الساعة 00:00 م
الإثنين 06 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.7 جنيه إسترليني
5.28 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.74 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

الشهيد محمد حسنين.. جريح وأسير ورحيل بعمر الورد

حجم الخط
الشهيد محمد حسنين
رام الله - أحلام عبد الله - وكالة سند للأنباء

21 عامًا ليست بالزمن الطويل إذا ما قيست بعمر الشباب، لكنها في حياة الشاب الفلسطيني قد تكون كفيلة ليعيش فيها شتى أشكال الألم، بل أن حياته قد تكون عند هذا الحد فقط!

بعمر الورد، رحل الشهيد محمد عماد حسنين من سكان مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، بعد إصابته برصاصة قناص إسرائيلي في رأسه مباشرة، عندما كان يقف بالقرب من سيارته يرقب المواجهات التي اندلعت الاثنين الماضي عند مدخل البيرة الشمالي، نصرة لجنين ضد العدوان الإسرائيلي على المدينة.

"من بين الآلاف ممن شاركوا بالمظاهرة تم قنص محمد، اغتياله كان متعمدًا"، هكذا يصف والد الشهيد ما حدث مع نجله يوم استشهاده، مضيفًا: "استهدف محمد برصاصة برأسه وهو يقف بالقرب من سيارته، لم يكن يشارك بالمواجهات حينها بسبب إصابته السابقة وعدم قدرته على السير جيدًا".

ويتابع "عماد" والد الشهيد حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "استهدافه كان اغتيالا لشخصه، فمحمد لم يتغيب عن المواجهات مع الاحتلال حتى بعد إصابته".

لم تكن هذه المرة الأولى التي يصاب فيها "محمد" برصاص الاحتلال، فحياته القصيرة التي عاشها كانت مليئة بالألم والاعتقال، حتى ختمت بالشهادة.

لحظات الحياة الأخيرة..

عن تفاصيل لحظاته الأخيرة مع عائلته، يحدثنا والده المكلوم: "تناول محمد وجبة العشاء الأخيرة له معنا، مازحنا وضحك معنا، قالت له أخته الصغرى: طششني يا حمودة، فأومأ برأسه غدا إن شاء الله، لكن الغد لم يأتِ".

يعود الأب ليوم ميلاد محمد في 25 أيار/ مايو 2002 في مخيم جباليا قطاع غزة، وكان يتوسط أخوته 5 ذكور و6 إناث، قبل أن يصبحوا 4 ذكور و5 إناث باستشهاد محمد، ووفاة إحدى شقيقاته قبل 4 شهور من استشهاده.

ويكمل: "ترعرع محمد حتى عمر الخامسة، في مخيم جباليا شمال القطاع، قبل ننتقل للعيش لمدينة رام الله عام 2009، في منطقة البيرة وسط الضفة الغربية، حيث أعمل ضابطا في الأجهزة الأمنية الفلسطينية".

مقاتل منذ الصغر..

اعتاد محمد منذ صغره على الذهاب للمواجهات مع قوات الاحتلال، على حاجز بيت إيل شمال مدينة رام الله، وفي عام 2018 أصيب محمد برصاصة في قدمه اليمنى خلال المواجهات، ومرّ بعدها برحلة علاج وتماثل للشفاء بعد سنوات، وفق والده.

وعندما بلغ محمد سن السادسة عشر والنصف، عام 2019، نصبت قوات الاحتلال كمينا له ولرفاقه في منطقة البالوع في رام الله، وأطلقت عليه الرصاص وأصابته مرة أخرى، لكن هذه المرة بخمس رصاصات حية، أحدها متفجرة أصابت قدمه اليمنى، وتسببت بقطع الشريان الرئيسي لقدمه.

ورغم خطورة إصابته، اعتقلته قوات الاحتلال فورًا، ونقلته عبر مروحية إسرائيلية من مستوطنة بيت إيل في رام الله، إلى مستشفى "تشعاري تصيدق" بمدينة القدس.

مساومة على الحرية..

يروي لنا والد الشهيد ما حصل مع ابنه حينها: "مكث محمد داخل المستشفى 100 يوم، خضع خلالها لعدة عمليات جراحية، لكن قوات الاحتلال لم تسمح له بإكمال علاجه في مستشفى تشعاري تصيدق، ونقلته لعيادة سجن الرملة بوضع صحي صعب".

وبعد فترة وجيزة، أفرجت سلطات الاحتلال عن الشاب محمد بسبب الوضع الصحي السيئ، حيث تهتكت جميع الأوعية الدموية في قدمه بسبب الإصابة، الأمر الذي أجبره على استخدام الكرسي المتحرك.

وحينها ساوم الاحتلال محمد على التنازل عن تحميل "إسرائيل" مسؤولية إصابته في قدمه مقابل الإفراج عنه، دون إشعار العائلة بذلك.

ويستطرد والده: "تنازل محمد تحت الضغطـ وألقوا به على قارعة الطريق عند حاجز بيت سيرا غرب مدينة رام الله، دون إبلاغنا أو التنسيق مع الصليب الأحمر (..) تلقيت اتصالًا من أحد المعارف يُخبرني بأن نجلي ملقى على الأرض عند إحدى الحواجز".

ونُقل محمد بعدها لتلقي العلاج في المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله، وخضع من ذلك اليوم للعلاج، حيث تمكن فقط قبل استشهاده بعدة أيام فقط من السير على قدميه بواسطة "العكازات".

محمد الصاحب..

وعن علاقة محمد بإخوته الثمانية ووالديه، يُخبرنا بعدما تنهيدة طويلة: "محمد لم يكن مجرد ابنا لي فقط، بل كان صاحبا، وزادت علاقتي به وخوفي أكثر عليه بعد إصابته واعتقاله".

ويتابع ضيفنا: "كنت أراقبه بصمت طوال اليوم بعد إصابته، لخطورة وضعه، فمحمد لم يتقبل نظرة الشفقة عليه رغم أن إصابته كانت تتسبب بانفصال العظم على اللحم إذا لم يتناول الجرعة المحددة له من الدواء".

واشترى والد الشهيد محمد لنجله سيارة خاصة به، ليستطيع التنقل بها والخروج ليلتقي بأصحابه، ولكن وجهته المفضلة كانت غالبا نقاط التماس مع الاحتلال، ليثبت وجوده رغم عدم قدرته المشاركة مع أقرانه.

ويختم حديثه بالقول: "رغم معرفتي بذهاب محمد لنقاط المواجهة بشكل دائم، لكني لم أكن أتوقع استشهاده".