ونقدّم، هذه ضريبة لا بد أن ندفعها ونحن الحمدلله راضون، وأكيد سيكون عوضنا من رب العالمين أجمل بكثير".

وتشير "أمينة" إلى أنها تحاول بهذه المناسبات تعويض ابنتيها قدر المستطاع عن غياب والدهما، وتعقّب: "لا شي يعوض مكان الأب، لكنها المحاولة ولو بجزء بسيط، فعند شراء لبسة العيد أقول لأشرقت أن والدها من اشترى ملابس العيد لها ولشقيقتها".

فرحة لا توصف..

وتحدثنا "أمينة" عن فرحة زوجها محمود في عيد الأضحى الماضي التي لم تكن توصف، حيث كان عيدا مميزا بوجوده قرب طفلته أشرقت، وحاول أن يعوضها بكل ما يملك عن الأعياد التي غاب فيهم عنها".

وتزيد: "عاش محمود جمال تلك الأجواء التي تسبق يوم العيد بالتحضيرات والمشاوير والمشي بالأسواق، وهو يمسك يد ابنته تارة، أو يحملها على كتفه تارة أخرى، كما أنه تمكن بفضل الله أن يضحي العيد الماضي، حيث كان في كل عام ينتظر أن يضحّي بيده وفي بيت أهله والعائلة كلها موجودة، لفد كانت أجواء فرح لا توصف".

وطالما كان "المرابط" يذكر إخوانه الأسرى خلال العيد الماضي، وتستذكر زوجته عبارة كان يرددها آنذاك: "يا الله شو إنهم مستكثرين هاي الفرحه علينا، وعلى أهالينا".

وتستدرك: "هذه اللحظات اليوم محمود محروم منها، ويفتقدها بشكل كبير ويتمنى ويحلم كل ليلة أن يعود إلى بيته وبناته ويعيش معها هذه الأجواء".

وتمضي باستذكار لحظات أخرى: "في عيد الأضحى عام 2020 كان محمود على كرسي التحقيق لدى الاحتلال، وحرمه المحقق من الاتصال بنا ومشاركتنا فرحة العيد حتى بالصوت، حيث كان يود في ذلك اليوم أن يطلب منا شراء أضحية، حيث جمّع ثمنها لشرائها شيكل فوق شيكل".

رسالة عوائل الأسرى..

وتدعو زوجة الأسير عيّاد أبناء الشعب الفلسطيني لتذكر الأسرى وعوائلهم في هذه الأيام وزيارتهم ومشاركتهم فرحة العيد وكل مناسباتهم.

وتقول: "زيارة عائلة الأسير تدخل السرور والفرحة على قلوبهم، الله وحده يعلم فيها وبحجمها، وكذلك أثرها على نفسية الأسير وصموده وثباته في سجون الاحتلال، ومن لا يستطع تقديم شيء للأسرى أن يكتفي بالصمت وعدم المزاودة على ما يقدموه من تضحيات ومن صبرهم وأهاليهم".

ويعد الأسير "عيّاد"، من الشعراء الذين سخَّروا موهبتهم لخدمة قضية الأسرى ودعمها بالقصائد والدواوين والروايات، وهذا كان سببًا رئيسي في اعتقالاته المتكررة لدى الاحتلال، إلا أنه لم يتراجع يوما عن المضي في جهاده بكلماته وشعره الذي قد لا يكون بيت في فلسطين إلا وسمع أناشيدًا قد ألّفها "المرابط".