الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

تقرير "صبرا وشاتيلا".. أكثر المجازر بشاعة

حجم الخط
صبرا وشاتيلا
خلدون مظلوم - وكالة سند للأنباء

تمر اليوم، 16 أيلول/ سبتمبر، الذكرى الـ 37 لمجزرة صبرا وشاتيلا، والتي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي والميليشيات المسيحية اللبنانية في مخيم للاجئين الفلسطينيين جنوبي بيروت.

ففي الـ 16 من أيلول/ سبتمبر 1982، كان مخيما "صبرا" و"شاتيلا" على موعد مع مجزرة استمرت 3 أيام، وأوقعت المئات من المدنيين العزل شهداء، بينهم أطفال ونساء وشيوخ.

وقد عرفت فيما بعد باسم "مجزرة صبرا وشاتيلا"، والتي بدأت بعد أن طوق جيش الاحتلال، بقيادة وزير الحرب آنذاك أرئيل شارون، ورافائيل ايتان، المخيم.

وارتكبت بعيدًا عن وسائل الإعلام، واستخدمت فيها الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات التصفية لسكان المخيم.

حيثيات وبدايات المجزرة

ارتكبت قوات الاحتلال والميليشيات المسيحية اللبنانية، المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي، المجزرة التي قتل خلالها المسلحون النساء والأطفال.

وكانت معظم الجثث في شوارع المخيم قبل أن تدخل الجرافات الإسرائيلية لجرف المخيم وهدم المنازل لإخفاء الجريمة.

وسبق المجزرة حصار إسرائيلي لمخيمات اللجوء الفلسطينية، انتهى بضمانات دولية بحماية سكان المخيمات العزل بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت.

لكن الدول الضامنة لم تفِ بالتزاماتها وتركت الأبرياء يواجهون مصيرهم قتلًا وذبحًا وبقرًا للبطون.

ونُشرت المليشيات اللبنانية، من قبل الاحتلال والجيش الجنوبي بزعم البحث عن مقاتلين فلسطينيين في المخيم وحوله.

المجزرة وقعت في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين (جنوب بيروت) وحي صبرا اللبناني الفقير، بعد يومين من اغتيال الرئيس اللبناني المنتخَب بشير الجميل.

وبدت كأنها انتقام لمقتل الجميل الذي كان زعيمًا للمليشيات اليمينية المتعاونة مع إسرائيل.

وجاءت المجزرة بعد يوم من اجتياح القوات الإسرائيلية بقيادة أرئيل شارون (وزير الحرب آنذاك في حكومة مناحيم بيجن) غرب بيروت وحصارها المخيم.

وتمت بناءً على مزاعم بأن منظمة التحرير الفلسطينية، التي كان مقاتلوها قد غادروا لبنان قبل أقل من شهر، خلّفوا وراءهم نحو 3 آلاف مقاتل في المخيم.

أعداد الضحايا

قدرت المنظمات الإنسانية والدولية عدد الشهداء، بينهم لبنانيون وعرب وغالبيتهم من الفلسطينيين، بين الـ 3500 إلى 5000 شخص، من أصل 20 ألف نسمة كانوا يسكنون المخيم وقت حدوث المجزرة.

وجاءت التقديرات وفق شهادة الكاتب الأمريكي رالف شونمان أمام لجنة "أوسلو" في تشرين أول 1982، والذي قال إن الشهداء كانوا من 12 جنسية.

وكانت وكالة "أونروا"، قد أسست عام 1949 مخيم شاتيلا بهدف إيواء المئات من اللاجئين الذين تدفقوا إليه من قرى عمقا، ومجد الكروم، والياجور في شمال فلسطين بعد عام 1948.

وفي تقريرها النهائي استنتجت لجنة التحقيق الإسرائيلية من مصادر لبنانية وإسرائيلية أن عدد القتلى بلغ ما بين 700 و800 نسمة.

وأشار تقرير إخباري لهيئة الإذاعة البريطانية BBC إلى أن عدد الشهداء في المذبحة وصل إلى 800.

وقدّرت بيان نويهض الحوت، في كتابها (صبرا وشاتيلا- سبتمبر 1982)، عدد الضحايا بـ 1300 نسمة على الأقل، حسب مقارنة بين 17 قائمة تفصل أسماء الضحايا ومصادر أخرى.

وأشارت في ذات الكتاب إلى أن حوالي الـ 484 من الضحايا لا يزالون بحكم المخطوف والمفقود، ولم يعد أي منهم.

وأفاد الصحافي البريطاني روبرت فيسك، بأن أحد ضباط الميليشيا المارونية (الذي رفض كشف هويته)، قال إن أفراد الميليشيا قتلوا 2000 فلسطيني.

أما الصحافي الإسرائيلي الفرنسي أمنون كابليوك، قال في كتاب نشر عن المذبحة إن الصليب الأحمر جمع 3000 جثة، بينما جمع أفراد الميليشيا 2000 جثة إضافية، مما يشير إلى 3000 قتيل في المذبحة على الأقل.

