الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

وقائعه متزايدة ومخاطره ممتدة.. الانتحار "ليس ظاهرة" في غزة

حجم الخط
الانتحار
غزة – مجد محمد – وكالة سند للأنباء

تتكرر حالات الانتحار في قطاع غزة بين الحين والآخر، وفي كل مرّة، تُثير جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حول الأسباب والمبررات التي تدفع المواطنين إلى اتخاذ قرار بوضع حدٍ لحياتهم؛ بالرغم من إيمانهم بأنّه من الناحية الشرعية حرام.

ويرى غالبية سكان قطاع غزة، أن الظروف الصعبة للحصار الإسرائيلي التي يعيشون في ظلها منذ أكثر من 17 عامًا، ساهمت في تراجع الصحة العقلية للعديد من الناس، فيما تعزو مؤسسات رسمية ارتفاع نسب الانتحار إلى أسباب اجتماعية.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، وثّق 20 حالة انتحار في قطاع غزة منذ بداية عام 2023 الجاري وحتى نهاية أغسطس/ آب المنصرم، بينما لا تتوفر أرقام حول عدد محاولات الانتحار التي لم تؤدي للموت خلال الفترة ذاتها.

وبالمقارنة مع العامين الماضيين، نجد أن وقائع ومحاولات الانتحار في قطاع غزة متزايدة، ويخبرنا بالأرقام عن ذلك مسؤول وحدة الرصد والبحث الميداني في المركز يامن المدهون: "في العام 2022 سجلت 18 حالة وفاة بسبب الانتحار في قطاع غزة، فيما تم تسجيل 19 حالة عام 2021".

انتحار.jpg
 

ويُشير في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" إلى أن محاولات الانتحار تشمل مختلف الفئات من الأطفال وكبار السن، والنساء والرجال.

"الانتحار لا يُعد ظاهرة في غزة"..

وبالرغم من هذه المعطيات، فإن مدير عام الصحة النفسية في قطاع غزة جميل سليمان، يؤكد أن "الانتحار في القطاع ليس ظاهرة" وأنّ فلسطين لا تزال تقع في ذيل قائمة الدول من حيث نسبة عدد المنتحرين.

ويوضح سليمان في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أنّ الأمراض النفسية بجميع أنواعها إحدى مسببات الانتحار أو التفكير فيه، مشيرًا إلى أنّ 70% من محاولات الانتحار ناتجة عن مشاكل اجتماعية وليست اقتصادية.

وتتوزع ستة مراكز لتقديم الصحة النفسية على خمس محافظات في قطاع غزة، إضافة لوجود مستشفى يقدّم خدمة متخصصة للمرضى الذين يحتاجون المبيت والعلاج في حي النصر بمدينة غزة، وفق "سليمان".

ويضيف سليمان أنه: "يوجد سبع وحدات صحة نفسية في المستشفيات، 2 في مدينة غزة، 1 بالشمال، وأخرى في المحافظة الوسطى، و2 في خانيونس، و1 في رفح،".

إلى جانب ذلك، يفيد بوجود ممثل عن الصحة النفسية والمجتمعية في مراكز الرعاية الأولية، للكشف عن الحالات قبل أن تُصبح مزمنة وتتفاقم المشكلة لدى أصحابها.

ويلفت "ضيف سند"، إلى أنه سيتم افتتاح مستشفى متكامل لعلاج الأمراض النفسية على شاطئ البحر في مدينة غزة، في شهر أكتوبر/ تشرين أول من العام القادم.

الانتحار21د.jpg
 

الأسرة والمجتمع..

وبحسب معطيات منظّمة الصحة العالمية فإن نسبة من يعانون مشكلاتٍ تتعلق بالصحة العقلية والنفسية في قطاع غزّة تُقدر بنحو 20% من عدد سكانه، وترتفع هذه النسبة في صفوف الأطفال الذين يعاني نحو 60% منهم من اضطرابات ومشكلات نفسية.

وهذه النسب من بين الأعلى في العالم، فنسبة البالغين في العالم ممن يعانون الاكتئاب نحو 5%، أي نحو 280 مليون شخص عبر العالم، يُقدِم على الانتحار من بينهم ما بين 700 ألف إلى مليون شخص كل عام، وفق المنظمة نفسها.

وفي ضوء ذلك يشدد مدير عام الصحة النفسية في قطاع غزة، على أهمية وضرورة وجود متابعة أسرية، ومعرفة إن كان هناك لدى الشخص أفكارًا انتحارية، وهل سبق أن فكر أحد بالعائلة بهذه الفكرة، حيث أن هذه الأسباب مقدمات للانتحار، ويجب أن تأخذ بعين الاعتبار.

ويردف: "عند رصد أي حالة لشخص يفكر بالانتحار يتم تحويله لأخصائي نفسي واجتماعي؛ لدراسة حالته ومساعدته، وهناك الكثير من الحالات التي عدلت عن الفكرة وعادت لممارسة دورها الطبيعي في الحياة".

ويبين، أن الانتحار ينقسم إلى نوعين: "شخص انتحر وفارق الحياة، وآخر يفكر بالانتحار، وهذا يكون بالأغلب من فئة الإناث لتحقيق مطلب معين، وتكون قد بلّغت عن ذلك لكي لا تموت، بعكس الرجال الذين ينفذون الانتحار مباشرة وبأساليب عنيفة أحياناً مثل التفجير أو السقوط من علو".

الانتحار (1).jpg
 

محرّم في القرآن والسنة..

وللوقوف على وجهة نظر الشريعة الإسلامية، يقول الداعية الإسلامي وائل الزرد: "إن الانتحار محرّم في القرآن الكريم والسنة، استنادًا لقول الله تعالى ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾.

أما في السنة النبوة، يستشهد الزرد بالحديث النبوي الشريف: (من قتَلَ نفسَهُ بحديدةٍ جاءَ يومَ القيامَةِ وحديدتُهُ في يدِه يتوجَّأُ بِها في بطنِهِ في نارِ جَهنَّمَ خَالدًا مخلَّدًا أبدًا، ومن قَتلَ نفسَه بسُمٍّ فَسمُّهُ في يدِه يتحسَّاهُ في نارِ جَهنَّمَ خالدًا مخلَّدًا).

ويُشدد في حديثه مع "وكالة سند للأنباء" أنّ "الشخص لا يملك نفسه حتى ينهيها، فالجسد والروح والنفس ملك لله تعالى وعلى العبد أن يكون طائعاً لله في كل شؤون حياته".

ويشير، إلى أن المنتحر بفعلته يتجنب طريق الخير والفلاح، خاصة أن هناك أحاديث كثيرة حذّر فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من أن يكون الإنسان سبباً في إنهاء حياته، اعتراضاً منه على قدر الله تعالى، وعدم الصبر على البلاء الذي نزل به.

ويتحدث عن خطورة التفكير في الانتحار، أو التأثير على شخص آخر ودفعه للانتحار استشهاداً بقوله تعالى: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم)، فمن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة حتى ولم يفعلها.

ويختم أن "خطوة الانتحار ومصيبته لا تمكن فقط في خراب الآخرة، فهو يلحق المعرّة الكبرى لوالديه وزوجته وأولاده وبناته أمام المجتمع بسبب هذا الفعل المشين".

انتحار4.jpg
 

الانتحار بالقانون..

من جهته يقول المحامي محمد حمدان إنّ القانون الفلسطيني لم يُعالج الانتحار كونه فعلاً خطيراً يقوّض الحق في الحياة، باعتباره حقاً من أساسيات حقوق الإنسان، وقيمة إنسانية تنطلق منها كافة الحقوق الأخرى، وإنما عالج محاولة الانتحار، ووضع لها التشريعات الصارمة التي من شأنها أن توجد الردع الخاص والعام لدي أفراد المجتمع.

ويوضح "حمدان" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن المادة (225) من قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936 الساري في قطاع غزة، تنص على أن كل من حاول الانتحار يعتبر أنّه اتركب جنحة، وكل من حمّل شخصاً على الانتحار أو أغرى شخصاً فحمله بذلك على أن سينتحر، أو ساعد آخر على الانتحار، يعتبر ارتكب حناية ويعاقب بالسجن المؤبد.