واشنطن أعطت الضوء الأخضر

ويعتقد المفكر والكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي، أن الإدارة الأمريكية هي من تتحمل المسؤولية "لأنها أعطت الضوء الأخضر للمؤسسة الإسرائيلية باجتياح لبنان في العام 1982".

ورأى تشومسكي أن الولايات المتحدة "غدرت" بالحكومة اللبنانية والفلسطينيين حين أعطت الطرفين ضمانات بسلامة الفلسطينيين بعد مغادرة الفدائيين بيروت.

واستطرد: "إلا أن القوات الأمريكية انسحبت قبل أسبوعين من انتهاء فترة تفويضها الأصلية بعد الإشراف على مغادرة مقاتلي منظمة التحرير، قبل أن توفر الحماية للسكان المدنيين".

لجنة كاهان

وعلى أثر المجزرة أمرت الحكومة الإسرائيلية، في تشرين ثاني (نوفمبر) 1982، المحكمة العليا، بتشكيل لجنة تحقيق خاصة.

وقرر رئيس المحكمة إسحاق كاهن، أن يرأس اللجنة بنفسه، وسميت "لجنة كاهان"، وأعلنت اللجنة في 7 شباط (فبراير) عام 1983 نتائج البحث.

وأقرت بأن وزير الجيش آنذاك، شارون، يتحمل مسؤولية غير مباشرة عن المذبحة إذ تجاهل إمكانية وقوعها ولم يسع للحيلولة دونها.

كما انتقدت رئيس الوزراء مناحيم بيغن، ووزير الخارجية اسحق شامير، ورئيس أركان الجيش رفائيل ايتان وقادة المخابرات.

وأوضحت أنهم لم يقوموا بما يكفي للحيلولة دون المذبحة أو لإيقافها حينما بدأت.

ولم تتخذ اللجنة التابعة لسلطات الاحتلال، أي إجراءات فعلية بحق شارون، حيث استقال من منصبه ليعود بعد ذلك رئيسًا للحكومة ويواصل ارتكاب المجازر في الأراضي الفلسطينية.

مقتل أبرز المتهمين في المجزرة

وعام 2002، وتحديدًا في 24 كانون ثاني/ يناير، قتل الوزير اللبناني السابق إيلي حبيقة في انفجار سيارة ملغومة في ضاحية الحازمية في بيروت الشرقية، وقتل معه 3 من مرافقيه.

وقد رجح مراقبون وقتها أن اغتيال حبيقة جاء بعد أن أبدى استعداده للإدلاء بشهادته أمام الجنايات الدولية حول مجزرة صبرا وشاتيلا، ورجحوا أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية من قام بالاغتيال.

ويعد إيلي حبيقة من أبرز قيادات حزب الكتائب اللبناني، وكان من أبرز المتهمين في مجازر صبرا وشاتيلا، والتي نفذتها القوات اللبنانية (الجناح العسكري لحزب الكتائب اللبناني).

قتل الآمنين

وتصف الباحثة والكاتبة الفلسطينية، روزماري صايغ، مشاهد المذبحة التي عاينتها: "كانت المناطق المستهدفة مزدحمة بالسكان المدنيين العائدين حديثًا من المناطق التي نزحوا إليها أثناء الحرب التي من المفترض أنها انتهت عمليًا".

واستدركت: "لقد كان القلق يرتسم على وجوههم حول ما سيحمله لهم نظام بشير الجميّل الجديد، شعر الناس ببعض الأمن لحقيقة أنهم غير مسلحين، وبالتالي غير مستهدفين من قبل أحد".

ولفتت النظر في كتابات لها: "كان العديد من ضحايا المجزرة يمسكون بوثائقهم الشخصية وكأنهم كانوا يحاولون إثبات قانونيتهم".

وقالت "إحدى فرق القوات الخاصة (اللبنانية) يقودها إيلي حبيقة دخلت إلى المنطقة من خلال تلال الرمال المطلّة على حي عرسان المقابلة لمركز القيادة الرئيس لقوات الجيش الإسرائيلي".

وبيّنت: "فرقة أخرى دخلت من خلال الحدود الجنوبية الشرقية للحرش، ما بين مستشفى عكا وشارع أبو حسن سلامة".

ونوهت: "قامت قوات الجيش الإسرائيلي بتوفير العديد من أنواع الإسناد والعتاد والمؤونة اللازمة للعملية، حيث تحكمت بمحيط المنطقة ومنعت أي إنسان من الهرب خارج المخيمات".

"قامت بإضاءة سماء المنطقة لكشف الزقاق والشوارع وقنص كل من يحاول الهروب وإحكام إغلاق جميع مخارج ومداخل المنطقة"، وفق شهادة روزماري.

وأكدت: "تم ذبح وقتل واغتصاب الآلاف من اللاجئين واختفاء آلاف أخرى".

وعندما أعطت إسرائيل أوامر الانسحاب للقوات الخاصة اللبنانية بعد يومين أعمال القتل والذبح (18 أيلول/ سبتمبر 1982) كان المخيمان قد دمرا عن بكرة أبيهما على رؤوس اللاجئين.